ورقة تأبينة من صديق العمر

وهذا رحيل آخر … صديق العمر

ليس سهلا أن أصدق أن صاحب القلب الكبير، الروح المرحة، الابتسامة الصادقة الدائمة قد غادرنا إلى دار البقاء.
مازلت أتخيل كل الذكريات، اللحظات، الأيام، السنوات التي جمعتنا ، ها هي تتسلل متخطية كل الحدود والحواجز، تمر أمام عيني كشريط وثائقي، يجعلني أشعر ب – حضوره – الجميل والوازن في تفاصيل حياتنا التعليمية، الثقافية، النضالية/ الرفاقية، والجمعوية مذ كنا شبابا، حيث جمعتنا ظروف العمل باعدادية ” سيدي معروف ” – الموسم الدراسي 1977- 1978 وكنا نتقاسم الفصول أو الأقسام التعليمة صحبة مجموعة من الأحبة، يصدق في حقهم ما جاء في الآية 23 من سورة الأحزاب :
[من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ] .
ولعمري إنها الحقيقة المرة، فرغم قساوتها أجدني أردد مع نفسي أنها أكبر : هي أكبر بكثير من قدرتنا على النسيان أو الإنكار .

واجه المرض بصبر المؤمن وتحمل القادر المتعفف وكرامة الأثقياء، دون شكوى أو ضجيج، وبقي قويا إلى آخر نفس ، مبتسما، مطمئنا حتى في اللحظات التي خانه فيها الجسد ، استسلم لقدره الحتمي منشرحا مؤمنا بأن لكل نفس أجل حتمي لا محالة، وأن الرحيل جزء من حكاية الخَلْقِ …
اعلم ايها الغائب عنا / الحاضر فينا ، أن رحيلك جمع العديد من الرفاق، الأصدقاء، المعارف، الأحباب ، الجيران …. وترك فيهم وجعا ممتدا إلى الأعماق، لم يبرد من لوعته . شهادات من كل من عرفك وعاشرك بأنك رائع في الحياة والمماة.
فها انت عنا ترحل بعد أن تركت خلفك ذاكرة مليئة بالنبل، بالسمو ، بالصدق ، بالذكرى … والعِشْرَة التي لا ولن تنسى أبدا . رحلت تاركا مسيرة ثرية بكل ما هو جميل، وأنت المربيوالمعلم والاستاذ قبل كل شيء، والجمعوي والنقابي … عشت نظيف القلب واليد واللسان.
مخلصا لأهلك وأحبابك وأصدقائك وجيرانك وكل محيطك ، وفيا لنبض روحك الطيبة التي لم تنل منها أو تلوثها تلاوين الحياة ولا مطبات الأيام .
فنم قرير العين أيها ال ” مصطفى ” بعد أن أديت ما عليك وزيادة ، وتركت فينا ما لا يمحى . وتأكد أننا سنتذكرك كلما خطر ببالنا الحديث عن الوفاء ، السمو ، العطاء كلما اشتقنا إلى صدق لا تنطع فيه ، ومحبة للصفاء وللأخوة الدائمة .
رحمك الله وجعل مثواك روضة من رياض الجنة ، وجعل كل ما قدمته في حياتك من طيب الأعمال نورا يشملك..
أخوك ورفيقك عنقا الادريسي
طنجة في 1 . 6 . 2025