المطرب المغربي توفيق شكران في حوار حصري بألوان
أغنية (هجرتك) لكوكب الشرق ام كلثوم كانت وراء شهرتي
تعاملي مع ملحنين مغاربة لإغناء وتنويع مساري الغنائي
أبت ” ألوان ” إلا أن تستضيف ضمن حواراتها الأسبوعية فنانا – من المملكة المغربية – يلقب بكامل الأوصاف وعندليب ميد راديو، هو رجل تعليم قبل أن يكون فنانا، حاصل على الاجازة في التاريخ، الأمر الذي يؤهله لتوظيف تجربته وامكاناته الفنية في خدمة منظومة التربية والتكوين عامة والناشئة خاصة على تربية المستهدفين على الحس الجمالي، والتذوق الفني منذ بدايتهم التعلمية الأولى، وفي إطار حرصنا على التنوع والتنويع، نترك للفنان شكران المجال للبوح حصريا لقراء ألوان
بدء نرحب بكم استاذ شكران بألوان، راجين التفضل بالحديث عن تجربتكم الفنية، انطلاقا من البدايات ومرورا بالتأسيس / التقعيد، ووصولا إلى الامتداد وضمنه المشاريع الخاصة بكم خلال هذا الموسم الدراسي، الذي استفدتم فيه من التقاعد النسبي، للتفرغ للمهام الفنية؟
اتقدم بالشكر الجزيل للفاضلة ” زهرة منون “، ومن خلالها لكل الطاقم العامل والساهر على إخراج هذا المنبر الاعلامي، من أرض الغربة بالديار الكندية
لقد بدأت مشواري الفني، عندما وطأت قدماي المعهد الموسيقي بمدينة مراكش، وظل يسكنني حتى بعد عودتي – عندما حصلت على الاجازة – إلى مسقط رأسي بمنطقة ” هوارة” قرب أكادير، لاشتغل أستاذا للتعليم العمومي، وبقي التحصيل الموسيقي يلازمني إلى الآن، مما جعلني ملزما بتخطي الكثير من الصعاب والمشاق، والالتحاق بالمعهد الموسيقي بمدينة اكادير، وتوج تواجدي به، بحصولي على دبلوم السنة الثامنة آلة
نعلم أن المهام التربوية التعليمية بمختلف اعباءها تبقى يومية، فكيف كنت توفق بين المسؤولية البيداغوجية والشغف الموسيقي والفني؟
اكيد جدا أن الجمع بين الشرفين ” العمل التربوي ” و ” الإبداع الفني ” ليس سهلا ، فقد استوجبا مني الكثير من التضحيات لأبقى في خدمة تلامذتي واعدادهم للنهل من احواض المعرفة لخوض غمار الحياة الانية والمستقبلية ، واحافظ – في نفس الوقت – على شغفي الموسيقي ، وتطوير ابداعاتي وفق ما يخدم قناعاتي الفنية ، وينسجم مع ما أؤمن به من رسائل حياتية ، وفي هذا الإطار جاءتني فكرة إنشاء جمعية موسيقية ، تسهم في تقريب الرؤى الفنية وتجمع بينها ، وفي نفس الوقت أزاول – بعد التدريس طبعا – التلحين والإنتاج ، فأفرزت باكورة أعمالي قطعة غنائية تحت عنوان ” اكبر من الدنيا والعالم ” تغنيت خلالها بالأم باعتبارها منبع الحنان – وذلك خلال سنة 2010 – الكلمات للشاعر المغربي ( عمر التوزاني) ومن تلحيني . وبعدها بسنتين غنيت “راجع ليك ياوطني ” وهي من كلمات (عمر التوزاني) وتلحين المرحوم (احمد كورتي). وكما تلاحظون فإن انتاجي – خلال هذه المرحلة – كان قليلا، بحكم انشغالي المهني الذي كان يقيدني ويحد من انتاجي الفني، بحيث لم يكن بإمكاني المشاركة في اي تظاهرات أو مهرجانات فنية خارج مدينتي
نستحضر الحديث عن البعد العلائقي بين العملين التعليمي، والفني، الم تفكروا في خلق تنسيقية فنية تجمع بين كل الفنانين والموسيقيين المنتمين إلى حقل التربية والتكوين على غرار مدن أخرى؟
