“ألوان” في حوار حصري مع المبدعة المغربية أمل برادة

“ألوان” في حوار حصري مع  المبدعة المغربية أمل برادة

الكتابة لا تعرف لا جنسا ولا دينا ولا وطنا

اخترنا الكاتبة والشاعرة المغربية أمل برادة التي ساهمت مؤخرا في معرض الكتاب بباريس لتعرض كتبها وهي المعروفة بكتاباتها باللغتين العربية كما بالفرنسية لحوار هذا الاسبوع،
وقفنا مع الأديبة المغربية على مسارها الإبداعي، فكان الحديث ممتعا ومفيدا، نترك القراء والمتتبعين لاكتشاف ما تحدثنا عنه من أمور…

 الأستاذة أمل برادة ألحت على هذه المقولة في افتتاح الحوار:

في البداية أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لجريدة “ألوان” في شخص الصحافية المتميزة زهرة منون ناصر على الاستضافة.

بداية ماذا تعني الكتابة اليك؟

 الكتابة بالنسبة لي شريان الحياة. هي بمثابة علاج نفسي ومهرب ألوذه كلما أحسست بالرغبة في التنفيس عن مشاعر أو أفكار تراودني ويتعسر على التعبير عنها شفويا لسبب من الأسباب التي تفرضها أصول التواصل الإيجابي.

كيف ابتليت بهم الكتابة ومن كان له الفضل في هذا التوجه الادبي؟

منذ طفولتي وانا أحب تدوين خواطري وكتابة أبيات شعرية أتقاسمها مع أصدقائي وأساتذتي الذين كانوا يشجعونني على الكتابة ويتأملون لي بمستقبل واعد في مساري الأدبي. وبعد مغادرة أبنائي لبيت العائلة أضحت الوحدة تقلق مضجعي وكانت الكتابة هي المنقذ والملاذ الروحي حيث شاركت في مسابقة على الانترنيت مع دار النشر الفرنسية “لي بيرسي” بإرسال قصيدتين. كان الاختيار إيجابيا وطلب مني البعث بأربعين قصيدة من أجل نشر ديوان شعر. كان الفضل لابني المقيم في الديار الفرنسية في السهر على «Ame solitaire» «Edition les persees» عملية النشر حتى رأى مؤلفي الأول النور بعنوان: “الروح الاحادية ”  

 ما هو أحب الفنون الابداعية اليك ولماذا هذا الاختيار؟

في البداية كان الشعر الفن الابداعي المفضل لدي، لأن الملكة كانت زاخرة ولا زالت والحمد لله، لكن بعد ذلك أردت أن أكتب الرواية أيضا، وفعلا نشرت روايتين واحدة باللغة العربية والثانية بالفرنسية، وقد ترجمت هاته الاخيرة للغة الانجليزية من طرف دكتور مغربي أستاذ جامعي بدولة النيفادا.  كما كتبت حكايتين للأطفال، وقمت بترجمة ديوانين للشعر من اللغة العربية للغة الفرنسية.  التنوع محبذ عند الكاتب إذا كانت ملكته تساعده على ذلك.

كتابة الشعر صارت مثل الفطريات …. في كل موقع ومكان من وسائل التواصل الاجتماعي نجد شعراء وقصائد ليس لها من الشعر شيء….

ما تعليقك عن هذه الحالات ؟

ماذا عساني أقول. فعلا هي ظاهرة اكتسحت وسائل التواصل الاجتماعي. منها الصالح والطالح. وهنا أذكر مقولة أحد الناشرين “صديق لي”: قال لي عندما سألته عن بعض الدواوين التي كانت معروضة عن سبب نشرها وهي لا تمت للشعر بصلة. ان تلك مسألة عادية قائلا: “كيف سيفرض الأدب المميز نفسه إذا لم يكن هناك مجال للمقارنة بين المصنف والرديء”. لم أكن أشاطره الرأي، ولكن ما يزعجني كثيرا هو ذلك الشعر الذي ينظم على منوال قصائد الاخرين، وفي بعض الأحيان بسرقة أعمالهم الأدبية دون أي مراعاة للملكية الأدبية. وهنا تفرض المقولة الاتية نفسها: ” ان لم تستح فافعل ما شئت“.

– تكتبين الشعر منذ سنوات طويلة باللغتين العربية والفرنسية! اي اللغتين تحسينها أكثر نبعا في تعاملك مع القصيدة؟

في الحقيقة أحب الكتابة باللغتين. ويبقى النبع الوفير حسب ما تفيض به الملكة. أعتذر عن كثرة استعمالي لهذا المصطلح، ولكن ما أريد أن أؤكده هو أنني لا أنضم شعرا تحت الطلب. أدون مشاعري أفكارا دون سابق انذار.

 –هل تعتقدين أن القصيدة ما زالت تقرا من قبل الناس ام تراها تبقى حكرا على المهتمين فقط! ؟

 لكل فن عشاقه. القصيدة كانت ولا تزال صوت صريخ لأحاسيس فياضة بالألم والحنين، بالحب والاستنكار، بالمودة والعتاب الى ما لذلك من مشاعر تعبيرية عن مواقف اجتماعية، سيكولوجية، سياسية أو غيرها وستجد على الدوام آذانا صاغية خاصة في عصرنا هذا الذي ساد فيه الظلم والاستبداد وتبقى الريشة هي الملجأ الوحيد والسالم للتخفيف عن النفس.

 -حدثينا عن تجربتك ومشاركتك في معرض الكتاب بباريس؟

كانت تجربة رائعة حيث كان المغرب، موطن رأسي، ضيف الشرف على المعرض هاته السنة. كنت أحس بالفخر والاعتزاز… وأنا أوقع كتبي لقراء واصدقاء من الجالية المغربية المقيمة بباريس. كما أذهلني الكم الهائل من الزوار الوافدين على المعرض والمتعطشين للقراءة والبحث عن الجديد من الاصدارات في شتى الميادين. آنذاك أحسست أن الكتاب الورقي لازال بخير وأن الثقافة الرقمية لم تكتسح بعد مساحته بصفة كلية. كما أنه كان فضاءا رحبا للتواصل، والتعارف، وتبادل الأفكار والتجارب.

 -هل تؤمنين بالكتابة النسائية؟

الكتابة لا تعرف لا جنسا ولا دينا ولا وطنا. الكتابة فن للتعبير يتجرد من كل الحيثيات كيفما كانت نوعيتها. هي نوع من الابداع المحايد عنوانه الحرية تم الحرية في تدوين الخواطر والأحاسيس.  لذا فمن المستحب أن يلغى مصطلح الكتابة النسائية ويقتصر على فن الكتابة بشكل عام خاصة أننا لما نتكلم عن ربان طائرة، أو دكتور، أو مهندس أو مسؤول سياسي لا نفرق بين الجنسين. أليس كذلك سيدتي الفاضلة؟

 -ما تقييمك للإبداعات النسائية بالمغرب ان كنت تتبعين الساحة الأدبية الثقافية وما ينشر باستمرار؟

كما قلت هناك الصالح والطالح في الابداع سواء كان نسويا أم ذكوريا. عرفت الساعة الثقافية المغربية ابداعات نسائية متميزة ذات صيت عالمي منذ زمن بعيد وطوال العصور كالشاعرة سارة الحلبية والكاتبة الشهيرة فاطمة المرنيسي والفنانة التشكيلية الشعيبة والكاتبة خناثة بنونة والشاعرة تريا السقاط إلى جانب جيل جديد من النساء المبدعات اللواتي بصمن ولا زلن يبصمن المجال الثقافي بإبداعاتهن سواء في الشعر، أو الرواية، أو النقد أو الفن التشكيلي وما الى ذلك من أنواع الابداع.

 ماذا عن تجربتك مع النشر؟ 

هي تجربة مشوقة وغنية بالمعارف حيث أعتبر ان انضمامي للجنة المشرفة على النشر بدار النشر الفرنسية “قافلة الفنون” التي يرأسها الأديب المخضرم فتحي بوراس الملقب ببارولا والمقيم بين الديار الفرنسية والمغربية والذي يعمل جاهدا على نشر حب الكتابة لدى الاطفال وكل من له قريحة الابداع دون استثناء، مهما كانت جنسيته، أم جنسه أم مستواه الاجتماعي. ونحن في اللجنة المشرفة نعمل ساهرين على ضمان الجودة واحترام المعايير في الكتابة قبل النشر.

هل يؤثر تكوينك كأخصائية نفسية على إبداعاتك؟

من البديهي أن يكون للتكوين حضور قوي في مسار الفرد. أحببت أم كرهت.. ينبجس التحليل السيكولوجي لكتاباتي شعرا كانت ام رواية وحتى في علاقاتي الاجتماعية أميل للتدقيق في سلوك الآخر وعقليته اللاشعورية. كما أن تدريسي لمادة تقنيات التواصل والتعبير لسنين طويلة كان حافزا لي لتدوين مكتسباتي في مؤلف انا بطور كتابته.

 -سمعت أن لك حضور في أنشطة المجتمع المدني…

بالطبع.. أشغل منصب مستشارة ب “مؤسسة يوم فاس” والتي تعمل جاهدة على إعادة مجد هاته المدينة العتيقة كما أحل نفس المنصب ب “معهد صروح للثقافة والإبداع“. هاته الجمعية التي تسهر على نشر الابداع الثقافي في كل تجلياته. بالإضافة انا عضوة أيضا ب “مؤسسة بوابة فاس” التي تكرم في دورتين كل سنة تلة من المبدعات والمبدعين المغاربة في شتى الميادين. وقد حظيت بتكريم منها دورة أكتوبر من السنة الماضية. وأخيرا اشغل منصب مكلفة بمهمة بمؤسسة بوربون مونبوسيي الفرنسية.

 اترك لك كلمة أخيرة:

أملي ألا تبقى الساحة الثقافية في المغرب حكرا على بعض الأسماء المعروفة من المبدعات والمبدعين الذين اشتهروا بالديار الأجنبية والذين يستفيدون من عرض أعمالهم بالمعارض الدولية والمراكز التجارية الكبرى بالأولوية ويتم دعوتهم بالأسبقية لكل المنتديات والمهرجانات الثقافية وكذا القنوات الإعلامية.  

حبذا لو تلتفت وزارة الثقافة المغربية وكذا القنوات الاعلامية المغربية للمبدعات والمبدعين الجدد داخل الوطن وتمنحهم فرصة التعريف بمنجزاتهم التي لا تقل أهمية عن سابقيها. كما أتمنى أن تشكل مستقبلا لجنة مختصة لمراقبة الجودة في ميدان الكتابة والنشر.

أعيد مرة اخرى شكري وامتناني لكم عن الاستضافة وعن هذا الحوار الشيق. أتمنى أن اكون عند حسن ظن قراء هاته الجريدة القيمة.

بيوغرافيا للشاعرة: 

حاصلة على الإجازة في العلوم -الاقتصادية من كلية العلوم الاقتصادية والقانونية ظهر المهراز فاس
حاصلة على الإجازة في علم النفس الاجتماعي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز فاس
– حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في علم النفس اللغوي.
-أخصائية في تكوين تقنيات التعبير والتواصل قرب مقاولات ومؤسسات وطنية.
. عضوة بمعهد صروح للثقافة والابداع.
– عضوة بمؤسسة يوم فاس وجمعية بوابة فاس.
– عضوة في هيئة التحرير لدار النشر الفرنسية “قافلة الفنون”.
– حاليا استاذة بالمعهد العالي للسياحة والفندقة بفاس.
– كاتبة وشاعرة لها عدة اصدارات

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية :مديرة موقع صحيفة ألوان: منبر إعلامي شامل يهتم بالأدب والثقافة ومغاربة العالم. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر. رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل :jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *