الكاتب اللبناني فيصل جلول لالوان: لا حل لمشاكل المغرب الكبير الا عبر مساومة تاريخية
أطراف النزاع في اليمن لم يتوصلوا بعد الى صيغة سياسية تتيح لهم الخروج من الحرب
وجدنا الاستاذ فيصل جلول في غاية الكرم. لم يتلكأ للحظة في التعامل مع اسئلة ’’ ألوان ’’. قدم نفسه لقرائها شخصيا واجاب بوضوح رجل يعرف جيدا كيف يتفرس في الراهن ويستشف ما وراء فاصيله.. شكرا للأستاذ فيصل جلول
بطاقة تعريفية للقراء
انا فيصل محمد جلول باحث في اكاديمية باريس للجيوبوليتيك. مقيم في باريس منذ أكثر من ثلاثة عقود. عملت في الصحافة وفي مراكز الأبحاث. معلق غير منتظم على محطات تلفزيونية واذاعات عديدة في اوروبا وفي العالم العربي ومشارك في بعض برامجها. مشارك في مؤتمرات وندوات ولجان تحكيم وانشطة ثقافية مختلفة في العالم العربي والمهجر. نشرت نصوصا في السياسة والثقافة والاجتماع والتاريخ بالعربية والفرنسية وترجمت هذه النصوص الى لغات أخرى. من بين مؤلفاتي: اليمن: الثورتان الجمهوريتان الوحدة. مصر بعيون الفرنسيس مقدمة في نقد الثقافة السياسية العربية. الجندي المستعرب يوميات مكسيم رودنسون في سوريا ولبنان. دفاعا عن السلام العربي. حوار المشرق والمغرب. باريس كما يراها العرب وهو كتاب جماعي أشرفت عليه. القضية الفلسطينية في مئويتها الثانية وهو أيضا كتاب جماعي أشرفت عليه مع الروائي الفلسطيني رشاد أبو شاور. وأشرف مع الصديق الإعلامي سامي كليب على سلسلة كتب جماعية من الرسائل العربية صدر منها حتى الان: الرسائل الدمشقية والرسال المغربية والرسائل الخليجية والرسائل اللبنانية ومن المتوقع صدور الرسائل المصرية قريبا. اخر كتبي المنشورة ” مقاومتان ومصيران: إعادة تأهيل “المتاولة” او تغيير دولة لبنان الكبير” و”غيض من فيض يمنيات علي سالم البيض “. متزوج من الكاتبة اللبنانية نايلة ناصر
بداية نريدك أن تحدثنا عن المؤتمر الذي انعقد نهاية الاسبوع الماضي ببروكسل، وعم ركزت في مداخلتك؟
شاركت في مؤتمر بروكسيل في 15 و16 ينايرــــ كانون الثاني الجاري لبحث ازمة النشر في العالم العربي حضره ناشرون وكتاب ومترجمون. نظم المؤتمر معهد بروكسيل للأبحاث والدراسات الابستمولوجية الذي يديره الدكتور بدي المرابطي. تركزت مداخلتي حول العلاقة الجدلية بين الناشر والكاتب والقارئ. هذا الثلاثي مضافا اليه الموزع هو الذي يصنع حركة النشر وهي في غاية السوء في العالم العربي والدليل الساطع على ما أقول هو ان دار النشر تطبع 500 نسخة من كل كتاب جديد لعالم عربي يتعدى سكانه ال 400 مليون نسمة. واشرت الى أسباب هذه الظاهرة وهي عديدة أبرزها: الامية ونقص الحريات وشرذمة سوق الكتاب العربي لوجود 22 دولة عربية لكل منها سياستها الخاصة إزاء النشر وتداول الكتب. غياب مشروع سياسي وثقافي واقتصادي عربي جامع تعبر عنه سوق النشر. ضعف اقتصاد النشر بسبب ضعف تداول الكتاب. اعتماد القارئ العربي على الكتب المترجمة وضعف ثقته بالكتاب العربي. التبعية السياسية للخارج الأجنبي التي ترسم سقفا للتعبير بكل مجالاته. قرصنة الكتب العربية تؤدي الى قتل حركة الكتاب وبالتالي اضعاف الكاتب والناشر من دون ان توفر خدمة موثوقة للقارئ. وسائل التواصل الاجتماعي تعكس كل ما سبق وتخلق متاهة تخلف متاهة لا متناهية. حال الكتاب العربي هي من حال الامة العربية. عندما تكون الامة متهالكة لن يكون حال الكتاب أفضل منها
مع السنة الجديدة التي تعتبر سنة كل المخاطر، كيف ترى تداعياتها على المستقبل المنظور في شمال افريقيا على وجه الخصوص؟
