رسائل العشق عند بعض العظماء 2/2

رسائل العشق عند بعض العظماء 2/2

العشق والغرام

ونحن نعيش غمرة الإحتفال باليوم العالمي للحب الذي يصادف ليلة منتصف شهر نوفمبر من كل عام ، نستمر في نشر الجزء الثاني من المقالة التي أعدها الاستاذ المختار عنقا الادريسي ، خصيصا لجريدة “ألوان” الإلكترونية تحت عنوان : رسائل العشق عند بعض العظماء
ونعد كل محبي “ ألوان ” أن نواصل النشر فيما يتعلق بموضوع ” العشق والمحبة بأقلام كتاب آخرين …

  

     ذ. المختار عنقا الإدريسي

 4 : رسائل نابليون بونبارت لزوجته جوزفين:

هو قائد عسكري وسياسي فرنسي وايقونة تاريخية، ولد بجزيرة كورسيكا عام1769، وقاد سلسلة من الحروب التي غطت معظم القارة الأوربية، وأسس إمبراطورية فرنسية واسعة. لينهزم بعد ذلك في معركة “واترو” ستة 1815، ومنها تم نفيه إلى جزيرة سانت هيلينا التي توفي بها فى عام 1821. 

أما زوجته فهي ” جوزفين دي بوهارفيه “، المرأة الاستثنائية التي تركت بصمة عميقة في التاريخ باعتبارها زوجة الامبراطور، وموضوع رسائل عشقه، وقد تزوجها سنة 1796، بعد أن كانت قد تزوجت قبل ذلك مرتين، ويذكر بعض المؤرخين انها تكبره بست سنوات. وبما انه كان كثير الحملات العسكرية، فقد أشيع عنه الدخول في علاقات غرامية مع نساء اخريات خارج إطار الزواج، الأمر الذي يصعب التحقق من صحته، بسبب قلة أو انعدام الوثائق المؤكدة لذلك. ولما لم تتمكن من إنجاب أطفال ذكور له، طلقها بعد 14 سنة من الزواج بينهما.

وتبقى رسائله لزوجته، كنزا أدبيا وتاريخيا يبين مدى عشقه لها وهو البعيد عنها بسبب حملاته العسكرية التي كان يشنها بين الحين والآخر، موظفا لغة شعرية وعاطفية،  ومن أمثلة ذلك نسوق ما كتبه لها بعد زواجه بها واضطراره إلى قيادة جيشه نحوايطاليا مباشرة بعد أن قضى أشهر هناك، متوسلا الانضمام اليه في ” ميلان ” لقضاء شهر العسل [وصلت لي رسالتك معشوقتي فملأت قلبي فرحا، أنا حقا ممتن لك على ما تكبدته من عناء لتعلميني أخبارك، املا أن تكوني في حال أفضل اليوم … وان كانت لدي رغبة عارمة في أن تمتطي جوادك وتأتين الي، ولكني أعلم أن ذلك لن يجدي، فمنذ أن تركتك وانا مكتئب محبط  باستمرار ، فسعادتي في القرب منك … فأنا أعيش بلا انقطاع على ذكرى مداعباتك ودموعك ومواساتك الحنونة . فسحر جوزفين لا يضاهي بأي شيء، يشعل النار ويوهج اللهب في القلب … فأنا أعشقك كل يوم أكثر منذ أن عرفتك.]

ويضيف في رسالة أخرى إليها، وهو البعيد عنها والمنشغل بحروبه: [يا حبيبتي في كل لحظة وفي كل مكان أنت معي، صورتك محفورة في قلبي، وأفكارك تملأ ذهني وأشعر بالوحدة الشديدة بدونك، ولكن شوقي اليك يمنحني القوة للاستمرار فأحلم بلحظة العودة اليك لأحتضنك بقوة وأخبرك كم أحبك].

