استعمال الرقميات مكنني من تجميع كتاباتي القصصية
احمد بن ميمون من الرواد الذين اقلقتهم اسئلة الحداثة، فشاكسها بلا هوادة. منذ بوهيميته هناك في الدار البيضاء سنوات السبعينيات والى ان استقر به الحال ..نشر اشعاره مبكرا وكتب القصة في مجموعة ’’ شهود الساحة ’ ونشرها اثارت الكثير من الغبار إثر مصادرتها في الجمارك . في هذا الحوار يتجول الشاعر عبر الزمان ..ما بين عشرينياته وتمانينياته، فكانت هذه الورقة
ـ أستاذ احمد بنميمون: تعتبر من رواد الشعر الحديث: كيف وضعت تخطيطاتك الحديثة في هندسة الفقر. وهل ستضع ذات التخطيطات على ذات هندسة الفقر بفارق نصف قرن؟
ـ كتبت مجموعتي الشعرية الأولى خلال أربع سنوات تمتد من 1970 إلى 1973 ولم يكن واردًا في نفسي أن تصدر في كتاب ، كل ما استطعت دفعه للطبع في عجالة كان مجموع قصائد رأيت أن جامعها هو حام الانتقال بالكتابة الشعرية من شعر يخضع للوزن إلى شعر يحاول الإجابة عن سؤال الشاعر أنسي الحاج هل يمكن كتابة الشعر بالنثر؟ وهو سؤال سبق أن أدهشني وأنا أقرأه في مقدمة ديوان (لن) فجاء ما كتبته في ديوان (تخطيطات..) مُتَّسمًا بالتسرع وغير قليل من قلق الاضطراب، أما إذا تكرت ظروف نشره وأنا في الرابعة والعشرين من عمري ، حيث منت غير مستقر أعيش حياة البوهيمي في مدينة الدار البيضاء ، لا مكتب لي إلا ما يوفره الفندق البسيط الذي كنت أقيم به، وصرف معظم وقتي في مقاهي وسط المدينة، مع أيام مرض كانت تصيبني بين الشهر والأخر لاضطراب حياتي على كل مستوى، مما كان يحرمني من أن أستريح بما يكفي ، فلذلك فأنا أجد نفسي الآن أتعجب كيف لم أتوقف عن الكتابة آنذاك ، ولماذا ظلِلْت متمسكا بها، وقد عكست اختياراتي الفنية ، عنيت :الشكلية الفوضى التي كانت تطبع حياتي أيامها، بعدها استقرت حياتي ، وظل الشعر اختياري الأول والأخير ، حتى حدود العقد الأخير من الألفية الثالثة حيث كتبت سردا وأصدرت أكثر من خمس مجموعات قصصية ورواية. في الوقت الذي ما زلت أكتب الشعر بغزارة
!ضجة حجز ديوانك ” شهود الساحة “: هل خفتت دون ان تخلف رمادا. للذكرى
ـ “شهود الساحة” ليس ديوانًا، بل مجموعة قصصية صدرت لي عن دار كلمات بالشارقة ،وقد لاحظ الكاتب الفلسطيني سهيل كيوان فيما كتب عنها بأنها رواية أكثر من كونها مجموعة قصصية ، إبان الضجة التي صاحبت مصادرة الجمارك المغربية لمجموع ما أرسله الناشر إليّ ، مع صمت مطبق ميّز موقف الجهات الرسمية المسؤولة عن الشأن الثقافي، وقد كان موقف أصدقاء لي في الخليج متميّزا بالتضامن المطلق، فبعث أكثر من صديق ما استطاع أن يبعثه من نسخ عبر اتصالات شخصية ، في تحد لحصار غير مخطط ، فكان أن تجاوزت الخصار بلا خسارات…فلا زالت المجموعة حاضرة في كل معارض الكتاب التي تحرص دار النشر على حضورها
ـ ماذا عن حال اتحاد كتاب المغرب في كلمتين؟
ـ اتحاد كتاب المغرب مثل إلى حدود التسعينات منظمة ثقافية معارضة لم تخضع لسلطة ، هي واتحاد كتاب لبنان، وقد كانت تعكس بصدق موقف الكتاب المغاربة المستقلين عن أي تبعية ، وما حد أخيرًا كان أمرًا مرتبًا منذ زمن بعيد، تبين منذ السبعينات ، والمؤتمر الرابع أن السلطة المغربية تعمل على استقطاب هذه المنظمة إلى دائرة مصالحها الإدارية ، فتم لها ذلك في السنوات الأخيرة ، بفوز سياسة الجزرة ، بعد أن فشل استعمال العصا عقودًا طويلة
تجربتك في مجال النشر الرقمي. ماذا منحت وماذا منعت؟
سهل عليّ استعمال الرقميات في حدودها الدنيا ، تسجيل كل أشعار وكتابتها ، ثم أن ما أكتبه من قصص كا ذا نفس طويل أحيانا ، لو أنني مثلًا كنت أكتب بأصابعي ، لما استطعت مراكمة نصوصي القصصية التي بين يدي
ـ عودا على بدأ. “اخر اعوام العقم “,ماذا يثير العنوان لديك؟
رحم الله شقيقي الشاعر محمد الميموني الذي كان واسع الأفق ، بعيد الحلم والرؤيا، وديوانه ” آخر أعوام العقم ” كان بالفعل بشارة خير للقصيدة المغربية ، التي بدأت بصدوره مرحلة جديدة ميزها صدور دواوين كثبرة رائعة مثل دواوين المرحوم عبد الله راجع بدءً من (الهجرة إلى المدن السفلى) و( سلامًا وليشربوا البحار) ثم ديوان ( الفروسية)لأحمد المجاطي و(حدائق هيسبريس) للشاعر المرحوم : محمد الخمارالكنوني، وبعده جاء الدفق العظيم من الإصدارات الشعرية المغربية ، التي شملت شعراء الستينات عن آخرهم ، وشعراء السبعينات الذين مثل كل منهم لحظة مضيئة في مسار القصيدة المغربية التي لك تكف عند هذا وذاك من الاجتهاد لوضع لمسة أو ترك أثر ، كما لدى محمد بنطلحة في إنتاجه السبعيني خاصة ولدى الشاعر الحجام علال ، ولدى محمد بنيس في شعره الأول” ” وأحمد بلبداوي وفي قليل من شعر محمد الأشعري، ليسود في العقدين الأخيرين تدفق غير محمود ، حمل من الرداءة أكثر من جيده الذي أصبح يحاصر في غمرة من الإصدارات التي تشوش على القارئ الذي أصبح يحتار ويعاني في رحلة البحث عن جيد الشعر في غمار ما تغرق به المطابع رفوف مكتباتنا من إصدارات لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ، وقد حفظ الله آنافنا لأن الكلمات لا تنتن
ـ بعد هذا الزمن الممتد ..ماذا اختزنت للأحفاد من حكايات ؟
عشت طويلا ، وقد وجدت بعض العزاء في ما حاولته من سرد ،وأتمنى أن أوفق إلى كتابة ما يملك في ذاته القدرة على البقاء
ـ اخيرا ماذا تتمنى وانت تشارف تمانينياتك النشطة؟
بيني وبين الثمانينات ستة أعوام أو تزيد قليلا، أتمنى أن أوفق كما قلت إلى كتابة نصي السردي الذي أحلم به، وأن أصل ‘لى عناق سيدتي القصيدة ، التي لا تريد أن تسلم نفسها لأحدٍ، فالقصيدة كالمرأة ، نعطيها كل ذاتنا في مقابل أن تعطينا بعضًا من ذاتها
Related