رغم الايمان المطلق بجدوى وفاعلية التنسيقية الفنية، إلا أن هناك الكثير من المعيقات التي حالت دون تحقيقها، اذكر على سبيل المثال لا الحصر: اكراهات التنقل، وازمة الوقت، وقلة الامكانات المادية – أن لم أقل غيابها – ناهيك عن التحفيز المنعدم… وغيرها كثير، حالت دون خلق اي تنسيقية، فانزوى كل منا في أفق محيطه الضيق. وفي نفس الوقت تولدت لدي فكرة خلق (منتدى) يجمع ما بين البعدين الفني والثقافي، مما سيعود على الناشئة عامة، والمنطقة خاصة بالنفع الكبير، غير انه هو الاخر لم يتحقق ، لغياب مساعدات الجهات المسؤولة ، وأمام كل ذلك ، غيرت بوصلة الاتجاه نحو القيام بالعديد من الأنشطة الفنية والثقافية ، بشكل تشاركي وتضامني مع العديد من المؤسسات التعليمية المتواجدة بالمنطقة ، وكان آخرها تنظيم لقاء تربوي تحت إشراف هيئة التفتيش التربوي ، توليت خلاله توضيح وتقريب مفهوم ودور الموسيقى في الحياة المدرسية بالنسبة للناشئة
في إطار الحديث عن حضور البعد الموسيقي والفني في العمل المدرسي نستحضر اغنيتك ” باني الاجيال “، فهلا أطلعتنا عن قصتها، إذ تعتبر تكريما لكل نساء ورجال التعليم؟
بالعودة لهذه الأغنية التي اغنت مساري الفني ، اقول انها جاءت كحدث طبيعي منسجم مع حفل تكريم احد المفتشين التربويين، اشتغلنا معا من أجل مصلحة الناشئة لمدة طويلة ، فأحببناه كثيرا لصدقه واجتهاده وعطاءاته المتنوعة ، ولتكريمه اقترحت الفكرة على احد الشعراء ، فجاءت هذه الأغنية كنتيجة طبيعية بمناسبة تكريمه ، وحتى اكون معكم صادقا اقول بأني صرت أغنيها في كل المناسبات التكريمية أو الاحتفالية الخاصة بنساء ورجال التعليم، بالمنطقة التي اشتغل فيها ، بل صارت تغنى في مختلف أنحاء الوطن ، كلما كانت هناك مناسبة لأي تكريم يطال نساء ورجال التعليم، لأنها تعبر عن المحبة الصادقة والعميقة التي نكنها لهم ، أينما تواجدوا
من الطبيعي جدا أن يبقى كل فنان مرتبط ببيئته، فماذا عن حضور منطقتك ” هوارة ” خاصة، والميزان الهواري عامة في مختلف إبداعاتك الغنائية؟
في البدء لابد من الإشارة إلى أني أنتمي إلى ” اولاد تايمة ” التي تسمى محليا ب” هوارة” أو “أربعة واربعين” ، وهي اكبر مدينة من حيث عدد سكان الإقليم ” تارودانت ” ، وتقع بالضبط على الطريق الجهوية بين مدينتي أكادير وتارودانت ، شخصيا اعتز وافتخر بكوني احد ابناء هوارة المخلصين ، وكثيرا ما بقيت سجين حلم راودني منذ زمن مضى ، ويتلخص في أن أنجز عملا فنيا هواريا بطريقة عصرية ، فجاء المخاض وولدت اغنية ” انا هواري” التي جمعت ما بين اللون العصري والايقاع الهواري والدقة الهوارية، وهنا افتح قوسين لأقول بأن الدقة المعروفة في الميزان الشعبي المغربي ، هي هوارية الأصل قبل أن تكون مراكشية . وللتذكير اقول بأن معظم الملحنين المغاربة يعمدون إلى استعمال مختلف الايقاعات التي يزخر بها التراث الشعبي، ويستعصي عليهم الاستناد إلى الإيقاع الهواري الاصيل بطقوسه وديته، ويمكن أن أزعم قائلا بأنه والى اليوم، لم يستطع اي أحد أن يبني عملا هواريا متكاملا، باستثناء الفنان والملحن : عبد العاطي أمنا
