لاللفساد
المغرب
الفساد على رأس العوائق التي تحول دون تحقيق
التنمية والعدالة الاجتماعية بالمغرب
نظمت مؤخرا بمؤسسة علال الفاسي بالرباط ندوة حول ” آفاق محاربة الفساد”. لم يعط الاعلام لهذه الندوة الاهتمام المناسب واللائق من طرف وسائل الإعلام، الشيء الذي كان من المفروض أن يستقطب الاهتمام الواسع بالموضوع للمساهمة في التنوير والتوعية.
ما قاله السيد محمد بشير الراشدي عضو بالمجلس الوطني لـ “ترانسبارنسي المغرب” وكذلك عضو باللجنة التنفيذية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في هذه الندوة هو بمثابة ناقوس خطر يقرع بعيدا عن المزايدات السياسوية
اعتبر رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بأن:” الفساد على رأس العوائق التي تحول دون تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بالمغرب. والفساد يؤدي إلى سوء استخدام السلطة وانعدام الثقة وتفشي المحسوبية والزبونية والامتيازات غير المستحقة، ويحد من القدرة على الإنتاج ويخرق مبدأ الاستحقاق، ويوسع من دائرة اقتصاد الريع، ويطعم التفاوتات الاجتماعية، وبذلك يقوض أسس دولة القانون...”
وكنتيجة لهذا الوضع، يضيف بشير الراشدي ” تتراجع نسبة النشاط الاقتصادي، وتتسع دائرة البطالة والفقر، وتتعمق التفاوتات الاجتماعية والمجالية “. وبلغة الأرقام سرد العديد من المعطيات المخيفة، منها على سبيل المثل ” أن عدد المقاولات التي تصرح برقم معاملاتها لا يمثل سوى 0.16 في المئة من مجموعة المقاولات”. وفي نظره، إن هذا المعطى يعني غياب الشفافية في النسيج المقاولاتي بالمغرب، وفضلا عن ذلك إنه معطى ينعكس أيضا على التصريح الضريبي، ذلك أن 50 في المئة من المستحقات الضريبية التي تؤديها المقاولات تدفعه فقط 73 مقاولة، ما يمثل نسبة 0.06 في المئة من مجموع المقاولات...
هذا كلام مسؤول صادر عن خبير ومسؤول على رأس هيئة وطنية دستورية. أكثر من هذا إن السيد محمد بشير الراشدي معين من طرف الملك. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الفساد مستشري بقوة في مختلف مفاصل المجتمع، ورموزه لديهم القدرة على تحييد مختلف الأجهزة الرسمية والتأثير عليها حتى لا تطالهم أي محاسبة. وبوعي إصرار يقفون ضد إرادة الإصلاح والتغيير وعمليا ضد توجهات الملك حتى، باعتماد عمليات الالتفاف
والتبخيس. وغني عن التذكير بتراجع ترتيب المغرب في مؤشر التنمية البشرية من المرتبة 122 سنة 2020 إلى المرتبة 123 خلال سنة 2021 من بين 191 دولة عبر العالم
والحالة هذه، طبيعي جدا أن ينبطح بدوره الإعلام، إلا ما رحم ربي، بفعل هشاشته وتبعيته
كخلاصة، إن الامتداد الأفقي والعمودي للفساد ينتج الاستبداد الذي يصبح حاميا للفساد، ومحاربة هذا الأخطبوط معقدة فعلا، لكن تبقى ممكنة سيما عندما تميل كفة موازين القوى لصالح تطلعات أبناء الشعب المخلصين … أصحاب النية؟
نور اليقين بن سليمان
الدار البيضاء: دجنبر 2022