الأديبة ضحى المل في حوار خاص ب (ألوان)

أصعب ما يواجه الناقد: التوازن بين التحليل الفني والشعور الشخصي

في عالم الفن والنقد الفني، تبرز بعض الأسماء كمفاتيح لفهم أعمق وأكثر شمولية للأعمال الفنية والتطورات الثقافية. ضحى عبد الرؤوف المُل : واحدة من هذه الأسماء التي لها بصمة بارزة في مجال النقد الفني. ككاتبة وصحفية لبنانية، أسهمت بأعمالها في تشكيل وجهات النظر النقدية وتحفيز النقاشات الفكرية حول الفن.
في هذا الحوار الخاص لجريدة /موقع ألوان، سنغوص في أعماق أفكارها ونكتشف نظرتها للفن والنقد، وكيف تؤثر التكنولوجيا والتنوع في مجالها.

ضحى عبدالرؤوف المُل كاتبة وروائية لبنانية وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين. وصحفية في جريدة اللواء لبنان القسم الثقافي..
ولدت في طرابلس لبنان في حارة البقار التي احترقت في الحرب اللبنانية وهجرها أهلها كما تهجّرت في صباها منها عام 1982 ونجد تأثرها بذلك في روايتها زند الحجر ..
درست علم النفس والتربية الحضانية مارست التعليم لمدة 18 عام. بدأت الكتابة عام 2007 في جريدة الانشاء طرابلس بعد ان قدمت استقالتها من التعليم والتجميل الذي مارسته مدة 9 اعوام لتتفرغ للكتابة.
أصدرت سلسلة همسات وردة الضحى تضم :
” الوردة العاشقة” عام 2007
“أماسي الغرام” عام 2008
“(جروس برس )” : رسائل من بحور الشوق عام 2012
” اسرار القلوب” عن (مركز محمود الادهمي) عام 2015
بالإضافة إلى أعمال قصصية وروائية… منها:
-“في قبضة الريح” عام 2016 (دار الفارابي )
“رحلة يراع” عن (دار سابا زريق) عام 2019
– كيف توازنين بين التحليل الفني والشعور الشخصي عند كتابة نقد فني؟ هل هناك تداخل بين الاثنين؟
– التوازن بين التحليل الفني والشعور الشخصي هو من أصعب المهام التي يواجهها الناقد. بالنسبة لي، يتطلب التحليل الفني موضوعية ودقة في فهم العناصر الفنية مثل التركيب والتقنية والرمزية. لكن في الوقت ذاته، لا يمكن إغفال المشاعر الشخصية لأنها تضيف عمقاً إلى النقد وتجعلها أكثر أصالة. الشعور الشخصي يمكن أن ينير زوايا جديدة في العمل الفني، لكن يجب توخي الحذر لضمان أن تكون التحليلات المبنية على المشاعر مدعومة بالأسس النقدية المتينة.
– هل هناك تجارب أو لحظات في حياتك المهنية أثرت بشكل كبير على فهمك للفن والنقد؟
بالتأكيد، هناك العديد من اللحظات المحورية. واحدة من هذه اللحظات كانت عندما حضرت معرضاً فنياً لمجموعة من الفنانين الصاعدين. كانت الأعمال الفنية مليئة بتجارب جديدة. مما دفعني لإعادة التفكير في مفهوم الجمال والتقليدية في الفن. كما أن التعاون مع فنانين ومشاركتهم في عملية الإبداع أسهم في توسيع مداركي عن كيفية تشكيل النقد والارتقاء به.
– كيف ترين دور النقد الفني في تشكيل الوعي الثقافي والذائقة الفنية لدى الجمهور؟
النقد الفني يلعب دوراً أساسياً في تشكيل الوعي الثقافي والذائقة الفنية. هو ليس مجرد تقييم للأعمال الفنية، بل هو أيضاً عملية توجيهية تساعد الجمهور على فهم الفن بطرق أعمق. من خلال النقد، يتمكن الجمهور من التعرف على السياقات الثقافية والتاريخية التي يشكل الفن جزءاً منها، مما يعزز تقديرهم للأعمال الفنية ويسهم في تشكيل ذائقتهم الفنية.
– في عالم الفن المعاصر، ما هي أبرز التحديات التي تواجه النقاد؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
من أبرز التحديات في الفن المعاصر هو التنوع الهائل في الأساليب والوسائط. قد يكون من الصعب تقييم الأعمال التي تتجاوز الأساليب التقليدية وتدمج التكنولوجيا والوسائط المتعددة. للتغلب على هذه التحديات، يحتاج النقاد إلى مواكبة التطورات الفنية ومراجعة أدواتهم النقدية باستمرار. من الضروري أيضاً التواصل مع الفنانين والمشاركة في النقاشات الثقافية لتوسيع الفهم والتقدير للأعمال الجديدة.
– هل هناك فنانون أو أعمال فنية غير تقليدية تعتبرينها ملهمة بشكل خاص في عملك النقدي؟
نعم، هناك العديد من الفنانين الذين أجدهم ملهمين بشكل خاص. على سبيل المثال، أعمال الفنانين الذين يدمجون التكنولوجيا الحديثة مع الفنون البصرية تثير اهتمامي. هؤلاء الفنانون يقدمون رؤى جديدة ومبتكرة تتحدى الفهم التقليدي للفن. كما أن الأعمال التي تستكشف موضوعات اجتماعية وثقافية معقدة تساعدني في تسليط الضوء على الأبعاد العميقة في النقد.
– كيف تؤثر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي على النقد الفني؟ هل تعتقدين أن هناك تغييرات في طريقة تلقي الأعمال الفنية وتقييمها؟
التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي قد أحدثت تغييرات جذرية في طريقة تلقي وتقييم الأعمال الفنية. توفر هذه الوسائل منصة للوصول إلى جمهور واسع وتبادل الآراء بشكل أسرع. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه السرعة في التفاعل إلى سطحية في التقييم أحياناً. من المهم أن يستخدم النقاد هذه الوسائل لتعزيز النقاشات الثقافية بطرق مهنية، وأن يكونوا واعين للتحديات المرتبطة بها، مثل الضغوط لتقديم آراء سريعة أو مشجعة.
– في رأيك، ما هي الصفات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها الناقد الفني ليكون له تأثير حقيقي؟
من الضروري أن يتحلى الناقد الفني بالموضوعية والقدرة على التفكير النقدي العميق. يجب أن يكون لديه فهم عميق للتقنيات الفنية والسياقات الثقافية. كما أن القدرة على التعبير عن الأفكار بوضوح وشفافية تعزز من تأثير النقد. بالإضافة إلى ذلك، الالتزام بتطوير الذات والتعلم المستمر مهم للحفاظ على قوة التحليل والقدرة على التأثير.
– هل لديك أي اقتراحات أو رؤى حول كيفية تعزيز التعليم والتدريب في مجال النقد الفني في العالم العربي؟
أعتقد أن تعزيز التعليم والتدريب في النقد الفني يتطلب إنشاء برامج متخصصة وتوفير ورش عمل متقدمة منذ الطفولة. من المهم أيضاً تشجيع النقاشات والنقد البناء في المعارض الفنية والفعاليات الثقافية. التعاون بين الأكاديميين والفنانين يمكن أن يخلق فرصاً تعليمية غنية ويعزز من فهم النقد الفني. بالإضافة إلى ذلك، دعم النشء وتوفير المنصات لإبراز أعمالهم النقدية يمكن أن يساعد في تطوير هذا المجال.
– كيف تتعاملين مع الأعمال الفنية التي تثير لديك مشاعر متضاربة أو متناقضة؟
التعامل مع الأعمال التي تثير مشاعر متضاربة يتطلب توازناً بين الانفتاح والتحليل. أبدأ بمحاولة فهم الرسائل الأساسية والتقنيات المستخدمة في العمل. بعد ذلك، أتعامل مع المشاعر المتضاربة من خلال التفكير في الأسباب التي تجعلني أشعر بهذه الطريقة. هذا يمكن أن يساعدني في تقديم نقد متوازن يعكس التعقيد الذي يحمله العمل الفني.
– إذا كان بإمكانك تغيير شيء واحد في طريقة ممارسة النقد الفني اليوم، ماذا سيكون ولماذا؟
إذا كان بإمكاني تغيير شيء واحد، فسأركز على تعزيز التنوع في الأصوات النقدية. النقد الفني لا يجب أن يكون مقتصراً على قلة من النقاد أو آراء محددة. دعم الأصوات المتنوعة يعزز من فهم أعمق وأشمل للفن ويسهم في إثراء النقاش الثقافي. التنوع في الآراء والنقد يمكن أن يؤدي إلى تطوير أساليب جديدة ويشجع على الابتكار في هذا المجال.
– ما هو رأيك في العلاقة بين الفن والسوق؟ هل تعتقدين أن العوامل التجارية تؤثر على جودة وتقبل الأعمال الفنية؟
العلاقة بين الفن والسوق معقدة، حيث يمكن أن تؤثر العوامل التجارية على جودة وتقبل الأعمال الفنية بطرق متعددة. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي الاهتمام بالسوق إلى توجيه الفنانين نحو إنشاء أعمال تتماشى مع الاتجاهات التجارية السائدة، مما قد يؤثر على أصالة وجودة العمل. ومع ذلك، يمكن أن يوفر السوق أيضاً منصة للفنانين لنشر أعمالهم وجذب جمهور أوسع، مما يعزز من تأثيرهم. من المهم أن يتم الحفاظ على توازن بين الاحتياجات التجارية والاهتمامات الفنية لضمان الحفاظ على جودة الفن وتنوعه.
– كيف تفسرين التغيرات في الأساليب الفنية عبر الأوقات المختلفة؟ هل تعتقدين أن هناك أنماطاً معينة تتكرر، وكيف يمكن أن تسهم هذه الأنماط في تطوير الفن؟
التغيرات في الأساليب الفنية عبر الزمن تعكس تطوراً في التعبير الفني والتقني. الأنماط تتكرر وتعود بأشكال جديدة، مما يشير إلى تأثير مستمر للتقاليد الفنية والتجريب. هذه الأنماط تساهم في تطوير الفن من خلال تقديم طرق جديدة للتعبير وتجربة الأساليب السابقة بطرق معاصرة. التكرار والتجديد في الأساليب الفنية يساهم في خلق حوار مستمر بين الماضي والحاضر، مما يعزز فهمنا وتقديرنا للفن عبر الزمن.
– ما هو دور العاطفة والتجربة الشخصية في تقييمك للأعمال الفنية؟ هل تعتقدين أن الانطباع الشخصي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على النقد الفني؟
العاطفة والتجربة الشخصية تلعبان دوراً أساسياً في تقييم الأعمال الفنية. التجربة الشخصية تساهم في تشكيل الانطباعات والانفعالات التي يمكن أن تؤثر على تفسير العمل الفني. بينما يهدف النقد الفني إلى تقديم تقييم موضوعي، فإن الانطباع الشخصي لا يمكن تجاهله تماماً؛ فهو يضيف بعداً إنسانياً ويعكس كيفية تأثير العمل على الأفراد بطرق فريدة. لذلك، من المهم أن يكون النقد مدروساً بحيث يعترف بالانطباعات الشخصية دون أن يتجاهل الأسس الموضوعية للتقييم.
حوار ممتع ومفيد من محاور محترف صحافة وإعلام ، وضيفة روائية وقاصة وكاتبة وصحافية مرموقة ، لها رؤيتها الخاصة في الحياة والناس والأدب والنقد ، كما أن ضحى عبد الرؤوف المل لها طابعها الخاص في الكتابة ، ومن أبرز سماتها الوصف الذي يجعلك تعيش معها الأحداث .