أصدقاء المغرب

أصدقاء المغرب

رائد الدراسات المغربية والأندلسية

         أحمد قابيل

 ليفي- بروفنسال Lévi-Provençal

(ولد يوم: 4 يناير 1894-وتوفي يوم: 27 مارس 1956)

أحد كبار المستشرقين الفرنسيين، معرفته العميقة بالتراث العربي الإسلامي بالأندلس وبالمغرب، خاصة ما يتعلق منه بالمخطوطات وتحقيقها ونشرها، أهلته لأن يكون رائد الدراسات الإسلامية في فرنسا. ولد بالجزائر العاصمة سنة 1894، ثم أكمل دراسته في مدينة قسنطينة حيث كان زميل دراسته من سيكون الجنرال جوان. في كلية الآداب بالجزائر، شجعه عميد الكلية روني باسي René Basset المعروف بدراسته عن الثقافة والتاريخ المغاربي ، على دراسة اللغة العربية، كما تلقى تكوينا جيدا في التاريخ الروماني على يد مؤرخ روما القديمة جيروم كاركوبينو Carcopino.
وبعد إنهاء دراساته الجامعية ومشاركته في الحرب العالمية الأولى التي خرج منها جريحا، يتم تعيينه سنة 1916 في أحد المواقع شمال المغرب على واد ورغة، فالجنرال ليوطي المقيم العام كان يطلب قيادات تجيد اللغة العربية، كما هو حال ليفي ¬ بروفنسال . فكان¬ إلى جانب أشغاله اليومية¬ يهتم بأحوال المنطقة التي يعمل فيها وثقافتها ولهجتها وآثارها ، ويجسد ذلك في مقالات أخذ ينشرها في المجلات المتخصصة مثلا Archives Berbères ، مما أهله ليلتحق سنة 1921 بالمعهد الجديد الذي أنشأه ليوطي، وهو معهد الدراسات العليا المغربية، ويكون من الأعمال الأولى التي قام بها، اشتغاله بفهرسة مخطوطات الخزانة العامة بالرباط ، وهو ما ساعده على تعميق معرفته بالثقافة المغربية أدبا وتاريخا وعقيدة، وأكثر من ذلك الاستئناس بالخطوط وأنواعها وأشكالها، مما لابد منه لكل من يتصدى لتحقيق المخطوطات، وهو الأمر الذي سيكرس له جزءا من حياته العلمية لاحقا . وساعده أيضا على اختيار موضوع أطروحته الجامعية وهو “مؤرخو الشرفاء” والتي تعرض فيه لمفهوم المغاربة للتاريخ، وللمؤرخين الذين كتبوا عن الدولتين السعدية والعلوية، أما الأطروحة التكميلية فكانت عن لهجة منطقة ورغة حيث كان يعمل، ومازال كتابه عن مؤرخي الشرفاء مرجعا أساسيا لكل من يدرس علم التاريخ عند المغاربة .

يدافع ليفي -¬ بروفنسال عن أطروحته بنجاح في جامعة الجزائر سنة 1922، ويتفرغ بعد ذلك لأبحاثه العلمية عن الثقافة والآثار الإسلامية بالمغرب، مثل البحث الذي قام به عن موقع شالة بمشاركة الباحث هنري باسي H.Basset .
لكن أهم منعطف في مساره العلمي سيبدأ حين تكلفه وزارة التعليم العمومي سنة 1923 بالقيام بوضع فهرس للمخطوطات العربية الموجودة في بلدة الاسكوريال Escurial بإسبانيا، والتي يعود أصل الكثير منها إلى خزانة السلطان السعدي مولاي زيدان التي استولى عليها القراصنة الإسبان. وفي هذه الخزانة المعاصرة يكتشف كثيرا من نفائس المخطوطات الخاصة بتاريخ المغرب، وبالتاريخ والثقافة العربية بصفة عامة، إذ يتمكن مثلا من العثور عن وثائق عن العصر الموحدي يجمعها وينشرها باسم وثائق غير منشورة عن التاريخ الموحدي وهو ما ساعد على تسليط إضاءات جديدة على هذه الفترة الأساسية من تاريخ المغرب . لكن هذه البعثة العلمية إلى السكوريال ستكون بداية عشقه للأندلس وتاريخها وثقافتها وهو العشق الذي لازمه طيلة حياته .
عاد مرة أخرى إلى إسبانيا سنة 1924 ليطوف بالعديد من الخزانات والمكتبات والمتاحف، وليلتقي بالكثير من المستشرقين الإسبان ليزيد من معرفته بهذا العالم الواسع الذي انفتح أمامه ،عالم الثقافة الأندلسية، وليجمع كل ما أمكنه جمعه من الوثائق للمشروع الكبير الذي سيبدأ فيه كتابة تاريخ إسبانيا الإسلامية صدر الجزء الأول منه سنة 1944 .
يتم تعيين ليفي-¬ بروفنسال مديرا لمعهد الدراسات العليا المغربية بالرباط سنة 1925، ويستمر في هذا المنصب حتى سنة 1930، مع تعيينه في نفس الوقت أستاذا لكرسي الحضارة الإسلامية بجامعة الجزائر ثم أستاذا في جامعة السوربون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ومديرا لمعهد الدراسات الإسلامية بباريس .
ورغم انشغالاته العلمية المرتبطة أساسا بتاريخ المغرب والأندلس في العصر، فلم يكن ليغفل عن الأحداث السياسية التي يعاصرها ، فأثناء إقدام السلطات الاستعمارية على نفي محمد الخامس، عبر عن استنكاره لهذه الجريمة في رسالة بعثها إلى المستشرق ماسينون قائلا بأن فرنسا قد تنكرت لسمعتها أمام الرأي العام المغربي والإسلامي، ثم كتب مقالا في جريدة لوموند يفند ادعاءات عبد الحي الكتاني والكلاوي وباقي القواد والباشوات ويعتبر أن ما قاموا به مخالف للتقاليد المتعارف عليها في التاريخ المغربي في تنصيب أو خلع السلطان .
ترك ليفي- بروفنسال بعد وفاته سنة 1956 تراثا غزيرا من الكتب والمقالات والتحقيقات، فقد كانت له قدرة كبيرة على الاشتغال والتفاني في العمل، من أهم هذه المؤلفات ” إسبانيا الإسلامية في القرن العاشر“، “تاريخ إسبانيا الإسلامية” في ثلاثة مجلدات، تحقيق العديد من المخطوطات العربية الأندلسية، إضافة إلى إشرافه على الطبعة الفرنسية لموسوعة الإسلام L’Enocyclopédie de l’Islam .

Version 1.0.0

كتابات ليفي-¬ بروفنسال عن الأندلس وخاصة كتابه الإساسي “تاريخ إسبانيا الإسلامية” جعلت منه حجة بين المستشرقين لسعة اطلاعه على التاريخ والثقافة الأندلسيين. وقد ترجم هذا الكتاب لأغلب اللغات الأوربية ليتعرف العالم أكثر بهذه المنطقة من الغرب الإسلامي التي أعطت نموذجا مثاليا للتعايش والتسامح بين أبناء الديانات الثلاث، وأعطت للعالم العديد من المفكرين الذين كان لهم دورهم الأساسي في النهضة الأدبية والفكرية في أوربا : ابن باجة، ابن طفيل، ابن رشد، ابن عربي…

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية :مديرة موقع صحيفة ألوان: منبر إعلامي شامل يهتم بالأدب والثقافة ومغاربة العالم. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر. رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل :jaridatealwane@alwanne.com