قصة للاستاذ رحمن عباس
أسوار
لسعتِ الصمتَ بوخزة سؤال
كان سؤالا مبهما ، فاترا ومرتبكا
فتحركت تلك البِركة الساكنة في أعماقي. أحسستُ كأن حجرا ثقيلا اخترق الرغوة المفتعلة التي شيدتها حول نفسي
ورغم أن السؤال كان يرفرف في مساحة الفراغ التي تفصل بيننا، غير أنني لم أنبس بكلمة أو أحرّكُ ساكناً. فالساكن عندي يتمرغ في وحل الأرتباك
ثمة حالة من التردد تتولد فيّ ، كلما حوصرتُ بموقف مماثل . حتى إنني أشعر براحة بالغة في الهرب من تلك اللحظات النادرة التي أسعى إليها أحيانا
ولكنني – في أغلب الأحيان – لا امتلك ألشجاعة لحسمها في صالحي. لذا اكتفي بالانسحاب المتّشح بالأيماءات المبهمة
غير أن هذا السؤال الذي حاصرني في تلك الزنقة الرابطة ما بين منزلي في حي تلبرج، وبين سوق المدينة الرئيسي، جعلني في زاوية ضيّقة. بينما تتطاول الحيطان دونما نوافذ ، لتجعل من ذلك الممر ، مجالاً طيّعاً لمرور السابلة ، والعربات والمواشي. وفي غمرة ترددي، خمّنت مدلولات سؤالها، فقلت مبتسما
نعم . أنا عراقي .. ثم أضفت . مدرس جديد في ثانوية محمد الخامس –
اتسعت حدقتا عينيها السوداوين، وهي تستمع للهجتي المتلعثمة، والتي بدت لها غريبة وناشزة ، فأكتفت بالقول
تشرفنا –
التقطت أنفاسي ، وأنا أحاول الوصول لأقرب منعطف. وكأنني أريد التملص من هذه الورطة الطارئة التي لم أستعد لها كما ينبغي
وحينما التفتُّ ،وجدتها تتهادى في سيرها ، وجلابيتها الزرقاء عاجزةٌ عن تمويه أسرار جسدها ، الذي بدأ وكأنه يتمرّدُ على أثوابه، بينما كان شعرها الأسود الطويل يتلبّد، ويستلقي على منعطفات وجهها القمحي
كنت أتسائل بيني وبين نفسي ، وأنا مستلق على سدّارية البونج ،في حجرتي شبه المظلمة
لماذا يكون المساء في تارودانت بهذا القدر من الكآبة؟
كان الخريف يتسرّب بهدوء في جسد المدينة. يُشعرك بذلك الشحوب الذي يعتري أوراق الشجر
وما أن يهبط الغروب حتى تتغلغل برودة شفافة، فتنسحب الخطوات المتسكعة التي تذرع الطرقات . وأظل أسيرا في غرفتي، محاطا بالضجر، متأرجحا ما بين شعاع الضوء الواهي الذي يرتمي شاحبا، وبين العتمة الداكنة التي تنزوي في أعماقي
أقتاتُ بالكتب والجرائد، كأنني أكتشف، وبشكل مفاجىء، أنني وحيد مقذوف في هذه الزاوية المنسية من العالم، في أقصى تخوم الشمال الأفريقي. حيث القرى الساكنة تحت سفوح جبال تزنتاس المتطاولة الأرتفاع
يعلو أديم الأرض حتى يعانق السحاب ، ثم يهبط هذا ألأديم حتى يستلقي على سهول سوس ، وحقولها المزدانة بالأركًان والزيتون والمندرين
وفي هذه اللجّة غير النهائية. أجد نفسي باحثا عن شيء مبهم ، لا أدرك كنهَهُ ، هاربا من حالتي المضنية ، بحقيبة صغيرة، تضمُّ بعض الكتب والملابس القديمة
: ضحكت كاتبة الطابعة في وزارة التعليم بالرباط، ضحكةً أليفةً ، فيها شيء من السخرية. وحينما تلثمت بدهشتي وخجلي. قالت وهي تقدم لي كتاب التعيين
