أصدقاء المغرب: أنطوان مازيلاّ

أصدقاء المغرب: أنطوان مازيلاّ

قلم في خدمة القضية المغربية

بقلم: أحمد قابيل

أنطوان مازيلاّ Antoine Mazella صحفي فرنسي لامع، برز اسمه في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات في الصحافة الفرنسية بالمغرب ولد في وهران، من عائلة ذات أصول إيطالية هاجرت أسرته إلى المغرب وعمره عشر سنوات، ومنذ صغره ربط علاقات متينة مع السكان المغاربة ضمن الفرق الرياضية التي كان ينخرط فيها، ومنها فرقة الوداد، التي لعب ضمن لاعبيها، وكان الفرنسي الوحيد فيها.

أخوه الأكبر، ميشيل مازيلا، كان عضوا قياديا في الحزب الشيوعي وداخل الجو العائلي تشبّع بالعديد من المثل التي تدعو إلى المساواة والعدالة الاجتماعية بين كل سكان المغرب، مغاربة وفرنسيين، وسيجند قلمه لخدمة هذه المثل بعد امتهان الصحافة .

اشتغل أنطوان مازيلا في بداية حياته في جريدة لوبوتي ماروكان Le Petit Marocain وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، عمل مراسلا حربيا، أثناء نزول القوات الأمريكية بشمال إفريقيا في نونبر 1942، لعدة صحف يسارية بالجزائر وفرنسا، وتتبع تقدم هذه القوات سواء في تونس أو في إيطاليا.

في إيطاليا سيرى بأم عينيه الشجاعة التي أبداها المجندون المغاربة في المعارك الضارية، ونوّه بذلك في العديد من مقالاته .

بعد انتهاء الحرب سيواصل مازيلا عمله ضمن جريدة لوبوتي ماروكان بعد أن أصبحت في ملكية نقابة س ج ت CGT، وأصبح لها توجه جديد يساير سياسة المقيم العام الليبرالي اريك لابون Labonne، التي تدعو إلى الانفراج السياسي وإضفاء قدر من العدالة الاجتماعية على السياسة المتبعة مع السكان المغاربة، لكن حين أحكم الحزب الشيوعي قبضته على الجريدة، قدّم أنطوان مازيلا استقالته، فهو صحفي قبل كل شيء، ولا يريد للجريدة أن تصبح مجرد نشرة دعائية للحزب، لكن اسم مازيلا سيبرز أكثر مع جريدة ماروك¬بريس Maroc-Presse، التي كانت جريدة محافظة، وقد جعل منها هو وزميله هنري سارتو H.Sartout جريدة منافسة لصحافة بيير ماص Pierre Mas الذي كان يمتلك امبراطورية مالية وعقارية وصناعية ويراقب أغلب الصحف في المغرب .

شغل مازيلا منصب رئيس التحرير في ماروك بريس، وجعل منها نافذة يستطيع منها القارئ الفرنسي الاطلاع على المعلومات بأكبر قدر من الموضوعية، حتى يرى الواقع المعيش الحقيقي الذي تسعى صحافة ماص الاستعمارية إلى التعتيم عليه وتزييفه ، واقع ليس ورديا للأسف، فالسلطات الاستعمارية تهين الشعب المغربي وتحتقره يوميا، في كل المجالات وفي كل الخدمات : في الإدارة، في التعليم، في الصحة ، يتم هذا مركزيا في مصالح الإقامة العامة بالرباط، ويتم محليا على مستوى المراقبين الفرنسيين أو القواد المغاربة العملاء .

كان مازيلا في مقالاته يدعو إلى ضرورة تغيير السياسة المتبعة قبل فوات الأوان، وفي هذا الإطار قدمت الجريدة استبيانا تدعو فيه القراء إلى إبداء رأيهم في السياسة المتبعة من طرف الإقامة العامة ومن خلال الأجوبة الواردة، تبين أن ثمة تيارا لا بأس به يدعو إلى ضرورة الانفراج السياسي، وهو ما شجع فريق التحرير بالجريدة على القيام بخطوة أخرى إلى الأمام، خطوة أكثر جرأة، وهي صياغة رسالة تسلم إلى رئيس الجمهورية، توقعها شخصيات فرنسية تمثل كل القطاعات المهنية والاجتماعية، وتدعو إلى نبذ سياسة الإهانة التي تفسد أي تقارب فرنسي¬مغربي، وإلى ضرورة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلى إشراك المغاربة في كل إصلاح يهم بلادهم .

وبالفعل فقد وقعت هذه الرسالة 75 شخصية، وسلمت إلى الرئيس كوتي Coty يوم 8 ماي 1954، ثم نشرت في جريدة لوموند وفي جريدة ماروك ¬بريس يوم 11 ماي، رغم الضغوط والتهديدات التي وجهت إليها حتى لا يتم نشر هذه الوثيقة . كان وقع هذه الرسالة شديدا على الاستعماريين، وتعرضت الجريدة ومحرروها لتهجمات صحافة ماص وغيرها من الصحف التي تعبر عن مصالح المستفيدين من الوضع القائم، بل انتقل التهديد من القول إلى الفعل، إذ تعرضت سيارة الصحافية كريستيان داربور Darbor لوابل من الرصاص، وألقيت قنبلة على منزل أنطوان مازيلا وبسبب هذه التهديدات الجدية، اضطر مازيلا أن ينتقل إلى فرنسا صحبة عائلته .

وهناك استمر في تنبيه الرأي العام الفرنسي إلى خطورة الوضع في المغرب، وفي تكثيف اتصاله بالأوساط الإعلامية والسياسية من أجل تغيير السياسة التي تنهجها السلطات الفرنسية والتي أدت إلى ما أدت إليه من اندلاع حركة المقاومة، وما تلاها من قيام عمليات إرهابية مضادة تقوم بها عصابات من غلاة المعمرين الفرنسيين، وأدت إلى مقتل عدد من المغاربة والفرنسيين، كما كان مازيلا يؤكد في اتصالاته على ضرورة إرجاع محمد بن يوسف إلى عرشه لوضع حدّ نهائي للمشكل المغربي .

بعد عودة محمد الخامس من المنفى وبدء مفاوضات الاستقلال، سيتم تكليف أنطوان مازيلا ضمن الوفد المغربي المفاوض بمهمة الاتصال بالصحافة الأجنبية بحكم معرفته الجيدة بالأوساط الإعلامية في باريس ، كما شغل في المغرب المستقل عدة مهام ووظائف سنة 1979 سيتم توشيحه بالوسام العلوي تقديرا لما أبداه من جهود لصالح القضية المغربية ووفاء واعترافا له بالجميل .

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com