وعموما تبقى رسائله طافحة بالعشق والحب المتزايد الذي يكنه لها رغم انشغاله بالحروب التي يشنها:

[أنت كل شيء بالنسبة لي كل شيء يا جوزفين. أنت مصدر قوتي والهامي، بفضلك أستطيع تحمل كل الصعاب. انا ممتن لك على حبك  ودعمك] . ومن خلال نفس الرسائل الموجهة إليها، يمكن أن نستشف أمرين اثنين، أولهما تفاصيل حياته اليومية بمختلف أحداثها، وتعطينا نظرة عن حياته العسكرية عندما يقول لها: [ لقد قضيت اليوم في مراجعة الخطط العسكرية ، ولكن ما أفكر به هو أنت . أتمنى لو كنت هنا لأشاركك تفاصيل يومي]. وثانيهما غيرته عليها وشوقه المتزايد إليها: [لا تسمحي لأي رجل أن يقترب منك. انت ملكي وحدي. الغيرة تأكلني عندما أفكر في أن رجلا آخر ينظر اليك]. ثم يضيف قائلا:  [ أتطلع الى اليوم الذي سنلتقي فيه مرة أخرى ، ونعيش حياة سعيدة معا ، سأبني لك قصرا من الذهب وسأغطيك بأغلى المجوهرات].

    وأخيرا نخلص الى أن نابليون عبقري الحروب وقاهر أوربا، اعترف بهزيمته أمام محبوبته قائلا: [صحوت ممتلئا بالأفكار عنك، صورتك والليلة المسكرة التي قضيناها معا بالأمس تركت مشاعري في حالة اضطراب، جوزفين الحلوة التي لا شبيه لها. اي تأثير غريب لك على قلبي؟]

5 : رسائل الموسيقار بيتهوفن ل” الحبيبة الخالدة “                            

 هو لودفيج فان بيتهوفن عبقري الموسيقى الذي تحدى الصمم، ولد بمدينة بون الألمانية في 17 – 12- 1770، وقد بدأ يعاني من فقدان تدريجي للسمع، منذ سن مبكرة ومع ذلك رفض الاستسلام، وواصل رحلة الإبداع والتأليف الموسيقي إلى آخر لحظة في حياته، مخلفا ارثا موسيقيا غنيا يشمل السينفونيات والاوبرا والسوناتات والكونشيروهات وغيرها، ومن روائعه السنفونية التاسعة ” سوناتا القمر ” المميزة بقوتها العاطفية وبجمالها. ويذكر المهتمون بحياته أنه لم يتزوج قط، ومع ذلك ترك وراءه العديد من الرسائل العاطفية التي تشير إلى وجود علاقة عاطفية عميقة مع المرأة التي أطلق عليها اسم “الحبيبة الخالدة ” ومن الكتابات التي تعكس عمق مشاعره وشوقه وحنينه وتصور عذاباته نجد [يا الهي! هذا القرب وهذا البعد! أي حنين اليك بالدموع … وأي حياة على هذا  الشكل بدونك، لقد قررت أن أتوه بعيدا إلى أن أطير إلى أحضانك] ثم يضيف معلنا حبه لها وتضحيته من أجلها [ملاكي، نفسي لم كل هذا الأسى بينما الأمر حتمي؟ هل يستطيع حبنا أن يعيش دون تضحيات دون أن نطلب كل شيء من بعضنا البعض؟ وهل يملك أن نغير واقع أنك لست كلك لي وأني لست كلي لك؟ يا إلهي! تأملي يا حبيبتي جمال الطبيعة وحاولي أن تجدي فيه بعض العزاء. الحب يتطلب كل شيء، وهو محق في ذلك] ، ورغم اليأس الذي ينتابه فهو دائم الأمل في أن تجمعه الظروف بحبيبته [ لاشك أننا سنلتقي قريبا ، أما اليوم فلا يسعني الوقت لأخبرك بالأفكار التي تدور في ذهني خلال الأيام القليلة الماضية حول حياتي. لو كانت قلوبنا دائما متجددة بشكل وثيق لن تزعج هذه الأمور تفكيري بالتأكيد قلبي يفيض شوقا لأخبرك بأشياء كثيرة، هناك لحظات أشعر فيها بأن الكلام غير كاف تماما]. فهذه الكتابات – وغيرها – تظهر أنه كان يعاني من مشاعر وأحاسيس العشاق، وتساعد على فهم أعماله الخالدة بشكل أعمق ، ورغم أنه لا توجد اي إجابة قاطعة عن سؤال من هي هذه الحبيبة إلا أن هناك بعض الأسماء التي ترد بشكل متكرر في سياق البحث عن جواب لذلك السؤال – حسب ما جاء في العديد من الكتابات عن حياة بتهوفن – فهناك من يرى بأن حبيبته هي ” جولينا جيجياردي ” ذات السادسة عشر ربيعا ، وهي المتمتعة بقوام جميل وملامح دقيقة ، كانت من تلميذاته   الارستقراطيات  فعشقها وتقدم لخطبتها وهو في الثلاثين من عمرة ، وكان طبيعيا أن ترفضه عائلتها بحكم العلاقة اللامتكافئة بينهما ، ويذكر المهتمون أن بيتهوفن اهداها رائعته ” سوناتا القمر ” . وفي شهر نوفمبر 1801 كتب إلى صديقه المقرب ” ويغلر ” رسالة يقول له فيها [لا يمكنك أن تتصور كم كانت حياتي مقفرة وحزينة خلال السنتين الأخيرتين، لقد بدأ سمعي يضعف بطريقة أصبحت تؤرقني. صرت أهرب من الناس وأشعر أنني ضئيل جدا كما لو أنني عدو للبشر. لكن تغيرا مهما طرأ على حياتي الآن بفعل عذراء فاتنة تحبني وأحبها، أخيرا وجدت بعض لحظات السعادة، ولأول مرة أشعر أن الزواج يمكن أن يجعلني إنسانا سعيدا، لكن لسوء الحظ لا يبدو أننا متماثلان في الكثير من الأمور] .