:تارودانت بعيدة جدًّا . ثم صمتت قليلا وأردفت
لكنك سترتاح إليها
غير أنني همْهَمتُ وكأنني أهذي مع نفسي
( كل الأبعاد متساوية إذا لم تكن هناك نقطة ارتكاز )
أين هي تارودانت ؟
هذا هو السؤال الذي الحّ عليّ وانا أتحسس كتاب التعيين بفرح
اشتريت خارطة المغرب، وظللت أبحث عن موقعها في تلافيف الخارطة، أتلمس النقط السوداء التي ترمز للمدن
وأخيرا عثرت على اسم تارودانت
نقطة باهتة ،تبعد أصبعين عن المحيط الأطلسي، محاطة بخضرة داكنة ،سرعان ما تذوب في صفرة لا نهائية
وقبل أن ألتقط حقيبتي، ذهبت إلى محطة الحافلات فأخذت فكرة عن السفر
وهكذا وجدت نفسي محشورا في حافلة عجوز، مشحونة بالركاب والبضائع، فغرقت في غيمة من الدخان ، ولغط الأحاديث التي لم أفقه منها شيئا، ثم شخير التعب الذي انبعث وئيداً متصاعداً، والحافلة تئن وهي مرهقة في سيرها
تقترب من السواحل ، حتى نشم رائحة البحر المشبع بنكهة العشب، ثم تنأى عن البحر متسلقة مرتفعات وهضاب ومنعطفات
ودونما وعي استسلمت لنوم عميق ، لم ينتشلني منه الاّ رشاش من أشعة الشمس ، التي تموجت من خلال نوافذ الحافلة، والتي أيقظت بدورها اغلب الركاب ، الذين اصبحوا يتمتمون بعبارات أقرب إلى الدعاء. وسرعان ما ارتفع قرص الشمس، ليكسو الحقول الوديعة بإشراقة شفافة
ومن بعيد تراءتْ أسوارٌ غير واضحة المعالم، سرعان ما تجسدت لنا ونحن نقترب منها ، ونمر عبر بوابتها الرئيسية التي كانت على هيئة مقوسة
كانت الأسوار هائلة متعالية، تلتف حول المدينة كأفعى خرافية، حمراء كالحناء، وكأن المدينة قد استأنست بالاختفاء بين طيّاتها ، عبر حقب تاريخية متتابعة
ها أنذا أخيرا في تارودانت
رأيتها وكأنها تفتح أزقتها أمام خطواتي المتعثرة، ألمسها بحنان ، وكأنني استنشق غبار الماضي بكل حدّته
في الأيام التالية ، قادتني قدماي إلى مقهى في ساحة المدينة ، كانت أصوات المزامير والطبول تدوي
خيام منصوبة ، باعة وراقصون وزغاريد تنبعث من كل مكان
إنه الموسم السنوي –
قالها لي نادل المقهى وهو يقدم لي شايا أخضر معطراً بالنعناع . ثم ظل يشرح لي ، بعد أن قرأ بوجهي أمارات التعجب والدهشة ، عن هذا المهرجان الذي يُقام في المدينة في مثل هذا اليوم مرة كل عام
يأتي فرسان القبائل من كل حدب وصوب. يطلقون نار بنادقهم في الهواء، وهم على صهوات جيادهم. وكأنهم يرسمون خطوطاً متشابكة ، لأزمنة تداخلت في لحظة واحدة
يعتمرون العمائم المختلفة الألوان، ويصرخون بأصوات لاهثة حارة. بينما حشود الناس تنظر إلى المشهد بدون مبالاة، وكأنهم قد تعودوا على مثل هذه المواسم
أجّرت منزلا صغيرا في حيّ مكتظ بالسكان. يُطلُّ على خربة مهملة. تجاوره منازل كثيرة لا تختلف عنه. حيث تتراكم النوافذ ذات الطراز المغربي ، الذي يعتمد على النقوش والألوان
كنت أشعر أنني لا أنسجم مع جيراني ، الذين يضايقونني بفضولهم . بيد أنني أيقنت أنهم سيتعودون عليّ ، ومن ثمّ قد يتناسون وجودي بينهم
وكرد فعل لذلك، غلّفت نفسي في شرنقة وقار مفتعل، وقيدت خطواتي، واعتنيت بهندامي
وكأنني في حالة تحفز للدفاع عن النفس
العراقي .. هذا هو اسمي. وأحيانا، السي العراقي. الجميع يعرفونني بهذا الأسم
ورغم صيغة الإبهام والتنكير التي طمست معاًلم اسمي الشخصي ، إلاّ أن الاسم الجديد أثار فيّ مزيجاً من الأعتزاز والسرور الخفي. وكأنني أحتضن هذا العراق من خلال تقمص إسمه، بل كأنه يتدفق في عروقي، وأنا أرتمي في حقول سوس النائية
أنا العراقي المحاط بعوالم شبه خرافية. المولع بتلك الأسوار التي تحيط بهذه المدينة المنسية
أسوار تنهض من قعر الزمن ، وعلى أديمها تبدو سنابك خيل الغزاة، موشومة على الجدران
وأنا آخر الغزاة المهزومين
لكنني لم اقتحم تلك الأسوار ، بل جعلتها ملاذا
في الصباح تتضرج تارودانت بشعاع الشمس الذي ينسكب عليها بدفء، فتدب فيها الحياة وتتعالى الأصوات، وتتزاحم الأقدام مع صرير العجلات . الرجال يختبئون تحت جلابياتهم الصوفية الثقيلة ، والنسوة اللواتي يتلفعن بإزر ملونة لا يبدو منهن سوى محاجر العيون
إنه يوم الجمعة الذي يتقاسمه السوق صباحا، والجامع زوالا
حملتُ قفة الخوص، وتوجهت إلى سوق الجمعة. وحشرتُ نفسي وسط الزحام والخضرة الطازجة وغبار الطريق، حيث أسمع لغطا عاليا ، مساومات البيع والشراء، ممزوجة بأغاني الشيخات وجيل جيلالة ، ثم أصوات الميكريفونات التي تروّج للبضاعة ، أو تُعلن عن بيع أدوية تجترح المعجزات وتشفي العليل ، وتداوي الأبرص والمجذوب، كما تقضي على الفئران (وسرّاق الزيت)
وفجأة. امسكتني يدٌ في وسط هذه اللجة البشرية. إنه الفقيه التيجاني ، معلم التربية الأسلامية في مدرستنا
مرحبا بك السي العراقي في تارودانت، قالها بصوت عال، ثم مال إلى أذنيّ وكأنه يبوح بسر غريب لايعرفه سواه
“غرة سوس ونجمة الجنوب. عمّرها السعديون، لتصبح عاصمة لهم، لكنها انحدرت إلى الحضيض. وأصبحت كقول القائل
….أردناها أن تكون مدينة العلم ولبة الألباب، فأبت إلا أن تكون مدينة الذباب وال”
ثم بصق وهو يعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم
غرقتُ في الزحام من جديد، تطاردني كلمات التيجاني ورؤاه عن هذه المدينة. وإذا بذات الوجه القمحي تبرز أمامي كملاك . وقفتُ مرتبكا مذهولا، محاطا بتلك الدهشة العذبة التي تتسرب في داخلي كلما اصطدمت بشيء غير متوقع
أحسستُ بأن قدميّ تريدان التحرك بإتجاه ما، غير أنّ إفترار ثغرها أطاح بكل محاولة للتراجع اوالهرب
وهكذا وجدت نفسي أتجوّلُ في أنحاء الوجه القمحي
سنابل ترتعش وهي حبلى بالحبوب، وحقول وديعة تمتد بامتداد الأفق
أتشربين القهوة… معي.. في منزلي؟
لاأدري كيف انفلتت هذه الجملة من فمي. وأية شجاعة انهمرت عليّ في تلك اللحظة
