لا زال أمامي متسع من العمر للفرح…

لا أجد حرجا إن فضحتني طفولتي

كتابات: بقلم إدريس الواغيش

أنهيت المرحلة الأولى من العمر سالما، والحمد لله. واثق من نفسي، وعندي طموح كبير في الاستمرار، ورغبة جامحة في بداية مرحلة أخرى جديدة؛ أهم وأحلى. لم تعد تهمني، بعد اليوم، عميات الحساب، من جمع وطرح وضرب، ولا دوران عقارب الساعة. ولن أتساءل كما يفعل الكثيرون عن ماذا كسبت؟ ولا ماذا خسرت؟ لأنني لم أراهن يوما على الربح، بقدر ما كانت رهاناتي دائما على الخسارة.

كنت أعرف، أنني قد انحزت دون قصد مني إلى صف الخاسرين، حين كتبت أول قصة قصيرة، وطبعت أول مجموعة قصصية. وأصبحت من جيش المدمنين على الخسارات، منذ أن كتبت أولى قصائدي إلى أن طبعت ديواني الثالث. ثم توالت الخسارات، وأنا راضي بكل خساراتي.

لا أحب الربح، لأنه يعلم الحيل والشطارة، والشطارة تعلم الخبث، والخبث يعلم التفنن في الاحتيال على حقوق الآخرين، وأنا من طبعي وطبيعتي ميال إلى العدل، ولا أحب الظلم والظالمين. الخسارات علمتني التحدي، وأنا واحد من عشاقه، وهو الذي طور وعيي وشقاوتي، منذ أن كنت صغيرا في الكتاب بالقرية.

ولن أسأل ثانية، بوعي أو بدونه، عن ماذا تحقق أو لم يتحقق من أحلامي الشاردة. لم يعد يهمني اليوم، إن كانت السنون التي مرت، قد أسرعت قليلا أو تباطأت. ولم يعد يعنيني، بعد هذه الرحلة الطويلة، إن كنت واضحا أو غامضا في علاقتي مع الآخرين، ولا بماذا يحكمون علي، وبأي عيون يرونني. ليس من حق أحد أن يأتي متأخرا، ويسألني: ماذا فعلت بسنوات عمرك؟ وماذا حققت فيها؟ أعرف أنه لم يكن ممكنا تحقيق أكثر مما كان، ولن أتحجج بالظروف. ولكن ما قد يشفع لي قليلا، هو أن عدة مسارات اعترضت طريقي عنوة، وبعضها فرض علي قسوة، ولم أختر أغلبها طواعية. المسارات في حياتنا عموما، لا نختارها عادة كيف نشاء.

أصبح العالم باردا في زمن القطب الواحد، ولكن من حسنات هذا القطب أن عرى بعض الوجوه والأقنعة، وأبان عن زيف الكثير من المواقف، وأظهر معادن الرجال على حقيقتها. سنوات مرت من العمر، وأخرى تنتظر على الطريق. لن أستعجل الأمور، وأتحدث من الآن عن الوحدة والشيخوخة والعكاز، وأسبح في فلكوت الخيال، متكلما عن الضجر واليأس. لا زال أمامي متسع من العمر للفرح، أصحو فيه باكرا قبل شروق الشمس، أحمي الزهور من طيش العصافير الصغيرة، والياسمين من تهور بعض الفراشات.

لا زلت أحتفظ في داخلي بعقلية المراهق، ولا أجد حرجا إن فضحتني طفولتي، وأنا أستمتع بأكل الشوكولاتة على رصيف الشارع. لا يهمني تعجب المارة، ولا نظرات عيونهم إلي، ولا همس الحمقى لبعضهم بأن الحلويات والشكولاتة لا تناسب عمري. أعرف أن تعجبهم لن يغير من إصراري شيئا، ولا فصلا من القوانين التنظيمية في الكون..!!

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية مديرة وإعلامية موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بمغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل و المراسلات:jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *