مغرب الحضارة….الحكامة: المؤشرات لا تليق بالمملكة ….
تعيق النموذج التنموي من أجل ثورة الملك والشعب
عزيز رباح
تابعت بحياد واهتمام الخلاف المفتعل بين الحكومة والهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وصل إلى درجة تشكيك وتهجم الحكومة على الهيأة كما حصل ضد هيآت دستورية أخرى كمنظومية التخطيط والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي… وقام بعض الوزراء إلى الطعن في الهيأة وتقاريرها ، وصل الأمر إلى حد طعن أحد الوزراء السابقين في مسطرة تعيين رؤساء هذه الهيآت من طرف جلالة الملك.
كم كنت أتمنى ان يكون تقرير الهيأة الذي أعطى مؤشرات عن تراجع الحكامة وتنامي الفساد والرشوة إلى حوار وطني ونقاش عمومي تتصدره وسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية والمنظمات غير الحكومية، فتقابل الحجة بالحجة وتعد الحكومة تقارير مضادة بدل من رفض التقرير واتهام الهيأة وتبخيس عملها ولا سيما ان الهيأة هي مؤسسة دستورية مستقلة وتضم في مجلسها ممثلين من تجارب ومرجعيات متنوعة ويعرف رئيسها كواحد من أكثر المناضلين منذ عقود ، من أجل النزاهة، وأشهد بذلك رغم اختلافي معه في المرجعية ومنهج الانفتاح.
الحكومة من حقها أن تدافع عن عملها وحصيلتها ، ومن حقها أن ترفض التقرير الوطني أو الدولي ، لكن بالبراهين والأدلة ، حتى تكون الجدية والشفافية والترافع في أرقى المستويات التي تليق بمغرب اليوم وتطلعاته.
لكن يجب أن نعترف أن تيار الفساد وخاصة الرشوة قوي جدا بمخططاته وإمكانياته ، وإعلامه وشبكاته ، حيث تسرب إلى أغلب القطاعات والمؤسسات والهيآت ، والإدارات والأحزاب، والجمعيات والشركات، وحتى الأسر …
هل يزداد كما جاء في تقرير الهيأة أو يتراجع كما تدعي الحكومة؟
قد نختلف في ذلك ! لكنه وجب الاعتراف أن تيار الفساد/الرشوة منظم في شبكة ممتدة ومنظمة ومؤثرة…
لقد ضاعت معه حقوق و تحصلت به تعيينات ، و صعد به بعض أرذل الخلق إلى مواقع المسؤولية و الإنتذاب ، و حرفت قوانين و مساطر و تراجعت خدمات ، و فوتت صفقات و توظيفات.. و توقفت و هربت استثمارات، و أفلست شركات، و زورت به دبلومات و شواهد، و دبجت به تقارير و مقالات.. و اتهمت به أعراض، و خربت به أحزاب و نقابات و جمعيات ، و شتت به عائلات ، و هربت الأموال و انشرت المخدرات، و أهدرت به ميزانيات و سجن أبرياء …
هكذا تضيع سنويا ملايير الدراهم بسبب الفساد/الرشوة ، و نقط في معدل النمو، و مراتب في مؤشرات التنمية. إذ ما أحوجنا إليها للبقاء دائما بين الدول الصاعدة ، من أجل الاستجابة للتحديات الاجتماعية و الأمنية الكبرى و قصد نشر الطمأنينة و الرضا بين المواطنين !!!.
كلنا مسؤولون عن ذلك ، وخاصة المدبرون للشأن العام، و النخب السابقون و الحاليون ، ولا أستثني أحدا، إما بالمشاركة أو التأييد أو السكوت أو التغاضي أو التردد. فنحن مسؤولون أمام الله وتجاه الوطن و مستقبل الشعب و مصالحه. لذلك وجب النهوض للقيام بالواجب والتكفير عما سبق.
إننا نحتاج إلى ثورة الملك و الشعب ضد تيار الفساد/الرشوة مهما كانت كلفتها، و على النخبة ان تتحمل مسؤوليتها في تأطيرها وتعطي بعضا مما أعطاها الوطن ، خاصة تلك الكفاءات التي تظن أنها في منآى من تداعيات وشظايا تيار الفساد/الرشوة.
فاليوم نظن أنه يكتوي بناره الآخرون لكنه قريبا ستصل إلينا وإلى دوائرنا ومصالحنا ، لأنه تيار لا يرحم و لا يشبع و لا يستحيي. وحتى لو سلمنا، ألا يحزننا أنه يخرب الوطن ويخونه؟ وهل هناك أغلى من الوطن!
الثلاثاء 26 نونبر 2024