بين الحين والآخر اجدني منغمسا في كل ما يزخر به الفن الشعبي الرصين، فنهلت من معظم الألوان المغربية بدء من “الهواري ” – بحكم الانتماء – ثم الانفتاح على ايقاعات أخرى ك “الركادة” التي أنتجت اغنية “انا لي علمتك الحب “، وهي من كلمات الاستاذ الفنان (محمد دليزة) وتوزيع الفنان (فؤاد خدري). وهناك أيضا اغنية “كنبغيك ” التي تصف الحبيبة بكونها [قمر سماية منور، شمس طالعة في كل فجر] وقد ركزت في ايقاعاتها على اللون الطربي البلدي المنتشر في منطقتي ” ارفود والريصاني ” – بالجهة الشرقية من المغرب -. اما فيما يتعلق بالانفتاح على باقي الايقاعات فهناك اغنية ” اشنو يدير القمر ” التي جمعت فيها بين الايقاع الامازيغي والكناوي، وهي من أداء الفنانة المغربية (عتيقة عمار). وعلى النت هناك اول اغنية شبابية من تلحيني للفنانة الهوائية (حسناء حسن)، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فسأقول أن بجعبتي الكثير من الأغاني الشبابية، وستظهر عندما اجد لها الاصوات المناسبة والمنسجمة مع ايقاعاتها
لقد عشنا الكثير من المحطات والأحداث، خلال هذه الألفية، على جميع الاصعدة وطنيا وعربيا وحتى دوليا، فكيف واكبت فنيا هذه المحطات الزاخرة بالأحداث؟
فعلا لقد عرفت هذه الألفية احداثا كثيرة ومتنوعة ، وقد حاولت أن اواكب كل ذلك بصفتي فنانا واستاذا ، موظفا قدراتي الفنية في كل المجالات الثقافية الفنية والاجتماعية، فتغنيت بالمرأة أغنية ” توأم روحي” وهي من ألحان الفنان المقتدر(محمد بونار) وكلمات الاعلامي ( محمد ياسر ملين) ، وتغنيت بالوطن” راجع ليك ياوطني ” ، وغنيت لقضية الأمة العربية قاطبة ، فلسطين الغالية ” عودي فلسطين ” ، وهي من كلمات الشاعرة( امينة الدياج)، واثارتني ظاهرة قوارب الموت فغنيت ” ياراكبا موج البحار” وهي من كلمات (مولاي الحسن الحسيني). ولم يغفل هذا الريبرتوار الجانب الديني كذلك.. وعموما يبقى كل ذلك غيض من فيض، يضيق المجال على التعرض اليه كاملا
إحدى المقالات المنشورة تقول أن(بيكاسو) قال: الفنان الجيد يستعير، والفنان العظيم يسرق! وفي عبارة مماثلة، يقول الشاعر الانجليزي (ت. س. اليوت) صاحب ” الارض اليباب ” ما معناه أن الشاعر المبتدئ يحاكي، والشاعر الناضج يسرق! وقد ورد على لسان الموسيقي (سترافينسكي) العبارة نفسها تقريبا عندما قال: الملحن المتواضع يقترض …. والعظيم يسرق! ما ردك على هذه الادعاءات؟
ان عمليات الإبداع في مختلف الفنون، تبقى من القضايا الشائكة المعقدة جدا، ويقتضي الخوض فيها بعضا من الحياد المغلف بالدقة وبعد النظر. شخصيا أرى لو استأصلنا فكرة (السرقة)، سيما وانه في الماضي لم تكن هناك وسائل التواصل كما اليوم ، والتي يمكن الاستناد اليها، أو التعامل معها والتأثير بها أو فيها، ثم أننا لم نتعرف على الكثير من التحف الفنية إلا من خلال روائع فنانين كالموسيقار محمد عبد الوهاب واسمهان وفيروز وفريد الاطرش وغيرهم كثر، أصوات أطربتنا وشدتنا إليها بشكل كبير، وبالتالي فحتى عندما نسمعها من اصحابها الغيرأصليين، فإنا لن نتذوقها بنفس الدرجة التي هي عند المطربين المشار إليهم سلفا. الأمر تغير بدرجة كبرى مع مختلف المستجدات ، والاختراعات التكنولوجية ، والتقنية التي لحقت ميدان الإبداع بصفة عامة، وأضحى معها ما يسمى بالسرقات الفنية امرا مستساغا ، لدرجة أننا نسمع لحنا معينا، وبعد مدة ، نسمع نفس اللحن للعديد من الأغاني، قد يرجع الأمر لتوارد الخواطر، كما قد يعود ذلك إلى الرغبة في ركوب عالم الشهرة (البوز) بفضل نجاح الأغنية/الأصل، وللأسف الشديد، وبعيدا عن كل اتهام مجاني، نجد أن هناك العديد من الموزعين يتسابقون لجني الارباح، واتحمل كامل مسؤوليتي في القول بأن بعض المحسوبين على المجال الإبداعي، يلجأون إلى اختيار لحن معين في أجهزة التسجيل بالاستيديو ويضيفون عليه الكلمات، في انتظار صوت مراهق(ة) جديد(ة) سعيا وراء تحقيق ما لم يحققوه
