اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة!

اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة!
الصورة عن موقع: المملكة المغربية البوابة الوطنية Maroc.ma

امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء تتعرض للعنف يوميا

المختار عنقا الإدريسي

استهلال للبدء: قبل الحديث عن اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة ، الذي يصادف 25 نوفمبر من كل عام ، ارتأينا أن نحط الرحال عند البعض من معانيه .

المعنى اللغوي : بالرجوع الى ” لسان العرب ” نجد انه هو: [ الخوف بالأمر وقلة الرفق به ، وهو ضد الرفق وأعنف الشيء أخذه ، والتعنيف هو التقرير واللوم ] .

المعنى الاصطلاحي : وبالرجوع الى المعاجم الفرنسية المعاصرة – Le Robert 1964 – نجده يعرف العنف بأنه [ الضغط على شخص ما لإرغامه على التصرف ضد رغبته باستخدام القوة أو التهديد ، وأنه الفعل الذي يمارس به العنف ….وأنه المظهر الفوضوي لفعل ما ] .

المعنى القانوني : ويتحدد في القوة المادية واستعمالها بغير حق ، ويشير – كذلك – إلى كل ما هو شديد وغير عادي ، وفي نفس الوقت يعرفه “أحمد زكي بدوي” في معجم مصطلحات العلوم الإجتماعية. ص 441 بأنه [ الاكراه أو استخدام الضغط أو القوة استخداما غير مطابق للقانون ، من شأنها التأثير على ارادة فرد ما أو مجموعة من الأفراد ] .

وعلى ضوء ماتقدم ، يمكن أن نعرف العنف بأنه المساس بسلامة الجسم في صورة التعدي والايداء .

المعنى السيكولوجي : وهو استجابة سلوكية تظهر في أشكال مختلفة من ممارسة القوة فوق ارادة الناس الآخرين ، مما يعني اثارة الفزع والرعب والهلع والخوف النفسي . وعليه فالعنف سلوك يقترن بالقوة أو الاكراه أو القسر أو التقييد .

المعنى السسيولوجي : أما عن النظرة الإجتماعية لظاهرة العنف،  فتتميز بالتعبير الصارم عن القوة التي تمارس لاجبار الفرد أو الجماعة على القيام بعمل من الأعمال المعدية التي يريدها الفرد أو جماعة أخرى ، حيث يعبر العنف عن القوة الظاهرة التي تتخد أسلوبا فزيقيا كالضرب .

ويُعرف سوسيولوجيا بأنه الايداء باليد أو باللسان أو بالفعل أو بالكلمة في الحقل التصادمي مع الآخر ، وبالتالي فهو ظاهرة فردية أو مجتمعية ، لا يمكن أن تكون إلا تعبيرا عن خلل ما في سياق صانعها إما على المستوى النفسي أو الاقتصادي أو الإجتماعي أو السياسي .

الاهتمام العالمي بظاهرة العنف ضد المرأة

ان العنف ضد المرأة له تاريخ طويل ، ويعد أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا ، وغالبا ما ينظر اليه على أنه آلية لاخضاع النساء،  وينشأ عادة من الشعور بالاستحقاق أو التفوق أو كره النساء . لذلك نجد أن إعلان الأمم المتحدة ، ينص على أن العنف ضد المرأة هو : “مظهر من مظاهر علاقات القوة غير المتكافئة تاريخيا بين الرجال والنساء”،  وهو كذلك ” إحدى الآليات الإجتماعية الحاسمة التي تضطر المرأة بموجبه إلى الخضوع بالمقارنة مع الرجل ” . وعن تاريخية الاحتفالات بهذه المناسبة ، نقول بأنها تعود إلى عملية الاغتيالات الوحشية خلال سنة 1960 ، التي تعرضت لها الأخوات ” ميرابال ” وهن ناشاطات سياسيات في جمهورية الدومينكان ، وفي سنة 1981 حدد النشطاء في منظمة ” Encuentros ” النسائية بأمريكا اللاتينية سياسيات  ومنطقة البحر الكاريبي يوم 25 نوفمبر بأنه يوم مكافحة العنف ضد المرأة. و في 17 ديسمبر من عام 1999 أصبح هذا التاريخ رسميا بمقتضى قرار صادر عن الأمم المتحدة ، وقد قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ” فومزيلي ميلامبو ” في رسالتها المؤرخة ب 25 نوفمبر 2014 [ … في عام 1995 ومنذ 20 عاما اجتمعت 189 مُكَونة في بكين وقمن باعتماد منهج يحدد استراتيجيات رئيسية للحد من العنف ضد المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين . فالوعود منذ 20 عاما لا تزال صالحة الآن . ويجب علينا أن نتكاتف سويا لجعل 2015 عاما يمثل بداية النهاية لعدم المساواة بين الجنسين ، لقد حان وقت العمل ] .