وفي ترجمة لرسائله قام بها ” الياس ابو الرجاء” منشورة بموقع le 7 info.com بتاريخ 14 مارس 2024 نجده يكتب، وقد تحول شوقه إلى يأس [حتى عندما أكون على الفراش تندفع أفكاري نحوك حبيبتي الخالدة، تارة أفكار مرحة وتارة أخرى حزينة، في انتظار معرفة ما إذا كان القدر يستجيب لعلاقتنا، يجب أن أعيش معك أو لا أراك أبدا، اوه يا إلهي لماذا يجب أن ينفصل المرء عمن يحب؟ ان حياتي في فيينا الآن هي حياة بائسة، لقد جعلني حبك أسعد الرجال وأتعسهم في ان واحد] ويتخلل هذا الاندفاع الجنوني والحب اللامتناهي، نوع من الهدوء والعقلانية فيحث من خلالها حبيبته، ومنها نفسه

قائلا: [كوني هادئة فقط من خلال التفكير بأنه يمكننا تحقيق هدفنا في العيش معا … استمري في حبي، لا تخطيء أبدا الحكم على قلب حبيبك الأكثر اخلاصا. أنا لك، أنت لي، كل منا للآخر]. وتأسيسا على ذلك برى – المترجم – أن رسائل بتهوفن توضع ضمن أفضل 50 رسالة عن الحب عبر العصور.

وهناك من يعتقد أن بيتهوفن أحب امرأه أخرى تدعى ” برانسفيك “وهي نمساوية كانت على صداقة قوية به، بل هناك من زعم أنها هي التي ألهمته تأليف أوبرا ” فيديليو ” ، غير أنه وبالرجوع إلى رسائلها الخاصة التي نشرت في 1946، نجدها تشير في احداها إلى أنها لم تحب بتهوفن أبدا على الرغم من تبادل الرسائل بينهما لسنوات ، واصفة إياه بالرجل الطيب . وفي سنة 1812 سيلتقي بتهوفن بالانسة ” تيريزا مالفاتي ” ابنة أحد أطبائه وهي في الثامنة عشر من عمرها ، فتقدم لخطبتها لكن عائلتها رفضت الأمر، فزوجوها من صديق مقرب إليه، وقد كتب لها رسالة  جاء فيها [ تأكدي أن لا أحد يتمنى لك حياة سعيدة أكثر مني ، أنا خادمك وصديقك المخلص بتهوفن ] وذلك حسب ما جاء في Blogger.com عن الحب الخالد لبتهوفن.

وبعد وفاته في 20 مارس 1827، تحول منزله إلى متحف ومن المقتنيات التي وجدت به 3 جوابات غرامية بخط يده، لم يرسلهم إلى الفتاة التي أحبها، احتفظ بها في صندوق صغير كان يضع فيه نقوده ومما جاء فيها [ حبيبتي الخالدة .. ملاكي كل أملاكي.. نفسي، لماذا هذا الأسى؟ لو أننا كنا طول الوقت معا لما استطعت أن أناجيك أو أتحدث اليك.. قلبي يفيض بما أريد أن أقول لك… لكن هناك لحظات أشعر فيها أن الكلام لا معنى له.. إنه لا شيء على الإطلاق]. ومن خلال رسائله تلك، نحس على انه كان دائم الشعور بالحب والألم والشوق والخوف، وتظهر لنا قوة الحب وقدرته على التأثير في حياتنا وعملنا.

