جواد المومني : القصيدة الحديثة نص مفتوح منفتح
الشاعر كائن متفرد، فذ، يملك عينا ثالثة
الشاعر جواد المومني ضيف حوار الأسبوع، أجاب بعجالة عن أسئلة ألوان لانشغاله كأستاذ في التعليم ولظروف أخرى شغلت وقته، ومع ذلك تفضل بمدنا بحوار تجاذبنا فيه الكتابة كإبداع وحال الوضع الثقافي اليوم
للشاعر الدواوين التالية: حررتها من عطر البحر، تاريخ دخان…و صداقة ريح، ذوات يمتطيها الظل، أول البوح…آخر الصمت، ريثما يعتريني الحجر، والمولود السادس في الطريق.. قراءة ممتعة
بدايةً ماذا تعني لك الكتابة / القصيدة؟
الكتابة بالنسبة لي لحظة مكاشفة، احتراق وعطاء. هي الفترة الأكثر إنسانية. فيها تتكتل حواسنا ووجداننا ورؤانا وفِكَرُنا قصد الانتاج. ولا أرى ثمة كتابة دون مواقف. إذْ يصير الفرد منا مدركا وزنه ومتأهلا للجهر
أما القصيدة، فهي ذاك الجسر الذي يسمح بالمرور نحو الامساك بالصور المخاتلة، هي ذاك الضوء الذي يشيد الممرات الملتهبة، صوب بركان ذلك شاعر والكلمة. قد نكون جميعنا شاعرين، وكَتَبَة، لكن لا يمكننا أن نكون شعراء. أعني أن الشاعر كائن متفرد، فذ، يملك عينا ثالثة، ومشاريع ممتدة، لا تنتهي، ولا تعترف بالوصول.. يظل الشاعر ممسكا بنظرته الثاقبة، غير مهادن، ما دام أن القصيدة نص مفتوح على الأبد
لماذا الشعر في كتاباتك الإبداعية كاهتمام اولي؟
بداياتي ممتدة في الزمن. كتبت أولى محاولاتي في عمر 18 سنة، لكن الغريب هنا، هو أنها (قصائدي الأولى) كتبت بلغة موليير/الفرنسية!! بل نشرتها على صفحات ملاحق ثقافية مغربية بلسان فرنسي. كنت وقتها مولعا بالرواية والشعر الفرنسيين، وكنت أقرأ محاولاتي على زملاء الصف بتشجيع من أستاذي، فرنسي الجنسية و الذي كان اقترح علي وقتها، بعد نيلي للبكالوريا (1985) أن يتكلف بتسجيلي في جامعة بوردو الفرنسية لإتمام دراساتي العليا، لكن والدي، رحمه الله، رفض بالمطلق الأمر…
كيف ترى الوضع الثقافي اليوم في ظل كل المتغيرات العامة داخل المغرب بالخصوص والعالم العربي عموما؟
عن الوضع الثقافي، أرى أنه علينا عدم الخلط بين ما يتم الترويج له حسب الاعلام الرسمي، وبين الواقع. فالثقافة بالنسبة للدولة بعبع يُخيف، يجب لجمه، وعدم تركه حرا طليقا.. فمن شأن ذلك خلق مزيد من الوعي، وهذا ما لا ترغب فيه الجهات الوصية!! الوزارة مثلا، مثلها في ذلك مثل الجماعات الترابية المحلية ومجالس الجهات لا تدعم غير الجمعيات التي تهلل لمشاريعها الجوفاء، الفارغة. أما الجادة منها، فهي لا تلقى الترحيب!! وأنا هنا أتحدث من منطلق تجارب شخصية
بعض المهتمين من الشعراء أضحوا يتتبعون القصيدة الإلكترونية ويقيمون لها وزنا في الوقت الحاضر: ما رأيك؟
القصيدة الحديثة استطاعت أن تثبت لغيرها أنها قادرة على صياغة مفاهيم جديدة للكون، بعيدا عن كل وصاية!! بل لها الجرأة في طرح قضايا، كانت إلى وقت قريب، تعتبر طابوهات.. والقصيدة الحديثة نص مفتوح منفتح، مؤمن بالتشظي وبالشذرة. انفتاحه قائم على كل صنوف الابداع بدون حدود، يمشي بالموازاة معها
ما جديدك في الأفق؟
لدي عمل مشترك مع أستاذ سوسيولوجيا، فنان تشكيلي (عبد السلام الفقير) عبارة عن 22 قصيدة شعرية تفاعلية مع 22 لوحة تشكيلية، وهو كتاب جاهز للطبع، لكنه لم ير النور بعد، لغياب الدعم!! طرقنا أبوابا عدة، دون التمكن من تحقيق الاخراج للعلن، بكل أسف.. والتبرير أنه يتطلب قيمة مالية كبيرة
كما أنني بانتظار صدور ديوان شعري سادس لي. ثم إنني دائم الاشتغال.. أقرأ كثيرا ولكل الأدباء من شتى المشارب، ولا أتعب في ذلك، بل أرى في تنويع وتكثيف قراءاتي، شغفا وولعا لا يضاهيان، وهذا في حد ذاته شرف ما بعده شرف