اهتمام الولايات المتحدة بالعنف ضد النساء

على الرغم من اعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة ، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979 ، فإن العنف ضد النساء و الفتيات لايزال مُشكلا لأزمة منتشرة في جميع أنحاء العالم ، و لهذه الغاية أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 104/ 48 ، الذي يؤسس الطريق نحو عالم خال من العنف الجنساني .

وبعدها حددت يوم 25 نوفمبر من كل عام يوما عالميا للقضاء على العنف ضد المرأة بمقتضى القرار134/ 54 . تهدف به رفع الوعي حول مدى حجم المشكلات التي تعانيها وتتعرض لها المرأة مثل : الاغتصاب والعنف المنزلي وغيرهما من أشكال العنف المسلط عليها وفي 2006 سيعلن ” كوفي انان ” الأمين العام للأمم المتحدة ، في تقرير كان قد نشر على موقع صندوق الأمم المتحدة الأنمائي للمرأة ، على شبكة الإنترنت بأن [ العنف ضد النساء والفتيات هو مشكلة ذات أبعاد جائرة ، وقد تعرضت امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء في جميع أنحاء العالم للضرب أو الكره على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة أثناء حياتها مع المعتدي والذي يكون عادة شخص معروف لها ] و قد أطلقت سنة 2008 مبادرة جريئة أخرى للاتجاه نحو الطريق الصحيح ، عرفت بإسم ” مبادرة اتحدوا لانهاء العنف ضد المرأة ” وتهدف إلى زيادة الوعي العام حول هذه القضية ، وللرفع من وضع سياسات وموارد مخصصة لانهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم .

وفي 2013 سنجد – مرة اخرى – أن الأمين العام للأمم المتحدة ” بان كي مون ” سيقول في رسالته [ أرحب بالنداءات الداعية إلى وضع حد للعنف ، والذي يؤثر على امرأة واحدة من بين كل ثلاث نساء في حياتها اليومية ، كما أحيي القادة الذين يساعدون على سن القوانين والتغيير ، كما أشيد بكل الأبطال في جميع أنحاء العالم الذين يقدمون يد العون للضحايا ومساعدتهم على الشفاء وتجاوز محنتهم ليصبحوا فيما بعد أسبابا ، وعاملا للتغيير ] اما في سنة 2014 كان الموضوع المصاغ من قبل مبادرة الأمين العام للأمم هو ( لون جارك باللون البرتقالي ) وذلك بهدف خلق نوع من الاتحاد لإنهاء العنف ضد المرأة .

وفي 2017 سنجد أن الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة سيطلقان مبادرة تركز على القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات ، وهي التي تهدف إلى رفع الوعي حول هذه المسألة بما يتماشى مع خطة التنميةالمستدامة .

أما في 2018 فستتخد الأمم المتحدة شعارا رسميا لحملتها تلك # هاشتاكَ # (اسمعني انا أيضا ) ، وتضمنت حملتها تلك 16يوما من النشاط ، حكت خلالها نساء عديدات قصصهن عن المعاناة من العنف ، وسلطت الحملة – أيضا – الضوء على نساء ورجال شجعان يعملون على تمهيد الطريق لعالم أفضل وأكثر امان ومساواة .

منظمة المرأة العربية والعنف ضد النساء

هي هيئة اقليمية تعنى بقضايا المرأة في مختلف الدول العربية ، وتهدف إلى تعزيز دور المرأة في المجتمع وتوفير الدعم اللازم لها في مختلف المجالات ، ومن بين القضايا المهمة التي تعمل عليها المنظمة نجد :

مكافحة كل انواع العنف ضد النساء في جميع مراحل حياتهن ، عبر بث الوعي بالقضية وابعادها المختلفة وأثارها الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية ، على حاضر ومستقبل المجتمعات العربية ، وكذا عبر تحديد الأدوات والآليات التي يمكن استخدامها لردع العنف ضد المرأة .

و تهدف المنظمة الى : نشر ثقافة صديقة للمرأة و محاربة الجذور الثقافية لكل الممارسات المميزة والعنيفة ضدها ، مع الحرص على ضرورة تكوين كوادر عربية وطنية في مجال محاربة العنف ضد المرأة  .

الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء

لقد اقرت المملكة المغربية واستنادا الى الظهير الشريف رقم 1.19.18 الصادر في 5 جمادى الأخيرة 1439 الموافق ل 22 فبراير 2018 ، بتنفيذ القانون رقم 103 .13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء . وفي إطار تفعيل مضامين البرنامج الحكومي 2016 – 2026 ، لاسيما الأجزاء المتعلقة ب “اطلاق سياسة وطنية لمناهضة العنف ضد النساء ” ولتفعيل مختلف الالتزامات الوطنية والدولية المترتبة عن كل الإصلاحات التي تطرح تحديات كبيرة ، خصوصا مع بروز أشكال وأنواع جديدة للعنف الممارس ضد النساء ، وفي هذا الاطار انجزت وزارة الاسرة والتضامن، البحث الوطني الثاني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب والذي تم على مستوى جهات المملكة الاثنى عشر ، خلال الفترة المتراوحة مابين 2 يناير و 10 مارس 2019 ، وعيا منها بالحاجة إلى الإلمام بظاهرة العنف ضد النساء من خلال التوفر على معطيات جديدة وذات مصداقية يمكن الارتكاز عليها لوضع استراتيجية لمحاربة هذه الظاهرة ،وذلك من خلال بحث كيفي نظم على شكل مجموعات بؤرية ومقابلات مع المسؤولين من الجهات المختصة .

نجد أن وزارة التضامن و الادماج الإجتماعي و الأسرة قد أطلقت يوم الاثنين 25 نوفمبر 2024 بمدينة الرباط الحملة الوطنية الثانية والعشرين لوقف العنف ضد النساء والفتيات تحت شعار ” من أجل وسط أسري داعم لتنشئة اجتماعية خالية من العنف ضد النساء ” بهدف تعزيز بيئة مجتمعية آمنة للنساء والفتيات ، و ترسخ قيم المساواة و ثقافة التعايش داخل الأسرة المغربية ، بما يهيء وسطا أسريا محفزا لمشاركتهن الفعالة في الحياة العامة مستقبلا ، ومساهمتهن في مختلف المجالات مع ضمان حقوقهن . وقد أشارت الوزارة إلى أن هذه الآثار السلبية ستؤدي في نهاية المطاف إلى حرمان النساء من المشاركة الفعالة في التنمية و من الاستفادة من ثمارها على قدم المساواة مع الرجال .

خلاصات واستنتاجات مغربية

يمكن ان نجملها في العمل على :

  • ادماج إجراءات خاصة بالمرأة في مختلف الاستراتيجيات الوطنية • التسريع بتفعيل اللجنة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء .
  • اخراج المجلس الاستشاري للاسرة والطفولة .
  • تمكين المرأة ومساعدتها على الوصول إلى مناصب المسؤولية مما سيسمح بتغيير صورتها. لدى المجتمع .
  • احداث موقع إلكتروني تفاعلي للتحسيس بقضايا العنف ضد النساء والاطفال .

ملاحظة ختامية

ان القضاء على العنف ضد المرأة يتطلب تظافر جهود المجتمع الدولي والحكومات ومؤسسات المجتمع بشقيه المدني والسياسي وجميع المواطنين ، من أجل العمل معا لبناء عالم خال من العنف تتمتع فيه النساء والفتيات بحقوقهن الكاملة ، ويعشن حياة كريمة وذلك لأن قضية العنف ضد المرأة تعد وهو مايقتضي المعالجة الشاملة من خلال التوعية والتعليم وتطبيق كل القوانين بشكل فعال .

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com