قصيدة للشاعر التهامي اشويكة
!لم أنتبه
كان الوقت سريعا
وكنت بالكاد أتهجى حروفك الأولى
لم أنتبه
للشفق المرسوم على جبينك
لسيرك
في خفة اليمام
ها قلبي معلق الآن
ها أنت ولجت إيوان الروح
….
حقا لم أنتبه
لمواعيدنا الفاتنة
لرقصتنا التي لم تنته بعد
للشعر المسافر ساعة المغيب
لأشعاري المعلقة على أستار صدرك
لليلنا الطويل
وغرغرة الضفادع
في البركة
المجاورة لغرفتنا العلوية
…
لم انتبه
للكرز المدلى
للدالية المعلقة
للرضاب المندلق
لقطع الماء
وقطرات السكر
…
كيف لم أنتبه
والبنفسج الحائر
إذ يتفتح
أتيه
أهيم
أقيم
أرتحل
أغدو
أروح
أهبط
أصعد
انتحل كل صفات الطفولة
أصير صغيرا جدا
أصير كبيرا جدا
حيت تدسني كفاك
على عجل في تلك الغيمات
حين ينز العطر
حين يندس رأسي بين كوكبين
حين يتفتح السوسن في كفي
حين يبرز نهداك من قميصك المزركش بالفراشات
…
لم أنتبه حقا
كان علي أن أقوم باكرا
كان علي
أن آتي قبل موعدنا
قد قالها شاعر ومضى “انتظرها …”
حتى إذا جاءت في غير موعدها
فانتظرها “*
لا تنزع عنها ثوبها المعطر بالزهر
بالماء
وانتظر
لظى الشوق
هي النار لم تكن يوما
وشم سوء
خذ نار موسى
إذ هدت السيارة في حلك الليل
خذ نار إبراهيم
هل لابه من حرقها شيء
…
اعذريني لم أنتبه حقا
كنت على عجل
كنت أرقب ساعتي البطيئة
كنت أسمع نبضاتي السريعة
كنت أنسج للقائنا خيوطنا المخملية
أعد سيناريوهاتي الحالمة
ها هنا ستجلسين،
وهكذا سأناولك كاسك
كنت منشغلا أرسم لك لوحة
لأم تسعفني كل الألوان ن
وهذه الشرشف الزهري يأخذ لون شفتيك
وهذه قارورة عطري التي تستهويك
وأريكتك المفضلة
حتى أني لم أحلق ذقني
لم أنتبه لأزار قميصي المنفصلة
لخصلات شعري التي طالت حين الغياب
…
اعذريني لم أنتبه أكثر
ولم أعد تفاصيل أخرى
اعذريني لم أنتبه أكثر
*محمود درويش
الرباط 30يناير 2023