نود أن نسألك عما يمكن أن يميز الحانك الشخصية عن ألحان الآخرين؟
في بداية مشواري الفني، واعتمادا على موهبتي ودراستي الموسيقية بدأت بالتلحين الشخصي، وتوسيع دائرة العطاء الفني وتنويعه، ارتأيت أن انفتح على ملحنين اخرين، وذلك بحثا عن إضافات فنية بنكهات جديدة لأعمالي من جهة، واغناء ملفي الفني بإضافة درجة مشرفة لمساري الفني، وبذلك تعاملت مع الكثير من الملحنين اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد بلخياط – عبد العاطي امنا – أحمد كورتي – محمد بونار
لوسائل التواصل الاجتماعي دور مهم في التعريف والاشهار، هل لك ان تحدثنا عن الدور الذي قدمته لك في التعريف بمسيرتك الفنية عامة، وبداية شهرتك خاصة؟
الأغنية التي تعرف علي من خلالها الجمهور هي اغنية (هجرتك) لكوكب الشرق ام كلثوم، خاصة منها مقطع (صعبان علي جفاك) وهو الموجود – حاليا – على صفحتي بالتيك توك، وقد حصد في ظرف يوم واحد، ستون ألف مشاهدة، ليرتفع الرقم إلى مائة ألف، واستمرت دالة المشاهدات في الارتفاع، وهي الآن تقارب 600 ألف مشاهدة، وقد تفضل بعض الاحبة الخليجين إلى نشره على صفحاتهم ، ليتجاوز رقم المشاهدات ثمانية مائة ألف . وعن قصة هذا المقطع الموسيقي الذي تبوأ المرتبة الأولى خليجيا أقول بأنه جاء ولادة طبيعية لجلسة حبية، طُلب مني خلالها أن أغني فكانت تلكم النتيجة المبهرة، ومنها خرجت بقناعة أساسها أن النجاح لن يكون بالبهرجة والاستناد إلى المعدات الصوتية والاضواء، وإنما هو وليد الصدق وجودة العطاء والمباركة من العلي القدير
إلى أي حد يمكن أن نقول بأن الاعادات الطربية للأغاني المغربية القديمة جاءت رغبة منك في إبراز قدراتك الصوتية؟ أو أنها جاءت من باب التكريم والوفاء لمطربي الزمن الجميل؟
اهتمامي وولعي بالأغنية المغربية هو امتداد طبيعي للمدرسة التي نهلت منها وتربيت عليها وتتلمذت بها على استاذتي الاجلاء – فرحمة الله على من انتقل منهم إلى عفو الله ، وأطال عمر من لازال منهم على قيد الحياة أمثال: الموسيقار عبد الوهاب الدكالي – عبد الهادي بلخياط – محمد الحياني – فتح الله المغاري – محمد فويتح – محمود الادريسي والقائمة طويلة، ومن باب التذكير أقول بأن اغنية ” سولني الغزال ” التي لحنتها سنة 2014 وهي من كلمات الشاعرة المراكشية (سلوى بنعزوز) ، قد لاقت اقبالا منقطع النظير عبر الاثير في برنامج (ليالي ميد راديو) الذي كان يشرف عليه آنذاك الاعلامي (جليل الشليح) ، وبهذه الأغنية لقبني جمهور المحبين والمتابعين ب” عندليب ميد راديو”
حدثنا عن سر حضور آلة العود، وتفاعلك المميز معها في أعمالك الفنية؟
اهتمامي بآلة العود، جاء نتيجة طبيعية للاقتناع الفني اولا والدراسة الموسيقية ثانيا، إلى أن أصبحت الآلة التي أعتز بها، وأضحت سلطانة الآلات الطربية توأما أبديا لروحي، فهي سندي ومتكأي الفني في كل السهرات، فغدت احساسا وشعورا حاضرا في كل أعمالي الفنية ثم للتجاوب الكبير لجمهوري الحبيب المنتشر ليس في المغرب فحسب، بل عبر امتداد خريطة الوطن العربي من الماء حتى الماء
