أصدقاء المغرب:جورج ايزار

أصدقاء المغرب:جورج ايزار
                 أحمد قابيل

 محامي محمد الخامس أحد المدافعين عن حق المغرب

جورج ايزار : Georges IZARD 1973-1903 محام فرنسي وكاتب ورجل سياسة وأحد المدافعين عن حق المغرب في حريته واستقلاله، وقد لعب دورا أساسيا في ذلك، خاصة في السنوات الأخيرة من عهد الاستعمار.ولد جورج ايزار سنة 1903، حصل على دبلوم الدراسات العليا DES في الفلسفة، ثم على الإجازة في القانون، وتم تعيينه سنة 1926 مديرا لديوان وزير الملاحة التجارية.
في سنة 1932 يسجل نفسه في نقابة المحامين بباريس، في هذه الفترة يؤسس مع المفكر الشخصاني إيمانويل مونيي Mounier مجلة “اسبري Esprit” الفكرية التي مازالت تصدر لحد الآن. يدخل معمعان السياسة وينتخب عضوا في الجمعية الوطنية “البرلمان“، وفي سنة 1937 ينخرط في الحزب الاشتراكي SFIO. ويكون أحد المثقفين والسياسيين الذين قاموا بنصرة الجمهورية الإسبانية ضد التمرد الفاشي الذي قاده الجنرال فرانكو سنة 1936. يلتحق بالمقاومة الفرنسية أثناء الحرب العالمية الثانية، ويكون ممثلا لهذه المقاومة في الجمعية الوطنية التأسيسية التي تكونت بعد الحرب في نهاية الأربعينيات، يعود جورج ايزار ليرتدي مرة أخرى بذلة المحاماة، ويتفرغ لها تاركا وراء ظهره العمل السياسي الحزبي، دون أن يتخلى عن العمل السياسي بمعناه الواسع، وستعرف قاعات المحكمة الفرنسية إذاك العديد من مرافعاته البليغة في أشهر القضايا التي طبعت نهاية الأربعينيات وبداية الخميسينيات من القرن العشرين، و بدأت العديد من المؤسسات والشخصيات تستعين بخبرته القانونية والفكرية مثل باي تونس و محمد الخامس.

كان جورج ايزار عضوا نشيطا في جمعية المغرب-فرنسا المساندة لحق شعوب شمال إفريقيا ، وقد كسب ثقة محمد الخامس بعد نفيه، وأصبح وكيل أعماله ومصالحه في المغرب وفرنسا، المادية منها والمعنوية، وكان الواسطة التي تربطه برجال السياسة الفرنسيين وأيضا برجالات الحركة الوطنية المغربية، ولعب دورا كبيرا في المداولات والمفاوضات الأخيرة التي تمت خلال سنتي 1954 و1955، والتي كانت تتعلق بإيجاد مخرج لمشكلة العرش ، التي أصبحت مطروحة بحدة، وبصلاحيات الحكومة المؤقتة التي يمكن أن تدخل في تفاوض مع فرنسا. فحين أقدمت الإقامة العامة تحت قيادة “غيوم Guillaume“، وبتعاون مجموعة من القواد والباشوات العملاء، على جريمة نفي محمد بن يوسف إلى مدغشقر وتنصيب سلطان دمية يخضع لأوامر أسياده الاستعماريين، اندلعت حركة المقاومة في جل المدن المغربية، حتى كان لا يمر يوم دون أن تخبر الصحافة بعمليات الفداء المتوالية والمتصاعدة هنا وهناك، والتي سقط برصاصها العديد من الاستعماريين والعملاء، بل لقد وصلت هذه العمليات إلى رأس المخزن حين استهدف الشهيد علال بن عبد الله وغيره من الفدائيين محمد بن عرفة وأصابوه بعدة جروح أثناء خروجه لصلاة الجمعة، في الرباط ثم في مراكش ، كما أصابوا العديد من كبار الضباط وغلاة المعمرين. فاضطرت الحكومة الفرنسية لإيجاد مخرج من هذه الورطة التي سقطت فيها، هل تبعد ابن عرفة وترجع محمد بن يوسف؟

إنها بذلك ستغضب أصدقاءها الأوفياء، أمثال الكلاوي وعبد الحي الكتاني، كما أن غلاة المعمرين الفرنسيين أصحاب المصالح لن يقبلوا بهذا الحل، فما العمل؟ هنا بدأ الحديث عن “الرجل الثالث” أي عن سلطان جديد غير محمد بن يوسف وغير ابن عرفة، لكن هذا الاقتراح، وبتنسيق تام مع الوطنيين، يرفضه السلطان محمد بن يوسف رفضا باتا. وستظهر صيغة أخرى لحل المشكلة وهي فكرة مجلس حفظة العرش أو مجلس الوصاية، مؤلف من ممثلين عن محمد الخامس وممثلين عن الطرف الآخر، ويتولى شؤون العرش والسيادة بعد إبعاد ابن عرفة. وسيتولى جورج ايزار تبليغ الملك محمد الخامس في منفاه بهذه الفكرة. يقول المرحوم عبد الرحيم بوعبيد في رسالة بعث بها إلى غي دولانوي Guy Delanoé ونشرها دولانوي في مذكراته “الجزء 3“:  … جورج ايزار كان يستعد لزيارة محمد الخامس في منفاه بأنتسيرابي “بمدغشقر” فطلب من عبد الرحيم وعمر بن عبد الجليل إن كانت لديهما رسالة يمكن إيصالها إلى محمد الخامس، فاتفقا على رسالة حررها عبد الرحيم بوعبيد في مكتب جورج ايزار نفسه مضمونها :ألا يتخلى محمد
الخامس عن العرش مهما كانت الضغوط، ويضيف المرحوم بوعبيد في مذكراته أنهما طلبا أيضا من محمد الخامس ألا يقبل أي تفاوض رسمي قبل إطلاق سراحه هو وأسرته، ويتحدث عن جورج ايزار قائلا في حقه إنه كان يبلغ رسائلنا إلى محمد الخامس بأمانة ولم يحاول في أية لحظة طيلة هذه المدة أن يثنينا عن مواقفنا، بل كان يتفهم مشاعرنا وآراءنا.
في الكتاب الأخير الذي ألفه الأستاذ الغالي العراقي، عضو القيادة العليا لجيش التحرير، بعنوان “البيان والبرهان” خصص الكاتب العديد من الصفحات لنضال الفرنسيين الأحرار الذين ساهموا بأدوار مختلفة لمساعدة المغرب في سعيه لنيل حريته واستقلاله ، وحين تحدث الكاتب عن جورج ايزار قال في حقه : “لقد شكل وجود جورج ايزار بجانب الملك في منفاه كمستشاره القانوني ومحاميه الخاص، متنفسا كبيرا لنزيل انتسيرابي وعونا مهما للحركة الوطنية برمتها”.
وحين انتصرت إرادة الشعب وعاد محمد الخامس إلى أرض الوطن يوم 16 نونبر 1955، حرص الملك على أن يكون الأستاذ جورج ايزار رفيقه في رحلة العودة، وكان هو أيضا أحد من نزلوا من سلم الطائرة في مطار سلا- الرباط في ذلك اليوم المشهود.

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية :مديرة موقع صحيفة ألوان: منبر إعلامي شامل يهتم بالأدب والثقافة ومغاربة العالم. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر. رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل :jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *