مهرجان سيمفونية الثقافات بروسيا
إبراز الهوية الثقافية القومية من أجل السلام
تسنيم يونس
اختتمت في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية فعاليات مهرجان “سمفونية الثقافات” الدولي الثاني.
و الذي انطلق بالتوازي مع انعقاد مؤتمر بريكس في قازان، فاظهر الوجه الفني للتواصل الثقافي بين الشعوب.
و قال مدير مركز التعاون العربي الروسي السيد وضاح الجندي، لقد نجحنا في هذا العام بتوسيع رقعة المهرجان، ضمن اهدافه التي رسمتها مديرته السيدة كاترينا كوفانجي – مغنية الاوبرا العالمية – نحو التعارف و احترام ثقافات الشعوب و خصوصياتها الحضارية.
و احتضن متحف “رسامي بطرسبورغ” العريق، فعاليات المهرجان من معرض الأعمال التشكيلية لفنانين روس اكاديميين حافظوا على تراثهم القومي و تأثروا بحضارات الشرق، كالاستاذ “اناتولي ريبكين” الذي يأخذنا من بساطة الريف الروسي الى صحبة بدوي في تدمر و سيدة في الهند و شرفة في تونس، كذلك تفتح لنا أستاذة الفنون “الونا فاسيلفا” نافذة على الصين، بينما يصحبنا الاستاذ “فلاديمير زينين” في رحلة “صيد الاسود” لملك تدمر، و بالمقابل نرى تدمر و ملامح مختلفة لسورية من منظور ابنها الدكتور “شفيق اشتي”، و ينقلنا “فوفا” إلى جنة أفريقيا راسما موطنه مدغشقر، و التي تختلف عن أسلوب النيجيرية “مارينا كوكا”.
كما تمكن المهتمين من المتابعة اونلاين او المشاركة بعدة محاضرات، فمن مصر كان لنا وقفة طويلة لم تكف لعرض جميع أعمال البروفيسور “اسامة السيروي” المعروف بانجازه لكثير من النصب و الاعمال التي تخلد شخصيات مصرية و عربية أدبية و سياسية و فنية اقامها في روسيا، و كذلك فوجئ الحضور بعدد الأعمال التي أنجزها في مصر لشخصيات روسية تاريخية و ادبية و علمية، كما ابرز في لوحاته تأثره في بيئته المصرية ثم المدرسة الروسية الأكاديمية و الطبيعة الغنية في روسيا، فلم يفاجئهم نيله وسام بوشكين من الرئيس الروسي لان حجم و نوعية العمل الذي قام به تشكل جزء بارزا من جسر التعاون الثقافي المصري الروسي.
و في مهرجان هذا العام برز الاهتمام بالاطلاع على الفن في دول الخليج العربي و خاصة مع تطور العلاقات مع روسيا و دخول السعودية و الامارات البريكس، فتمكنا بفضل الدكتور “ماجد التركي” من دعوة الدكتور “أحمد السلامة” – رائد المدرسة التنقيطية – للتعرف على نموذج من الفن المعاصر السعودي و التي تحمل خصائص تراثية و بيئية متأثرا بمسقط رأسه “عرعر” في المنطقة الشمالية من المملكة.
كما عدنا مع باحثة تاريخ الفنون في جامعة بطرسبورغ الحكومية إلى تاريخ الفنون التقليدية في الإمارات العربية المتحدة.
و لاقى المهرجان اهتمام شريحة واسعة، و ظهر ذلك من الافتتاح الذي حضره ضيوف الشرف من شخصيات دبلوماسية و فنية و اعلامية، و من الباحثين و مدراء الجامعات و المستشرقين و ممثلوا الجاليات، الى النجوم كراقصة الباليه الشهيرة “الميرا بهاودينوفا” و المغني المعروف “راغوجين”، و طبعا النقاد الصارمين فجمهور بطرسبورغ “عاصمة الثقافة الروسية” معروف بجديته.
و اعتقد أن الاهتمام الواسع في هذا المهرجان لكونه يفسح المجال للجمهور الروسي بالتعرف على الاخر و لفناني اسيا و افريقيا من عرض ثقافتهم، و ربما تحتضن المعرض القادم واحدة من الدول العربية .
كل هذا يعكس رغبة شعوب العالم بالخروج من أسر التأثير الغربي الثقافي و الحاجة الى ابراز الهوية الثقافية القومية و التعاون على اساس المساواة و ليس التبعية الحضارية،
هذا ما لمسناه من الاقبال على مختلف الفعاليات التي تعبر عن التقاليد التراثية من حفلة الشاي الصينية على انغام فرقة “الطلبة السيمفونية الروسية الصينية”، إلى أنغام العود الشرقي من الدكتور كامل اسماعيل، مع الضيافة العربية للقهوة المرة و التمور و الحلويات السورية.
و كذلك في رسائل المنظمات و الشخصيات الروسية و الاجنبية بما فيها ممثلية “الجامعة العربية في موسكو“، في إشارة الى اهمية هذا الحدث الذي يفتح المجال الى التعارف الثقافي و احترام الاخر و تقدير الجمال و السلام، و هذا من أهم ما نحتاجه اليوم.