كانت الكلمات بيننا معلقة في الهواء، مبللة ومرتبكة، وأنا أنتظر ردود فعلها
فقد ينطفئ بريق الفرح بعينيها. وقد يكتسي وجهها بقناع من الغضب الجامح. قد تصرخ غاضبة، فيجتمع الآخرون ضدي يقودهم التيجاني. وهم يصرخون
أخرج أيها العراقي فقد لوّثت عفة مدينتنا. غير أن ذات الوجه القمحي على عكس وهم توقعاتي، أعلنت موافقتها على دعوتي بإيماءة من رأسها. بينما شعرها الأبنوسي يتراقص على أرنبة أنفها
وقتاش؟
قالتها بغنج وكأنها تتوقع دعوتي هذه. فتسللتُ محاطا بنظرات مستهجنة
وسمعت احدهم يصيح بصوت عال
( بناتنا بحال خبز السوق. ما ياكله غير البراني) –
وأنا البراني الذي اُبعد قسرا عن عوالمه الأليفة، ليبحث عن سقف يؤيه، أو غطاء يتدّثر به
حالما وصلت منزلي. رتبت الأشياء المهملة ، من صحف مرمية وأعقاب السجائر والأطباق المتسخة
نظفت كل شيء، بينما كان الوقت يمر ثقيلا
وقبل أن تبدأ عقارب القلق
سمعتُ طرقا عجولا على الباب. فتحته بسرعة ، فإذا إمرأة ملفوفة بزرقة إزار، لا يبدو منها سوى العينين السوداوين
وحينما أماطت اللثام. بدا الوجه القمحي يتوهج
أغلقتُ الباب ، تداهمني مشاعر شتى. جهزت أكواب القهوة، وأطلقت لنفسي العنان للحديث عن مواضيع شتى، لا رابط بينها وكأنني أهذي
وحينما امتدت يدي لتداعب عنقها. وجدت صمتا دافئا، جعلني أسبح في بحر شعرها الأبنوسي
غير أن وجه التيجاني برز ليصرخ بي
” غرة سوس، ونجمة الجنوب… ”
ذهبت إلى البار الوحيد في المدينة. جلست في زاوية بين أضواء باهتة ، تتسرب من أشجار الجوز المحيطة بي. استمع إلى قهقهات ثملة ، محتميا بدخان سيجارتي ، وحينما أحسست أن البيرة تشعُّ في أنحاء جسدي، فيتسرب منها خدر لذيذ. خرجت من البار، وارتميت في دروب ضيّقة، مشبعة بظلمة داكنة تاركا قدميّ تقودانني، لأجد نفسي في شبكة من الأزقة المتداخلة ، وكأنّ عنكبوتا ضخما قد نسج هذه التشكيلة من الدروب والبيوت والخرائب، وجعل أقدامي معلقة بسائله اللزج
داهمني خوف خفي، وفكرت بفاطمة.. بجسدها الطري وأحلامها الساخنة. غير أنّ أشعة الكاشفات الضوئية لفندق السلام الكبير أشعرتني بالأمان. فخرجت من هذه الظلمة، بينما الأسوار تستحم بالضوء، وتخفي عتمة باردة وأسرار الزنق العنكبوتية
لم تتركني فاطمة وحيدا، فهي تزورني كل جمعة. يتضوّع جسدها برائحة الغاسول والصابون البلدي ، فأرحل وإياها في زوارق من النشوة. تحكي لي أشياء شتى ، وكأنها تفترض جهلي بكل شيء
تحدثني عن أبيها الذي يعشق الشيخات ، ويترك أمها تموت مهملة في مستشفى الأمراض الصدرية، عن عمّها الذي يصلي ليل نهار، ويصوم رمضان
لكنه يتعاطى (الكيف)، ويأتي بالنساء ليضاجعهن في غرفته على السطح
وكيف عرفت؟ –
: أسألها بسذاجة. فتجيبني ضاحكة
كنت استرقُ النظرَ من ثقب المفتاح
في كثير من الأحيان، كنت أشعر أنها تنسج قصصاً، للتأثير على المناطق الرخوة من شخصيتي
تحدثني عن عشاقها الذين تلتقي بهم على شواطىء أغادير
حيث البحر والشمس ، فتخيلت جسدها وقد تفصدت عليه قطرات الماء المالحة ،فيكتسي بسمرة برونزية تتلون برشاش أمواج البحر
فتفجرت في داخلي غيرة متوحشة، لكنني مثّلت دور العاشق غير المبالي
بعد عامين ، تملكتني حالة من الضجر وأنا أعيش في تارودانت
فلم تعد الأشياء تملك بهجتها، وحتى وهج الدهشة الأولى فقد بريقه
والأسوار التي عشقتها يوما لم تعد تُغريني
وفي صباح مبلل بالمطر والكآبة، خرجت إلى الساحة العامة، غير أني وجدتها قد طفحت بهذه السيول المطرية التي لم تنقطع منذ الأمس
في البداية كانت بشائر الفرح، لأن المطر يحمل الخير لهذه الأرض العطشى، لكن استمراره لليوم الثاني دون توقف. جعل الفرح يتحول إلى خشية ثم إلى خوف
وما إن بدأت بعض البيوت بالانهيار، حتى ظن الناس أنه الطوفان
نهاية العالم. ارتفعت المآذن بالدعاء. اكثروا من التضرع إلى الله ليتوقف المطر
كنت أتجول في الأزقة وكأنني أعوم في اليمّ. إنه الطوفان
كان البعض يفر ببعض حوائجه، كأنه يريد الهرب بأعز ما يملك
كم شعرت بالأسى لهذه المدينة التي احتضنت خطواتي الأولى. كنت أراها وكأنها تحتضر
اتجهت صوب الباب الغربي حيث الأسوار. لكن مفاجأتي كانت محبطة
لقد بدأت الأسوار بالتآكل، فذاب ترابها مختلطا بالمطر، أما صخورها فقد بدأت بالتدحرج عائمة في الماء كحصى صغيرة
تلك الأسوار التي قاومت الزمن ، وصمدت أمام الغزاة قرونا. تنهار وتستحيل إلى طمى وأحجار صغيرة… توقف المطر بعد أسبوع ، بعد أن ترك المدينة مهشمةً وعاريةً من أسوارها
لم أستطع أن أقدّر حجم المأساة التي انعكست على أهالي تارودانت ، الذين خرجوا عن بكرة أبيهم ، وكأنهم يشيّعونَ أسوارَهم
كان الرجال يرتدون ملابس الحداد، وكذلك النسوة اللواتي يبكين بمرارة. وكان الأسى العارم يحلّق في وجوه الناس الذين حملوا ما تبقى من أحجار أسوارهم، وكأنهم يحملون أطفالا غرقى
كنت أرقب المشهد مذهولا
ولم أعلم أنّ ثمة همساً بدأ بين الجمع المحتشد ، وكانوا يصوّبون نظراتهم باتجاهي ، وتحوّل الهمس إلى صراخ غاضب
اخرج من مدينتنا.. اخرج. اخرج
أيقنت أنهم يحملونني مسؤولية ضياع أسوارهم ، فتراجعت مذعورا
وإذا بالجموع تتقدم نحوي . يريدون أنْ يرجموني بما تبقى من أحجار أسوارهم
تضرعت إليهم وأنا أرى الرغبة العارمة في رجمي انتقاما
تعثرت خطواتي الهاربة المتراجعة، مذهولا من رؤية الفقيه التيجاني الذي كان يوقف الحشود الغاضبة
كنت المح الحقد المشوب بالعتاب ، حتى فاطمة كانت غاضبة ، لكنها لم ترفع حجرا لرجمي. وكأن عينيها تستحلفاني بأن أرحل
وفجأة دب صمتٌ عميقٌ ، لم يمزقه سوى صوت التيجاني
إذهب ايها البراني بعيدا عن أسوار مدينتنا –
لقد جلبتَ لنا الدمار ، ولكننا أبقيناك حيّا طليقا –