وتجذر الأشارة هنا الى أن تلك الرسائل قد تحولت إلى فيلم سينمائي بعنوان ” الحبيبة الخالدة ” سنة 1994، وقد شخص دور بتهوفن الممثل غاري أولمان ، حسب ما كتبه محرر نجوم . اف. ام. بتاريخ 27 مارس 2024 .

 6 : رسائل رئيس الوزراء البريطاني تشرشل إلى زوجته كليمنتين:

ونستون ليونارد تشرشل، هو أحد أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في القرن الماضي، وهو فنان وكاتب ومؤرخ وقائد عسكري – حسب ما جاء في ويكيبيديا – وقد اشتهر بدوره الحاسم في قيادة بريطانيا خلال الحرب الكونية ، حيث ألهم الشعب البريطاني بخطاباته الحماسية وعزيمته الصلبة في مواجهة النازية. 

ولد في 30 نوفمبر 1847 من عائلة ارستقراطية، وتميز بكونه لا ييأس حتى في أصعب الظروف، ولذلك يُعتبر واحدا من أعظم الزعماء في التاريخ ورمزا من رموز المقاومة والصمود في وجه الظلم والطغيان، كما يعرف بكونه شخصية معقدة ومتناقضة، حيث كان يجمع ما بين الدعابة، والسخرية، والصرامة، والحزم.

وقد كانت بداية قصة حبه الأولى مع امرأة تدعى ” أميلا بلاودين ” لتظهر بعدها في حياته ابنة رئيس الوزراء ” فيوليت أسكونت ” وقد كشف أن علاقته بها كانت على شفا إعلان خطبتهما لولا شعورها بالخيانة. وفي عام 1904 ومن خلال إحدى الحفلات الراقصة، التقى لأول مرة ب ” كلمنتين ” وفي 1908 التقى بها للمرة الثانية في مأدبة عشاء فاختبلته ، فلم يشعر إلاوهو جالس بجانبها . وبعد أربعة أشهر عن علاقتهما تقدم لخطبتها،ثم تزوجا  بعد ذلك بشهر في إحدى كنائس مدينة لندن وكان قد كتب لها رسالة يقول فيها:

[ عزيزتي كلمنتين: كتبت بعض الكلمات الغالية جدا على قلبي عن تأثيري في حياتك، ولكن لا أستطيع أن أخبرك عن مدى سعادتي بكلماتك، لأنني كنت أشعر دائما بأني مدين لك بالكثير… وأتعجب ما الذي فعلته لأستحق أن أعيش طوال هذه السنوات في قلبك ورفقتك، فليس هناك حقا كلمات تفيك حقك والوقت بيننا يمر ناعما وجميلا ، إلا أنني لست سعيدا ، لأن حبنا الذي حرصنا سويا على ازدهاره يأتي وسط هذه الاضطرابات التي تعصف بالبلاد والأحداث المأساوية الرهيبة التي نعيشها]

وتقول أصغر بناته ” ماري سوامز ” في إحدى خطاباتها (أعتقد أنه من المؤثر للغاية أن تجد مشاعرهما حية ومتدفقة حتى في خطابات تبادلاها بعد أن كبرا في السن ، إنها خطابات حافلة بالعواطف ومشاعر الحب ) وتقول كذلك – حسب ماورد في جريدة البيان بتاريخ 3 أبريل 1999 ، تحت عنوان : –غراميات تشرشل وزوجته – أن والدها ( كان محبطا جدا في ذلك الوقت ، كان وقتا عصيبا بالنسبة له