الزمن ليس فارقا في مشاكل شمال افريقيا. كانت قضية الصحراء هي المشكلة الأبرز أضيفت اليها من بعد القضية الليبية. ونعيش اليوم تداعيات الربيع العربي في تونس. ويسود الجوار المغاربي حال من عدم الاستقرار في مالي، وتشاد والسودان وغيرها. فضاء التعاون في المغرب العربي الكبير ضعيف مع الأسف والاتحاد المغاربي شبه غائب. هذه الأوضاع ممتدة مع الأسف وليست متزامنة مع عام مضى وعام قادم. لعل النقطة المضيئة الوحيدة فيها هي صعود المغرب الأقصى الى نادي الكبار في كرة القدم وهذا الصعود خلق صدى كبيرا في المغرب الكبير وفي العالم العربي عموما. ضوء ساطع في نفق عربي مظلم مع الأسف الشديد. لا حل لمشاكل المغرب الكبير الا عبر مساومة تاريخية يجمد فيها اهل شمال افريقيا ما يختلفون عليه ويعملون ويتعاونون فيما يتفقون عليه
باعتبارك محللا للشؤون السياسية في الشرق الأوسط وتخصصك في أزمة اليمن، هل ترى بصيص امل في اليمن الذي يعيش الآن وضع استرخاء مرضي…؟
اعتقد ان أطراف النزاع في اليمن توصلوا الى قناعة بان حل المشاكل اليمنية لا يتم بالوسائل العسكرية لكنهم لم يتوصلوا بعد الى صيغة سياسية تتيح لهم الخروج من الحرب. من حسن الحظ ان الهدنة العسكرية على الأرض مستمرة واقعيا من دون اتفاق هدنة. لا بد من التوصل الى اتفاق هدنة أولا ، والبناء عليه من بعد للتوصل الى حل سياسي يرضي كل الأطراف ، وفي اعتقادي هذا الحل كان مطروحا في بدايات الحرب وهو يقضي بإقامة نظام فدرالي يمني من اقليمين من ضمن اتفاق إقليمي يطمئن جيران اليمن الى مستقبل يسوده جوار امن للجميع لكن هذا الاتفاق يحتاج الى جهود جبارة والى الكثير من النوايا الحسنة
هل ترجح حلا سعوديا أقل تشددا من موقف الامارات التي تتماهى كليا مع المشروع الصهيو-امبريالي في المنطقة؟
عندما تتخذ المملكة العربية السعودية قرارا حاسما في الشأن اليمني لا اعتقد ان الامارات ستعترض طريق هذا القرار. العلاقات السعودية الإماراتية يسودها التمايز والاختلاف في الرؤى أحيانا لكن الموقف السعودي يظل راجحا في هذه العلاقة
كتبت العديد من الابحاث والدراسات حول الكثير من المواضيع والمحاور ككاتب وكصحفي وباحث، ما الذي يمكن ان تقول بخصوص الانتفاضة الفلسطينية القائمة الان وما موقف الدول العربية بعد سياسة التطبيع مع اسرائيل؟
اعتقد ان نتنياهو ينتهج سياسة انتحارية ستلحق اذى كبيرا في دولة إسرائيل. هو يصم اذنيه عن نداءات أوروبا وأحيانا أمريكا لوقف الاستيطان والبحث في حل سياسي للقضية الفلسطينية مع الرئيس محمود عباس. وقد أرسل مؤخرا ذخائر الى أوكرانيا الامر الذي قد يسيء الى علاقاته مع روسيا. سياسة نتنياهو ستثير بالتأكيد ردود فعل فلسطينية مدنية ومسلحة رأينا بوادرها في نابلس ومدن الضفة وقد يمتد العنف ليصل الى حرب مع غزة خصوصا إذا ما تكرر انتهاك حرمة المسجد الأقصى من جهة المتطرفين الذي صاروا في قلب الحكومة الإسرائيلية. هذا الوضع المتفجر لا يسهل اعمال التطبيع مع إسرائيل، بل يضعفها ويحجبها. إذا كانت الحرب امتداد للسياسة بوسائل أخرى فهذه القاعدة التي رسمها كلاوزفيتس تصح تماما على الوضع الفلسطيني. نتنياهو يعتمد سياسة شديدة العدوانية والتطرف تجاه الفلسطينيين لا يمكن الا ان تفضي الى حرب لان الشعب الفلسطيني لم يخضعه التطرف من قبل ولن يخضعه التطرف الان
اخيرا…تنعكس الاوضاع الاقتصادية بعنف على عدد من الدول العربية التي تتداعى الى الافلاس.. هل يمكن ان يتحول الاستياء العميق إلى توترات خطيرة يصعب التحكم بها؟
الانهيار الاقتصادي لا يطال العالم العربي وحده هو يضرب دولا أخرى. نحن نعيش حربا عالمية ثالثة في أوكرانيا من دون ان تعلن عن نفسها. واظن ان تداعياتها ستستمر في الظهور يوما بعد يوم وقد لا يقوى النظام العالمي الراهن على التصدي لها. الحرب لن تنتهي الا برابح وخاسر ومن بعد انشاء نظام عالمي جديد
ما هو أحب كتاب إليك من خلال كل كتاباتك المنشورة؟
كل كتبي في مرتبة واحدة عندي، لأنها تعبر عني. اما مشروعي الذي لم يكتمل بعد فهو نقد الثقافة السياسية العربية لأنه على هذه الثقافة تبنى النهضة او تستمر التبعية