خواطر امرأة

خواطر امرأة
pngegg.com

قلوب و قلوب

كن جميلا ترى الوجود جميلا

ثريا الطاهري الورطاسيثريا الطاهري الورطاسي

ارتأيت ان أخصص هذه الخاطرة للحديث عن معاني القلوب ، أو بالأحرى التطرق للنبش فيما يمكن أن توحي لنا به قلوب الأخرين من معان ، ومن هناك جاء عنوانها كالتالي :

معاني القلوب

لقد علمتني الحياة أن أصعب معركة يخوضها الإنسان ، قد توجز في الحفاظ على نقاء قلبه وصفائه وطهارته وما  إلى ذلك،  الا لأن الحياة في محطاتها ودروبها الملتوية ، لن تزيد على كونها متلفة للقلوب وقاهرة لها فمن خسر قلبه فهو مهزوم ، حتى ولو ربح الدنيا كلها . اذ لا خير في حياة يحياها المرء بغير قلب نير وصاف ، كما أنه لا خير في قلب يخفق بغير محبة صادقة و صافية لا تشوبها أو تفسدها الشوائب . فنحن لا نرتب أماكن الأشخاص في قلوبنا لأن أفعالهم/ هن تنوب عنا وتتولى ذاك التصنيف والترتيب ، والخلاصة انك عندما تكون طيب القلب ، ستهواك الأنفس وتعشقك كل القلوب .

القلوب أشكال

في البدء يمكن أن نميز بين قلب حزين وآخر مسرور ، واذا كان الأول لايمنعه حزنه عن مشاركة القلوب الفرحة ، ولا يحول بينه و بين تقاسم متعة الانشراح لأنه للكلمة الحانية والمؤازرة ، منتظر في لحظات الإنكسار ، و للمواساة في فترات الحزن الطارئ ، يبقى متطلعا ، و من نوافذها يأمل تسلل الضوء الجديد و الاشراق البهي ، وهو الحزين لا محالة والمنكسر المتطلع الى كل سند مستقبلي آت .

أما الثاني – وهو القلب المسرور – فغالبا ما يرى النضارة و الجمال في كل ماحوله بل يتلمسه في العيون المتعامية أو المتغافلة أو حتى في تلك المنشغلة عنه . كل ذلك في حين أن القلب المنشرح و الفرح ، تأتيه الإبتسامة لتنير طريقه و مسلكه و تديب عنه جليد الهموم و الأحزان كيفما كان نوعها ، وهي الكفيلة – أقصد الابتسامة – بايقاض السعادة من سباتها ، فيبقى ذاك القلب دعامة حقيقية لنشر ألويتها ، والمسؤول عن تدفق شلالاتها الدائمة الجريان ، حتى تصل أشعتها الى أكبر عدد ممكن من الأحبة ، أينما كانت خانات تواجدهم و مواقعهم . ومقابله يبقى القلب المفجوع – غالبا – مثقلا بالإحباط و تخنقه اللوعة ، فيعاني حتما من وطأة الألم و شدته و يدخلها مهزوما دوامة المقاومة و الصراع و لا يعرف للانسحاب طريقا منتظرا العون من رب رؤوف و رحيم كريم .

أما القلب الصافي و الطيب ، فلا يبخل عنا في المنح بدون كلل و بدون مقابل ، لأنه معطاء للمحبة الصادقة والنابعة من تدفق أحاسيسه الدافئة و مشاعره النقية ، فهو لم و لن يعرف للنفاق طريقا و لا الى الرياء الإجتماعي سبيلا ، و يلتمس العذر قبل الإعتذار ، و يقدر الظروف مهما تنوعت و تداخلت في ولادة الأحداث و تصور المواقف ، محبا للآخرين ومستحضرا كرامتهم على الدوام دون أن يلتفت الى النواقص والعيوب .