نود أن نعرف تقييمك للأغنية المغربية الحالية في مقارنة لها مع ما كانت عليه أيام زمان؟
مع دوامة الحياة ، بفعل مختلف التطورات التي لحقتها ، الشيء الذي حولها إلى بقايا أو آثار سائرة إلى الانزواء في ذاكرات الرواد ، مطربين وملحنين وزجالين – رحمة الله عليهم جميعا – ، وحتى فإن من بقي منهم لم يعد في امكانهم إعطاء المزيد ، أمام اندثار المادة الخام ، وانصراف الإعلام – بمختلف انواعه – إلى ما هو شبابي وعصري ، وخير شاهد على ما ادعيه هو غياب القنوات ، والبرامج الخاصة بالكلاسيكيات الوطنية وحتى الدولية ، الأمر الذي يجعل شبابنا لا يعرفون اي شيء عن الموروث الوطني الفني والثقافي، وبذلك سهل أمر اختفاء معظم الروائع التي تركها الرواد – رحمة الله عليهم أجمعين – أمثال: [ عبد الوهاب اكومي واحمد البيضاوي وعبد السلام عامر وبهيجة ادريس واحمد الغرباوي ….] . ويمكن القول بأن الأغنية الشبابية العصرية هي اليوم في بداية المشوار، وفي إطار التنوع نجد أن هناك الكثير ممن يتنقل بين مختلف الايقاعات الغربية والخليجية والتركية وحتى الهندية، باحثا عن خانة للتموقع والتواجد، متناسين أن بلادنا تزخر بالكثير من الايقاعات الغنية والمتنوعة بتعدد اقاليمنا وغناها الإبداعي، الذي هو في أمس الحاجة إلى التنقيب والبحث والغربلة الفنية، لتسهل عملية النهل منه والاستناد اليه، حفاظا على اصالتنا وثراتنا
نود منك اخبارنا عن المدرسة التي تنتمي إليها بخصوص العزف على “السلطانة “كما أسميتها، وقد تتلمذت على يد شيخ الفنانين (سي عبد الله عصامي)؟
تعددت المشارب المدرسية التي نهلت منها في عزفي، ففي البدء، كنت اجدني مشدودا إلى الفنان والمبدع العبقري رياض السنباطي، والموسيقار عبد الوهاب الدكالي، والفنان مارسيل خليفة. اما عن سي عبد الله عصامي فهو الاستاذ الذي علمني مبادئ العزف على العود ، وللذكرى تحضرني حادثة طريفة معه ، ففي 1987 كنت قد تسجلت في (معهد الحارثي ) بمراكش من أجل دراسة العزف على العود ، وكنت قد ولجت المعهد متأخرا ، فلم اجد اي استاذ يعلمني العود فقال لي استاذ ” الصولفيج ” لم يبق لديك إلا الاستاذ عصامي ، وعليك أن تنتظر عودته من السفر ، ولما التقيته قال لي بالحرف الواحد : ياولدي أنا لا اداوم الحضور بالمعهد ، ولا اتي إلا من شهر لشهر تقريبا ، فقلت له اعطني قطعة للتدريب ، وكلما رجعت ستجدني مجدا ، فرسم لي العود في دفتر ، وحدد لي خلاله الأوضاع التي ينبغي أن تكون اليد عليها ، مبينا لي طريقتي الصد والرصد ، وبعد شهر كان موعد الامتحان ، فتواجدت بصالة العزف التي حضرها مجموعة من الأساتذة المشرفين ،وشرعت في العزف بمهارة تحفها الجرأة و الثقة في النفس، وقبل أن انتهي من العزف، اوقفتني اللجنة متسائلة عن اسم استاذي ، فكان ردي : انه سي عبد الله عصامي ، فضحك الجميع ، لأن استاذي كان قد نسيني، فقالوا له لديك عازف ماهر ونسيته .ومن ذلك اليوم بدأت حكاية عشق العزف على العود
حوار ممتع معةمبدع زاوج بين الفن والتربية فابدع في الاثنين ومما أعطى نكهة للحوار هوثرى الأسئلة وعمقها تحياتي للاستاذة زهرة ولقيتها الكريم
شكرا أستاذ الحريري على المتابعة للموقع. صادق التحيات.ألوان