الفنان العربي الكواكبي
صائغ الفرحة والمتعة
بقلم: عبد المجيد شكير
طعمت مدينة مراكش المشهد الموسيقي بأسماء واعلام غذت النهضة الفنية التي عرفتها بلادنا، ومن ذلك نذكر الفنان الرائد العربي الكواكبي والذي رأى النور سنة 1929، وقد جذبته دنيا الانغام منذ صغره مما دفعه للمبادرة بتاسيس اجواق صغيرة مثل جوق النصر ثم بعد ذلك جوق الوفاء لينضم فيما بعد الى الجوق العسكري بمدينة الرباط.
يعتبر الفنان العربي الكواكبي قامة مبرزة في الاغاني الوطنية، فمعها كانت بدايته من خلال قطعة (يوم الحرية)، وفيها كان تألقه، تألق يشهد عليه لحنه الحماسي الشهير (باسم العروبة والاسلام) وهي القطعة التي ساهم في تأليفها علمان في شعرنا الغنائي وهما احمد الطيب العلج وعلي الحداني، وقد وضع الكواكبي لهذه القطعة لحنا يصور مشاعر الفخر والعزة للإنسان العربي في حرب اكتوبر سنة 1973، ومن اجمل ما شدا به من الوطنيات نستحضر له قطعة (الله معاك) وهي من كلمات ادريس الزمراني، وقطعة (يجعل لك في كل خطوة سلامة) لفتح الله المغاري، كان الكواكبي حاضرا بابداعه في جل المناسبات الوطنية، بل كان ندا قويا للكبار يحسبون له الف حساب، ففي حدث المسيرة الخضراء اتحفنا بابداع متميز ادته المجموعة، الا وهو (الصرخة الحسنية)، وقد اتسمت الحانه الوطنية عموما بالانسيابية والتماسك، مع هارمونية تعبق بصدق المشاعر، وتنضح بعميق الاحاسيس، وكان الاداء لاصوات لامعة ومقتدرة مثل سميرة سعيد والتي غنت له رائعة وجيه فهمي صلاح (بلدي يا اغلى من ولدي) ومحمد الحياني بصحبة محمد المزكلدي وهما يقدمان المتعة في قطعة (خمسة وخميسة) ومحمود الادريسي واغنيته الجميلة (بعون الله) وعبد المنعم الجامعي في قطعة (قصة كفاح)، علاوة على مالحنه لكل من محمد الحياني والبشير عبده وفاطمة مقدادي والثلاثي آمنا وغيرهم وقد تخصص الكواكبي في تلحين الاوبريت فأبان عن كعبه العالي الذي شهد به الجميع، واول انجاز له في هذا المجال كان من خلال اول اوبريت مغربي ظهر الى الوجود سنة 1967 وهو (بناة الوطن) والذي كتبه احمد الطيب العلج، وشاركه في تلحينه الفنان محمد بن عبد السلام، ثم توالت اعماله (القنطرة ـ النور والديجور …).
واما في الاغنية العاطفية، فقد عرف باغنيته الشهيرة (علاش يامحبوبي)، وله ايضا كشكول غنائي خفيف وراقص مزج فيه ما بين مقاطع غنائية تراثية، طغت عليه الروح المراكشية الميالة الى المرح والفكاهة، هذه الروح حضرت ايضا في لحنه الشهير والذي بلغ فيه ذروة الابداع، فمن منا لا يعرف قطعة (اش داني ولاش مشيت) والمعروفة بعنوان آخر هو (خفة الرجل)، وقد تفوق في غنائها المطرب اسماعيل احمد بصوته الصافي والحنون، وكان هناك لقاء آخر بين هذين المبدعين، لقاء لا يقل روعة عن سابقه ولكنه للاسف لم ينل نصيبه من النجاح (ذاك الحبيب الغالي).
ومن المحطات الاساسية في مشواره الفني تاسيسه لمجموعة (ثلاثي الامل)، فمن الحانه العذبة صدح هذا الثلاثي بعدة روائع تتقدمها اغنية (يا زهرة الحسن يابلادي) وقطعة (اسمر زين ومسرار) ولكن هذه التجربة ولسوء حظنا لم يكتب لها ان تعمر طويلا.
كنت دائما ارى اغنيتنا المغربية في زمنها الجميل كبساط مزركش بالوان متناغمة ومتناسقة، وكان كل فنان يضفي لونه الخاص مما جعلها كلوحة فنية متكاملة من ابداع جماعي، بالنسبة للعربي الكواكبي فهو اهدانا انغاما تفوح بالبهجة والفرح وهذا ما يميز بصمته الخاصة في اغنيتنا.
انتقل الملحن المغربي العربي الكواكبي يوم الجمعة 11 نونبر 2016 إلى دار البقاء عن سن 87 عاما.
تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته.
أغنية (آش داني) التي غناها إسماعيل أحمد
اش داني وعلاش مشيت
غير نظرة من عيونو باش بلاني
راك كواني اش داني
ناديت لو من بعيد قلت لو يا شاغل بالي
مزاوك فيك غير نظرة تبرد جماري
رد عليا وقال لي وانا مالي
زعمو بيا رجليا وزاد وعينيا
هما لتنين اللي سبابي في هدا الكية
خلاو القلب شاعلة فيه نار قوية
شوفو هدا لحبيب ياناس اللي جار عليا
شحال تممت ليه وخدعت ماحنشي فيا
ليام الطايلة توريه وتجيبو ليا
حيت شكيت لو بضراري ماسمع لشكايا
ما حار فيا ماقال ليا منين انتايا
هو دايا وطبيبي يعرف دوايا