أبي لم يتغلب على أزمة الدردنيل، فقد تركت أثرا عميقا عليه). ورغم كل تلك الظروف العصيبة فقد كانت علاقة تشرشل بزوجته مليئة بالتقدير المتبادل والدعم المستمر، فهي زوجته وشريكة حياته ومستشارته الموثوقة. وبالاستناد إلى ما جاء في جريدة الشروق بتاريخ 7 سبتمبر 2019 نجد أن “محمد الماطري حميدة” يخبرنا بصدور كتاب “محاورات حميمية” 1908 – 1964 “ تنشر لأول مرة المراسلات بين تشرشل وزوجته، مترجمة إلى الفرنسية من طرف أنتوني كابيت ودومينيك بولينيا تالاندرا . والطريف في هذه المراسلات أن تشرشل كان يبدأ رسائله دائما ب” عزيزتي ” وينهيها بصورة خنزير يصوره بقلمه، أما زوجته فتبدأ رسائلها اليه دائما ب “إلى يوري” وتنتهي برسم قط صغير. وقد تولى ابنهما مارك سوامز جمع هذه الرسائل ونشرها، وهي المتضمنة للعديد من الإشارات الاجتماعية والسياسية والمسائل العائلية مثل زواج الأبناء والعنف وادمان الخمر والانتحار وبعض الأسرار العسكرية والقصص المسلية. ورغم أنه لا توجد الكثير من الرسائل الرومانسية بين تشرشل وزوجته، لأنهما عاشا في عصر كان فيه التعبير عن المشاعر بشكل علني أقل شيوعا، خاصة بين الشخصيات العام. ومع ذلك فإننا نخلص إلى أنه تناول في رسائله لها الكثير من المواضيع ذات الصلة بحبه العميق وتقديره لها في مختلف جوانب الحياة، ومن الامثلة على ذلك نورد ما يلي : ففي تعبيره عن حبه لها يقول:

 [ كلما ابتعدت عنك أجد نفسي أشتاق اليك أكثر مما يمكنني التعبير عنه، أنت النور الذي يضيء حياتي، وكل لحظة بدونك تبدو كالعمر]  

 وعن الحنين والذكريات المشتركة بينهما، يقول:  [أتذكر كل الأمسيات التي قضيناها معا، حيث كانت ضحكاتنا تملأ المكان، تلك اللحظات تظل محفورة في قلبي وتذكرني بمدى حظي بوجودك إلى جانبي] … وعن تأكيده لحبها يقول : [عزيزتي كلمتين مهما كانت التحديات التي نواجهها أريدك أن تعرفي ان حبي لك يتجاوز كل شيء، أنت مصدر قوتي والهامي] .

ولعل المتتبع لحياتهما، سرعان ما يخلص الى القول بأن “كليمنتين” هي صمام الأمان للسياسة البريطانية، خاصة وأن تشرشل لم يكن يجيد التحدث بالفرنسية، رغم أنه كان في أمس الحاجة إليها، ففي فترة توليه رئاسة الوزراء بدأت حقبة التقارب بين فرنسا وانجلترا من أجل مواجهة خطر المد الألماني، ويذكر هنا أن زوجته لعبت دورا مهما بحضورها معه في كل الاجتماعات مع وزراء فرنسا والشخصيات السياسية بحكم أنها تجيد الفرنسية. ويروي توفيق باسم في موقع “نبض الوطن” بتاريخ 21 ديسمبر 2017 تحت عنوان ” سلطة زوجات صناع القرار” : أنه وبعد الاضطرابات التي اجتاحت انجلترا في 1953، كانت زوجته قد كتبت له خطابا رائعا، بعد أن كان مريضا وظلت تتابعه وهو يتلو الخطاب حتى أنها مالت عليه وصححت له رقما كان قد قاله بالخطأ وبعد أن أنهى خطابه دوت عاصفة من التصفيق، والتي كانت ضمنا للسيدة “كليمنتين” في شخص تشرشل، وأعيد انتخابه مرة أخرى. وهو ما يبين مكانتها وأهميتها في حياته، وعشقها الضارب بعمق في جذور حياته، وثقته واستناده عليها. وقد جاء في صحيفة “ديلي ميرور” أن تشرشل رئيس الوزراء كان قد كتب رسالة وداع مؤثرة إلى زوجته وطلب منها فتحها اذا ما توفي في الحرب الكونية، ونسبت الصحيفة إليه قوله: [ لا ترثي لحالي كثيرا لأن الموت مجرد حادث لكنه ليس الأهم، وأنا منذ التقيتك سعيد لأنك علمتني كم هو عظيم قلب المرأة، وإذا كان أمامي مكان آخر فإن أول ما سأفعله هو التفتيش عنك] ….وأضاف وهو وقتها في الأربعين من عمره مخاطبا زوجته : [تطلعي إلى الأمام واشعري بالحرية وتمتعي بالحياة وافرحي بالأطفال وحافظي على ذكراي…. رعاك الله والى اللقاء]

– مقتطف من رسالة حب وداعية من تشرشل إلى زوجته، جريدة البيان، 26 أكتوبر 2008 -.    

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية مديرة وإعلامية موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بمغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل و المراسلات:jaridatealwane@alwanne.com