صراع الهويات المذهبية والإيديولوجية

… فضيلة أم رذيلة

تموقع الجهل المؤسس داخل العقل الأصولي الحاضن لطقوس القداسة والولاء، لا زال حاضرا بمجتمعنا.
لقد ساهم بدوره في تطوير جملة من المعتقدات، أثرت سلبا على التحولات الفكرية والعقل النقدي، من المستوى الإبداعي إلى بقع بالدماغ بحاجة إلى الترميم من أجل تحديد وتحديث نوعية التصورات و منطق التوجهات، بناء عن متطلبات الواقع في ارتباطه بالمناهج العلمية الدقيقة وعلاقتها بالإنسانية.
لأن ارتباط التفكير الإيديولوجي بجماعة تاريخية معينة، و ارتباط التفكير العلمي بالإنسان في كل زمان و مكان، بمصيره وبوجوده داخل دائرة الانحراف العقائدي والإيديولوجي، يفسر العجز السياسي في حدود الدولة والتخوم الإثنية.
كما يمكن أن نسجل أن المفكر أو العالم، لا يصل إلى التراتبية المتقدمة حتى يكون مرتبطا بالأصل متصلا بالعصر، لايؤمن بنظرية الجهل المؤسس الذي ينتج عنه الجهل المقدس بسبب صراع الهويات المذهبية.
إذ يتعلق الأمر بانتكاسة حضارية وانهيارها عندما يتضخم أحد عناصرها ويبتلع العناصر الأخرى. هذه الصراعات لها مصدرها الرئيس ومواردها البشرية، حيث تنتشر بمباركة وتأييد من الدولة.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية هي ما أدى إلى ما آلت إليه المجتمعات. ليس نتيجة فقط، بل هي أوامر وضعية تقيد العقول حتى لا تنتج.
إنها خدعة الديمقراطية، الآفة التي تستغل الدبلوماسية من أجل المصالح الإقليمية والشخصية ، بسبب إعاقة منظومة القانون الدولي وتعطيل بنوده “البقاء للأقوى”.
ومن المفارقات أننا بقدر ما نحن بحاجة إلى إرادة قوية من أجل التصدي إلى نتاج صراع الهويات المذهبية والإيديولوجية، بقدر ما نلاحظ ضعفا على مستوى تدبير الشأن العام وتأطير الشعوب.
ما تمخض عنه ما يطلق عليه الدولة العميقة (Deep State) التي تنهج سياسة التحكم في:
– الجيش
– الأحزاب الحاكمة
– المؤسسات البيروقراطية المدنية
– المؤسسات البيروقراطية الأمنية
الهدف من كل ذلك:
– الحفاظ على مصالح الدولة وتعزيز أمنها، وإما التآمر الداخلي والخارجي عليها من أجل إسقاط الحكم.
هي شبكة أشخاص متماسكة يعملون بمفاصل مؤسسات أمنية وإعلامية وسياسية ومدنية وعسكرية. ولهذه الشبكات أهداف مشتركة. يعملون على التأثير المباشر على الدولة الرسمية ويتحكمون في قراراتها.
كما تعبر عن تحالف عميق بين عناصر من الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والسياسية والدينية والإعلامية والقضاة والمثقفين ، تجمعهم مصالح إقتصادية أو سياسية أو دينية أو وروابط عائلية.
كما يوحدهم الحفاظ على مصالحهم وامتيازاتهم الشخصية. إذ لا يتعرضون لأية مساءلة قضائية أو جنائية، لأنهم تحت حماية خاصة يتمتعون بحرية اتخاذ القرارات. كما يستعملون العنف ضد الشعوب بمبرر الحفاظ على السلم الأمني للدولة، بذريعة أن هناك عدوا خارجيا يريد زعزعة الاستقرار ، فيتم اعتقال المعارضين ويبرر ذلك رجال الدين.
وعلى غرار هذه الأحداث ومدى تأثيرها الكبير على كاريزما المسؤولين كقادة لهم علاقة خاصة بعلوم الدمار الشامل البيولوجية منها والنووية التي تعمل مختبراتها السرية على تطوير صناعة الأسلحة والفيروسات القاتلة باستعمال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الحديثة، تم تقويض العلاقة بين القيم والأخلاق، واتسعت هوة القطيعة بين المكتسبات الإنسانية والحضارية من حقوق وواجبات.
فلا ينبغي أن نتجاهل الوضع الراهن، عندما نفكر في مستقبل العلاقات الدولية نجد 700 مليون أوروبي يستغيثون ب 340 مليون أمريكي من أجل حمايتهم من 146 مليون روسي. والغريب أن 1,9 مليار مسلم يتوسلون باقي العالم لحمايتهم من 9,7 مليون إسرائيلي.
د.محمد جستي
(المملكة المغربية)