(النكير)…جحيم هوس بالتفاصيل …

هل الاهتمام بالتفاصيل أمر مقلق؟
عبدالله فضول
الداعي لطرح هذا السؤال هو ما نسميه في المغرب بـ”نكير” (ngir)، وهو المصطلح الذي يعبر عن الشخص الذي يتتبع كل صغيرة وكبيرة بشكل مبالغ فيه مع الاحتجاج والتذمر المستمر. حيت يتحول الامر إلى هوس يؤدي إلى الإحباط والتوتر. كأن يتتبع الرجل زوجته ويلاحقها في أي مكان في البيت ، ويراقب تحركاتها وسكناتها وينتبه إلى أدق التفاصيل في تصرفاتها وأفعالها. إن ( نكير )ngir من السلوكيات التي قد تسبب التوتر والقلق في البيئة المحيطة. وقد تشعل الخلافات والصراعات بين أفراد الأسرة أو المجتمع. وهي غير مرتبطة بفئة معينة … بل يمكن أن تصدر من رجل أو امرأة على حد سواء، لأن هذا السلوك ينبع من طبيعة شخصية الانسان وليس من نوع جنسه. أمر مزعج أن يكون داخل أسرتك شخص ( نكار) على وزن فعال (اسلوب المبالغة) لأن ذلك يخلق جوًا من التوتر والقلق المستمر بين أفراد الأسرة. وهو موقف غير متفهم يعكس عدم القدرة على رؤية الصورة الكبيرة والتركيز فقط على التفاصيل الدقيقة والنقد المستمر. هذا السلوك يظهر عدم احترام مشاعر الآخرين وعدم تقدير لجهودهم، مما يؤدي إلى تآكل العلاقات الأسرية وزيادة التباعد بين الأفراد. يتقدم بنا السن، ونتقاعد عن العمل وتزداد ضغوطات الحياة، ويبدأ الضعف الجنسي في الظهور وتتراجع الهيبة داخل البيت . اضافة الى عامل التربية والتنشئة، هذه من بين العوامل الأساسية التي تؤثر على جودة حياتنا وعلاقتنا بالآخرين. فهي تخلق شعورًا بالقلق والإحباط، وتجعل من الصعب على الشخص التكيف مع هذه المرحلة الجديدة من الحياة. ومع هذا الضعف لا يتسلط تعويضا غير اللسان. إن الرجل (النكار ) ليس سلبياً إلى الدرجة التي قد يعتقدها البعض. فقد نتفهم موقفه وندرك أنه قد يعاني من ضغوطات نفسية أو اجتماعية تجعله يتصرف بهذه الطريقة. ومع ذلك، فهذا لا يمنع من أن سلوكه النقدي المعيب المستمر قد يسبب التوتر والإحباط للأشخاص المحيطين به. ومادام أن الأمر نفسي بالدرجة الأولى، ويتعلق بالشخصية، فمن الممكن أن نجد طرقًا لمساعدته على التغلب على هذه المشاعر والسلوكيات السلبيةكأن أن نواجه ( نكيره) بمزيد من الاهتمام والتجاوب الفعلي والعاطفي. مما يساعد ذلك في تحسين مزاجه ويقلل من حدة النقد والاحتجاج. كل هذا قد يساهم في خلق بيئة أسرية أكثر انسجامًا وتفاهمًا. ولا يخفى ان ( نكير) ظاهرة انسانية مرتبطة بالانسان على اعتبار انه الكائن الوحيد الذي يهتم بالتفاصيل.لهذا – وعلى مضض- لايكفي دائما ان نخبر( النكار ) كلما (نكر)انه نكار كما نفعل دائما لان ذلك لن يزيد – مع ظروفه – الامر الا استفحالا.
وبه وجب الاعلام. وقانا الله وعافانا واياكم من (النكير).