حوار حصري مع السيد عزيز الرباح لموقع “ألوان” 3/3

حوار حصري مع السيد عزيز الرباح لموقع “ألوان” 3/3

أومن بأن الوطن لا يحتمل وجود الحزب المهمين ولا الزعيم المنافس…

أجرى المقابلة : لحسن وريغ  

نواصل نشر الجزء الثالث من الحوار الحصري مع السيد عزيز الرباح تناولنا فيه محطات في تجربة  غنية  في العديد من المناحي وتصوره للحياة السياسية والمجتمعية بالمغرب.

كنت ولا زلت أومن بأن الوطن لا يحتمل وجود الحزب المهمين ولا الزعيم المنافس.. وهذا الشعار سبب لي مشاكل عديدة مع إخوان لي داخل الأمانة العامة للحزب. فالوطن لا يحتمل وجود الحزب المهيمن، حتى لو كان صُنِع من طرف الإدارة، ولذلك وعبر التاريخ صنعت أحزاب من طرف الإدارة وعندما كبرت انشطرت.
بلدنا لا يحتمل وجود الزعيم المنافس لأن نظامنا السياسي ارتكز منذ القدم على أن شخص الملك هو الذي يحكم والباقي مطالب بالتعاون معه. وعندما أسمع وأقرأ من يردد عبارة “الملكية البرلمانية”، التي تعني أن “الملك يسود ولا يحكم”، أرد على حملة هذا العبارة بأن المغرب يحتاج ملكية تنفيذية مع وجود حكومة قوية.
هكذا بني النظام الملكي بالمغرب، وبالتالي نحن نتوفر على ملك يسود ويحكم والجميع هم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. صحيح أني ناضلت بكل ما أوتيت من جهد ومعرفة في سبيل الحزب الذي اخترت الانتماء إليه عن طواعية، وباسمه دخلت غمار الانتخابات التشريعية بمدينة القنيطرة سنة 1997، وتحت لوائه عينت وزيرا لفترتين (وزير التجهيز والنقل سنة 2012 ووزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة سنة 2017)
ودافعت في كل المحافل الوطنية والدولية عن فكر حزب العدالة والتنمية وعن مرجعيته الإسلامية.. وساهمت بما لا يعد ويحصى من المقالات الصحفية لتوضيح هوية هذه التجربة الحزبية المغربية.

(مقاطعا) ولكن لماذا قررتم إحداث القطيعة مع الحزب؟
– أولا، أعتز بكل المدارس التي تربيت فيها، سواء كانت عائلية أو اجتماعية أو حركية أو مهنية، وعلة ذلك أن هذه المدرسة ساهمت في صياغة شخصية عزيز الرباح. وإذا كنت قد اخترت أن أبتعد عن الممارسة الحزبية من خلال “العدالة والتنمية”، فهذا لا يعني أني تبرأت من تاريخي ومن مدرستي الحزبية.. فلن أسيء لها، حتى لو لاحظت أمورا لا تعجبني… و (لا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير. البقرة: 237).
ماذا تعلمتم من الحركة الإسلامية التي شكلت مرجعيتك الفكرية والسياسية؟
– تعلمت من الحركة الإسلامية ما يلي:
أولا: ألا مستقبل للأمة بدون دينها وقيمها.
ثانيا: الإصلاح والمساهمة في التنمية وليس الحكم.
ثالثا: الإصلاح محكوم بالتدرج والتعاون مع الغير على الخير.
رابعا: نفع الناس والوطن من أوجب الواجبات.
خامسا: الشر ممنوع تجاه الخصوم.
والجدير بالذكر أني كنت مساهما في صياغة جزء من هذه الأرضية المرجعية التي حكمتنا داخل الحركة الإسلامية لسنوات طوال. وعندما شعرت أن كل ما راكمته من تجارب ومعارف داخل وخارج الحركة والحزب لا يجب أن يبقى حبيس كياني، أردت أن أتقاسمه مع الآخرين ببعض النصح والعمل لصالح الوطن والمواطنين. ويمكن للقارئ أن يستشف من جوابي هذا أني كنت منذ بداياتي الأولى ابن العمل المدني والعلمي والفكري قبل الحزبي. ففي ثمانينيات القرن الفائت، أسست أول حركة مدنية نخبوية لمساعدة البلاد وهي “مركز الأبحاث والخبرات”(سركيس)؛ ثم أسسنا بعد ذلك أول تجمع للمهنيين المتوسطين وأطلقنا عليه اسم “أمل” الخاص بالشباب الذي يفكر.. وعندما يسألني البعض عن مرجعيتي لا أجد سوى الجواب التالي: أنا لست إسلاميا وإنما مرجعيتي هي تمغربيت.
هل هذا وعي شخصي لم يكن يتقاسمه معكم أعضاء حزبكم؟
– لا.. أعتقد أني كنت أتقاسم هذا الوعي مع غالبية النخبة المعتدلة. وبالتالي يجب أن نفهم هذه الأشياء:
+ نحن مسلمون لكننا لا نلتقي لا مع مسلمي الشرق ولا الجنوب ولا الشمال.
+ نحن أفارقة ونعتز بإفريقيتنا، لكننا لا نشبه الأفارقة.
+ نحن عرب ونعتز بعروبتنا، لكننا لا نشبه عرش الشرق.
+ نحن أمازيغيون ونعتز بأمازيغيتنا، لكننا لا نشبه الأمازيغيات الموجودة في أماكن ما…

إذن كل هذه المكونات العرقية والدينية امتزجت تاريخيا وجغرافيا وساهمت في إبداع هذا المكون الحضاري الذي أطلقت عليه صفة “تمغربيت”.

اليوم، يعود السيد عزيز الرباح إلى الساحة من خلال إطلاق جمعية جديدة تحمل اسم” المبادرة الوطن أولا ودائما”… لماذا تأسيس هذا الإطار الجمعوي وما هي أهدافه؟
– عندما كنت وزيرا في حكومة بلادي سنة 2016، بدأت في استشارة عدد من الشخصيات الوطنية و أخبرتهم أني لا حظت وجود فراغ واضح في الحقل الوطني، وبالتالي أفكر في تأسيس حركة إصلاحية بعيد كل البعد عن التموقعات السياسية والإيديولوجية. وصارحت الجميع بأني أفكر في الخروج من
العمل الحزبي والتفرغ لهذه الحركة الإصلاحية والتنموية التي ستشتغل من خارج الصندوق (out box)

ألم يكن من الممكن تأسيس هذا الإطار داخل الحزب؟
– سأكون معك صريحا وأخبرك بأن جميع الأحزاب السياسية تقوم بهذه الوظائف لكن بخلفيات حزبية. وأنا أدعوك أن تجري بحثا استقصائيا حول واقع المؤسسات الحزبية الوطنية:
+ كم من البرامج النسائية أنجزتها الأحزاب المغربية..؟
+ كم من البرامج الشبابية أنجزتها الأحزاب المغربية..؟
أنت تعرف أن المجتمع المدني يساهم بشكل كبير في تأطير النساء والشباب وحتى الأطفال أمام غياب شبه تام للحضور الحزبي (دور الشباب نموذجا).
وبناء عليه، فإن ارتباط الأحزاب السياسية بالهاجس الانتخابي المناسباتي جعلها بعيدة كل البعد عن إنجاز برامج للتوعية والتنمية، وفرض عليها حفر فجوة واسعة بينها وبين الجانب الإنساني.
عندما غادرت الوزارة بعد نهاية فترة استوزاري الثانية رفقة الدكتور سعيد الدين العثماني، أعدت إحياء فكرة تأسيس هذه المبادرة حيث قمت بوضع لائحة أولية مع تحضير أرضية للعمل. ترتكز أهداف المبادرة على مبادئ أساسية ألا وهي:

الإصلاح والتنمية والحياد والبعد عن الإيديولوجيا والأمور الشخصية والإيمان بثوابت الأمة والنزاهة… ثم سطرنا على أننا لسنا تجمعا للدراويش وإنما ملتقى للوطنيين الفاعلين. وبالتالي، فهذه الجمعية مفتوحة في وجه كل من توفرت فيه شروط ومعايير العضوية.
لماذا اختيار “الوطن أولا ودائما” كشعار لمبادرتكم؟
– تطلب منا اختيار شعار “الوطن أولا ودائما” أكثر من ستة أشهر، عقدنا خلالها لقاءات حضوريا وافتراضيا من أجل الاتفاق على شعار يوحدنا ويحدد هوية مبادرتنا.
أطلقنا عبارة “المبادرة” لأننا نعتبر أنفسها أشخاصا جاؤوا ليبادروا وأن يكون فضاؤهم مفتوحا في وجه المبادرين الذين يرغبون في تقديم الواجب الوطني، وحددنا مجالات اشتغالنا حيث رفضنا أن نكون حركة للمطالبة بالحقوق.
وفي عبارات مختصرة وعناوين موجزة، يمكن أن أصف لك المبادرة بكونها تسعى إلى: القيام بالواجب، احترام القانون، المساهمة، خدمة الوطن، نحن أكثر حركة وتكتل واتحاد، الترافع على القضايا الوطنية، الدفاع عن الثقافة المغربية، لسنا تجمعا حزبيا أو عائليا، الدفاع عن الهوية والقيم والأسرة، الإسهام في المسار التنموي للوطن، الاقتراح والمبادرة، تأطير الشباب والنساء وحاملي الشهادات، التعاون مع القيادة الرشيدة لجلالة الملك ومع كل الشركاء والمعارضين لنا…

رأس مال “المبادرة” هو الحياد. بمعنى أن مبادرتنا لا ترفض ولا تقبل الحكومة كيفما كانت مرجعيتها.. نحن أحرار في إثارة الانتباه إلى الكثير من الملفات التي تعاني منها البلاد ونسعى لتقديم مقترحاتنا بكل موضوعية ونزاهة.. يحدث مثلا أن نتفق أو نختلف مع التيارات الأخرى لكننا سنبقى أمناء لحيادنا وسنعبر عما نراه ضروريا لتجاوز الأزمات والمشاكل ولا نلزم به أحد.
وفي هذا الإطار، أخبر الرأي العام الوطني، من خلال منبركم هذا، أننا أطلقنا حركة لتأطير الشباب في العديد من المجالات ونستعد لإطلاق مؤسسة الأسرة، كما نفكر في خلق هيئة للمهنيين وشبكة البحث العلمي والتدريب على قيادة المستقبل… نحمد الله على أن البداية مشرفة حيث نتوفر اليوم على أكثر من عشرين فرعا عبر العالم.

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية مديرة وإعلامية موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بمغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل و المراسلات:jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *