المنجز العربي…

المنجز العربي…
الصورة من -موضوع-

 تلميع أصنام الجهل في غياب المعرفة.

         د.محمد جستي

لا يمكن قراءة المنجز العربي بمعزل عن السياق المرجعي المعرفي أو الإيديولوجي، دون الإشارة إلى بعض التحولات في ثلاث محطات رئيسة: النهضوية منها و الثورية و الردة.
كثيرا ما يتسابق البعض في تلميع صور أشخاص أقذر من القذارة، يعتبرونها ضرورة لإعادة صياغة صيرورة أناس يعيشون بلا مبادئ ويموتون بلا شرف. إنها خيارات المعاناة للجهل المركب في غياب المعرفة. حتى ولو كان الجاهل يلتزم السكوت لأنه لا يجيد فن الكلام، ويلتزم الحكيم الصمت في موقف معين حينما يتأكد من أن الكلام غير مجدي .
لقد ساهم الإعلام و مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مبالغ فيه في تلميع صور مدبري الشأن العام من كبار المسؤولين الفاشلين، ما يتنافى واختيار المسار الحقيقي بدلا من البحث عن الطمئنينة المزيفة. بينما يفضل الإنسان الحزن الحقيقي عن الفرح الزائل الذي ينتقل به من المعاناة العصبية إلى التعاسة العادية حيث تندرج وظيفة الإعلامي في سرد الحقيقة دون أن يلزم المتلقي الإيمان بها دون سند إثبات. سواء كان ناقل الخبر صيادا أو فريسة، فلا ينهج طريقة الكلب في جلب الفريسة إلى الصياد. لأن اختيار الحياد في حالات الظلم؛ يعتبر انحيازا إلى جانب الظالم.
نحن الآن بحاجة إلى تعبيد الطريق من أجل إعادة البناء والتحرر من القيود، وذلك بالعمل على تنفيذ مشروع إصلاحي شامل يلتزم بتشخيص نهضوي معلنا بكيفية جازمة. ولا سبيل لتجاوز التمزق أو عائق انشطار يحجب الحقيقة على العامة.
إذ لا يمكنك استئجار شخص ما يقود سيارتك أو خادما يتحمل الألم أو المرض نيابة عنك، كذلك من المرفوض اختيار سياسي أو انتخاب برلماني يستغل المنصب من غرض قضاء مصلحته الشخصية عوض أن يقدم خدمات للوطن والأمة.
الحياة ليست مسألة امتلاك الفضائل !
حيث تعتبر السياسة مهنة الوعود الكاذبة والسرقة وتحظى رغم ذلك بالاحترام. كثيرا ما يعد السياسي ببناء قنطرة في مكان لا يوجد به نهر ….!!؟
ليس على المسؤول أن يكون قويا دائما ولا يخجل من لحظات ضعفه، لأنها جزء من إنسانيته. فامتلاكه للإرادة السياسية كمفهوم العمل بمصداقية وأمانة والإصرار على المداومة دون تأثير بالمعوقات، مع الصمود و الاستمرارية رغم كيد المحبطين، تمثل قمة الاحترام و عزة النفس.
و من أجل الحد من التوقعات الزائفة والمبالغة، يقوم ثلة من المثقفين كدرع في العلاقات الإنسانية على إعادة صياغة المفاهيم الأساس في مجال التواصل الإيجابي.
لأن الكلام مع أناس بعيدين كل البعد عن المنطق في العمق، هو خلل يشبه استيقاظ جثة من النوم، إذ لا يقاس الجهل الحقيقي بغياب المعرفة، بل برفض الحصول عليها.
كما أن الفكر لا يحول دون المرء وارتكاب الأخطاء، أكثر ما يوقفه عن التباهي بما يرتكبه. إذ ما يميز الأمم العظيمة هو احترام أبطالها و هم أحياء عكس الأمة الفاشلة التي تخلد ذكراهم بعد التأبين.
فالإنسان المستلب مغترب عن نفسه يبحث عن الطمئنينة الزائفة في إيذاء الآخرين ، لكن مهما استمر في لعب الأدوار المشبوهة فوق الركح، سيتفاجأ يوما بتكسير الجدار أو سيجد نفسه خارج المسرحية في نهاية العرض.
لكن حين يصبح الألم شخصا. تتضخم التوقعات الاجتماعية حسب قيمة الأشياء وليس حسب تكلفتها. باعتماد منهجية جديدة في تناول الطعام كدواء، عوض تناول الدواء كغذاء.
فلنترك ما لنا في الشمس ونجلس في الظل. ليبقى تفكيك المعنى أمرا إجباريا من غرض إعادة بناء الفكر كتصور إيجابي يخدم المجتمعات.

د.محمد جستي (المملكة المغربية)

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية :مديرة موقع صحيفة ألوان: منبر إعلامي شامل يهتم بالأدب والثقافة ومغاربة العالم. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر. رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل :jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *