المَقاماتُ القَطْعانيّة

حكايات محمد بنِ ياسين عَبْرَ الأيامِ والسنين

كاتِبُها و ناسِجُها: محمد ياسين خليل القطعاني

مقامة شمسة …

واعلمْ ـ رعاك الله ـ أنّ ابنَ حمدين ذهب ذات يومٍ للإصلاح بين زوجين بعدما تقطّعَ بينهما البين ، وابنُ حمدين كما يُشاع على تُقى وصلاح ، وعلمٍ وفلاح ، ويَقْصِده الناسُ لإصلاح المُعْوجّ ، وَرَتْقِ ما تقطّع من النّسْج ، وهو للخيرِ فعّال ، وللشرِ خيرُ نزّال .

واعلمْ ـ أصلحكَ الله ـ أنّ الزوجَ أخبرَه أنه لزوجتِه مُحب ، وعلى ما يرضيها مُكب، ولا طاقةَ له على فِراقِها، ولا يقوى على خِصامِها ، فطمأنَه ابنُ حمدين ، وقال :

– اعلمْ يا عبدَ الله أنني لعودةِ زوجتِك إليك ضامن ، وعلى صلاحِ أمرِها قائم ، وكثيراً…كثيراً ما أصلحتُ بين المُتخاصمين ، ويشهدُ بذلك ما مرَّ مِن الأيامِ … والسنين .

واعلم ـ أطالَ اللهُ عمرَك ـ أنّ ابنَ حمدين لمّا رأى زوجةَ الرجلِ شمسة كأنه أُخِذَ خِلسة، فالزوجةُ على حُسنٍ وجمال، ولها غَنجٌ ودلال، وذاتُ ثغرٍ بسام، وأسنانٍ مِثلِ اللؤلؤ والمرجان، وحديثها بلسم للجروح، ورائحتها تسلب الروح .

واعلمْ ـ أبقاكَ اللهُ ذُخراً ـ أنّ ابنَ حمدين لمّا رأى هذا الحسنَ الرصين، وقعتِ المرأةُ في قلبه المكانَ المَكين، وأصبحَ أمامَها تائهٌ مِسكين ، فلَمَحَتِ الزوجةُ في عينيه الإعجاب ، وأنهُ سيصبحُ بعدَ طلاقِها من الخُطاب، فأقسمتْ أغلظَ الأيْمان أنّها لزوجِها لن تعود، مَهما بذلَ لها من وعودٍ … وعهود.

واعلمْ – نفعَ الله بك – أنّ ابنَ حمدين مِن قضاةِ الحقِ الصالحين، ولا يرضى بحياةِ المغصوبين، فكانت منه كلمة القضاء، وتشهد عليه الأرض والسماء، فأفتى بالتفريقِ بين الزوجين، فقد ضاعتْ منهما السكينة، وشاعتْ بينهما الضغينة، فالزواج إمساك بمعروفٍ، أو تفريق بلا إسفافٍ، فرضيا حكمَه، وشكرا له نصحَه، وانصرفا راضين، ولقضائه شاكرين.