بينما نجد القلب الحقود ، يعمل جاهدا ليأكل صاحبه كما يأكل السيف من غمده ، لأن قبحه كامن و متجذر في سلوكاته و مسلكياته و سائر معاملاته ، و يجعل صاحبه مغرقا في عتمة البلاهة و سوء الظن و انتظار سقوط الأخرين أو انهيارهم .

القلوب ظروف

  • قلب مملوء إيمانا ، علامته الشفقة والإهتمام وقلب مملوء نفاقا وطبيعته الحقد المجاني والغل والحسد لا لشيء .
  • قلب فياض يشع باهتمام لا يجف ، وجارية دائما هي جداول طهره .
  • قلب بٌرْكَاني الطباع ، ينفث حمما و شظاياه دوما حارقة ولسانه رصاص قاتل ، وتفكيره ” لافا ” حامية بطبعها ، مما يستوجب معها الحذر لأنها تثير الذعر في الجميع .
  • قلب سالم و سليم ، يداوي في عز الجرح ، و يلملم في عز الشتات ، و ينتزع الإبتسامة في عز الألم .
  • قلب مزيف ليس له من صفات القلوب الا الأسم ، عضلاته خشبية الطباع و أساليبه مؤلمة و غير رحيمة ، وهي كألم المنشار للخشب ، و تبقى تلك هي طباع القلوب المزيفة ، فإن حدث و أجبر الواحد منا على معاشرتها ، فليحتط أو يعاملها بالخير والمحبة ، حتى يتغلب ضوء محبته و سكونه على ظلام عدوانية الآخر وزيفه .

القلوب أنواع

يبقى القلب الرؤوف المتواضع دون ملل أو كلل ، أجملها لأنه يستضمر المقاومة ويداوم عليها حتى لا ينحني أو ينكسر ، أمام قلب متقلب مغرور محدود الفهم والإدراك ، يرى نفسه أفهم الخلق و أكثرهم صوابا .

من كل ماتقدم نصل الى القول بأن هناك قلوبا من ذهب وأخرى من طين ، قلوبا تمشي في ظلام حالك و هي ملحفة بالمحبة المشعة المتطلعة لنور دواخلها ، من أجل إنارة الطريق ، و بالتالي النبراس الوضاء لمن حولها ، تبقى حريصة على ألا تفرط في من أحبها أو تعلق بها ذات يوم و لأنها لا و لن تنس من سكن أو تسكن فيها الروح ، فينعكس تألقها و جمالها على كل الوجوه . و قيل قديما ” القلب الجميل أحلى من الوجه الجميل ” ، وعليه فإن القلوب الطاهرة آبار سحرية تتدفق بالأحاسيس الندية و هي مثل الذهب لا تصدأ حتى لو أنهكها التعب ، فبمجرد أن تمسحها يظهر بريقها مرة أخرى ، و ينتشر منها نور المحبة فتعم كل الاجواء . فالطِيبة ونقاء القلب هما البلسم الشافي لكل الآلام و الجراح .

أما القلوب الواهية فهي كنز عند الحاجة و عون على المروءة و بها تحيا الألباب . و منه أقول : لا ينبغي أحبتي أن تؤلموا قلوبا رقت لكم يوما ، لأن لحظات الود لها عليكم ألف حق و حق .

وقد يتصور بعض الناس أن أحسن الخٌلق محصور في الكلمة الطيبة و المعاملة الحسنة ، غير أن الحقيقة هي أن أحسن الخْلق أوسع بكثير من ذلك . إنه [ القلب ] والقلب نفسه دائم النبض في صدور كل الناس، لكن بدرجات متفاوتة .

وعطفا عليه ، نجد أن القلوب أماكن و مزارع مملوءة بالأسرار ، و في تربتها تنمو بذور النور و المحبة و الأخوة ، كما قد تكون بحارا فلا تحكموا على أعماقها و أنتم لا ترون منها إلا الشواطئ ، و قد نجد في بعض منها فرصا للراحة و الاستمتاع ، من هموم و متاعب الحياة ، و قد ينعم الله علينا بأحباب تفيض قلوبهم احتراما و تقديرا لنا ، وأحيانا تكون تلك القلوب مجرد حقائب ، فلا تضعوا بحقائبكم غير أولئك الذين تقوون على حملهم ، كما أنها تكون مأهلة لتتحول الى مخازن ذكريات انتهت صلاحيتها ، والى أسرار أودعت فيها هروبا من غدر الزمان أو ضغط الحياة ، فأحْسِن يا أخي وأختي التعامل معها تبعا لطبيعة قلبك وشخصك ، و آمن أن القلوب الجميلة لا تحمل الحقد أبدا ، لأنها ترى كل شيء جميلا ، واستحضر قول ” اليا ابو ماضي ” [كن جميلا ترى الوجود جميلا ] وعندئد ستسعد بكل خطوة نجاح ، ليس لك وحدك بل حتى للآخر بغض النظر على من يكون أو تكون ، واختر بعناية من تزرعهم/ هن في قلبك ، سيما و أن اختيار البذرة أسهل بكثير من اقتلاع الشجرة ، و بعيدا عن أي نصح أخلاقي أو وصاية أبوية ، أقول : تعلم كيف تجعل قلبك نقيا ، ولا توقف عقلك عن العمل والمحبة الشاملة ، ول ا تصحب من ساء خلقه أو مات قلبه ، لأن قتل القلوب أشد إثما و ألما من قتل الأجساد .

أتمنى أن لا يكون الواحد منا من عابري الطريق الذين يشربون من بئر القلب ثم يبصقون فيه ، أو يرمونه بحجارة من سجيل لا لشيء ، وإنما استجابة لطبيعة قلوبهم – المشار إليها أعلاه – وفي نفس الوقت أدعو كل أحبتي الى عدم الاقتراب من أي قلب نعرف – مسبقا – أننا لسنا أهلا لحفظه و الإهتمام به ، فجراح النفس ليست كجراح الجسد وهي لا تلتئم ولا تُنْسى ، وما أبشع و أفضع أن يصبح قلب المرء قبرا لشخص مازال يمشي على الأرض ، ولعمري فإن أكثر الوجع هو ذاك الذي يمثله أولائك الذين يموتون فينا وهم أحياء .

وبالاختصار المفيد ، أجدني أردد مع من يقول : لا تؤلموا أحدا ، فكل القلوب مليئة بما يكفيها ، ولا تصحبوا القلوب القاسية ، ولا تفتحوا قلوبكم حتى تتأكدوا من طهارة من سيسكن فيها حتى لا تبغضوه ، لأن البغض جثة راقدة  (ولا أحد منا يريد أن يكون قبرا للآخرين ) وليس هناك قلوبا ميتة غير تلك التي نواريها في مقبرة الذاكرة .

وأخيرا سلامي ومحبتي لقلوب تبادلني المودة والاخاء . لقلوب تسقيني أنهارا من الوفاء ، و لمن يحمل في قلبه المعاني الحقة للإنسانية . لقلوب لا تجمعني بها سوى الأحرف البسيطة ، و رغم ذلك فهي تفرح لفرحتي وتشاطرني لوعتي و احتراقي ، و مني سلام أشمل وأ عم للقلوب التي زرعت في نفسي السعادة و بعثت فيها الحياة ، و شاركتني ألمي و فرحي . و سلام مني على القلوب التي أكرمتني، و بدعائها لي بظهر الغيب و صلتني . فاللهم رب العرش العظيم ، لَين القلوب و أيقظها من الغفلات ، و اغسلها من هموم الدنيا و ارزقنامن فيض كرمك وعفوك ورحمتك ، سعادة تدوم و لا تنقطع و دامت قلوبكم مُحبة طاهرة ومخلصة .

ثريا الطاهري الورطاسي

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com