“المطربة فاطمة الزهراء الحلو” في حوار حصري ل: “ألوان”
أنا عاشقة للتجديد ومتشبثة ببصمتي الفنية
فاطمة الزهراء الحلو من الأسماء الفنية التي لها مكانة مميزة في سجل الأغنية المغربية المعاصرة.. فعلى مدى أكثرمن ثلاثين سنة، قدمت مجموعة من الأعمال الغنائية من تأليف كبار الملحنين و الشعراء وفي مقدمتهم: الموسيقار الراحل الأستاذ أحمد البيضاوي ، عبد الله عصامي ، شكيب العاصمي ،عز الدين منتصر، محمد كامني ، محمد مازري و الفنان الشاب محمد الشكراوي
شاركت الفنانة فاطمة الزهراء الحلو في أشهر المهرجانات العربية وفي أكثر من عاصمة عربية، وحصلت على أوسمة وشواهد تقديرية اعترافا بمسيرتها الفنية الطويلة.. وكانت لها لقاءات مع شخصيات سياسية عربية من بينها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات وصائب عريقات…إلخ
وخلال الأيام الأخيرة، أصدرت فاطمة الزهراء الحلو أغنية جديدة بعنوان”بعادو طول”، لتعلن من خلالها عن حضورها ومواصلتها للمسيرة الفنية التي بدأتها منذ سنة 1985
…وفي هذا الحوار الحصري، ستتحدث لنا فاطمة الزهراء الحلو عن هذه الأغنية الجديدة وعن ظروف إنتاجها وعن قضايا فنية أخرى.. لنتابع
منذ أيام قليلة، أصدرت أغنية تحت عنوان: “بَعادُو طَوَّلْ”.. هل يمكنك أن تحدثي قراء صحيفتنا الإلكترونية “ألوان” عن هذه الأغنية وعن ظروف وملابسات إنتاجها؟
في بداية هذا اللقاء، اسمحوا لي أن أعبر لكم عن سعادتي بالتحدث إلى منبركم الإعلامي متمنية له التوفيق والنجاح حتى يتبوأ المكانة الإعلامية التي تليق به مغربيا وعربيا أما بخصوص سؤالك حول أغنيتي الجديدة التي رأت النور منذ أكثر من أسبوع تقريبا، يمكن لي أن أعلن أنها جاءت لتكشف عن مدى تشبثي بهذا الفن الغنائي وإصراري على مواصلة المسيرة بكل جد وكد
أغنية “بعادو طويل” من كلمات وألحان الفنان المتميز والمتعدد المواهب محمد الشكراوي، أما توزيع فيديو كليب فيحمل توقيع الفنان الكبير كريم السلاوي
ومنذ البداية، سأقول لك إن أغنية “بعادو طول” تختلف تماما عن الأعمال التي سبق لي أن أصدرتها خلال السنوات الماضية من حياتي الفنية
لماذا تصنفين هذه الأغنية مختلفة عن سابقاتها؟
لكي أجيبك عن سؤالك هذا ولفهم مدى اختلاف الأغنية عن سابقاتها، لابد أن أشير هنا إلى أن مسيرتي الغنائية ميزتها مراحل مختلفة. ففي المرحلة الأولى التي كانت بدايتها سنة 1985، قدمت أنماطا مختلفة من الأغاني، حيث كانت لي تجارب مع فن القصيد والفن الغرناطي…إلخ. وشاءت الصدف أن أشتغل مع كبار الملحنين المغاربة وفي مقدمتهم الفنان والأستاذ الكبير أحمد البيضاوي الذي جمعتني به أغنية وطنية جميلة بعنوان”ذكرى المسيرة”(كلمات الشاعر الحبيب الإمام) وأغنية ثانية باللهجة العامية عنوانها “زين لولاد”:(كلمات مالوران). وكنت آخر مغنية مغربية تحظى بالتعامل مع هذا الفنان الراقي، كما عملت أيضا مع الفنان عبد الله عصامي وشكيب العاصمي وعز الدين منتصر
وعندما قررت اللجوء إلى العامية المغربية، اخترت الاعتماد على لهجة “بيضاء” أو “لغة ثالثة” تتسم بخصوصيات لغوية خالية من العبارات المستهجنة وقابلة للفهم السريع. وكانت أول أغنية لي في هذا الإطار تحمل عنوان “أحلى طريق” : كتب كلماتها الراحل عمر التلباني وقام بتلحينها الموسيقار الكبيرعبد الله عصامي. ثم واصلت الإنتاج دون الخروج عن سكة القصيدة والعامية “الثالثة”. وغنيت بعض الأغاني الخفيفة التي أعتبراليوم أنها جاءت قبل آوانها
وحرص الفنان عبد الله عصامي على مرافقتي خلال هذه المرحلة الأولى بإشرافه على تلحين أغان جديدة مستقاة من الطرب الأندلسي و بطريقة عصرية وبتوزيع موسيقي جديد يحمل توقيع الفنان يونس مكري. وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر أغنيتين تحملان عنوان: “طيف الخيال” و”حن الطيور من غربتي”
وطيلة سنوات هذه المرحلة، تمكنت أعمالي الغنائية من تحقيق نجاحها الواسع والاقتراب من الجمهور حيث استطاعت أن تجد لها مكانة ضمن سجل الأغنية المغربية العصرية
أما المرحلة الثانية، فاتسمت ببداية تعاملي مع الشاعر الغنائي المعروف محمد حاي والملحن محمد مازري، دون أن أنسى اسم الشاعر التونسي الكبير وصاحب ألف أغنية وأكثر، والأمر يتعلق برضا الخويني الذي وافته المنية سنة 2015. حيث جمعتني به أغنية تحت عنوان” فين الإحساس” (من ألحان محمد مازري)، ثم أغنية ثانية بعنوان “أنا إنسان”(من ألحان محمد الشكراوي)
والمثير في الأمر أن نسبة كبيرة من الرأي العام الفني صنف أغاني هذا الألبوم ضمن الأغنية الملتزمة، بل كانوا يرغبون في اعتباري مغنية ملتزمة، بينما هذا غير صحيح من وجهة نظري الخاصة، لأن الحياة كلها التزام
أعتقد أن أغنية”نشتاق السلام” التي تزامن ظهورها مع ظروف سياسية خاصة، جاء وقتها الآن لكي نتداولها من جديد ونستمتع بكلماتها وألحانها وأدائها
وللأسف الشديد، أعرف لماذا يتم محاصرة هذه الأغنية بعد أن قررت إعادة وضعها على جميع مواقع التواصل الاجتماعي(اليوتيوب، التيك توك والفيسبوك)، لكنهم في نفس الوقت يسمحون للتفاهة بذلك…؟؟؟
خلال المرحلة الثالثة من عمري الفني، بدأت تجربة جديدة مع الأستاذ شكيب العاصمي وعز الدين منتصر اللذين أعتبرهما حاملي مشعل الأغنية المغربية بعد جيل البيضاوي والراشدي…إلخ
وها أنا أعيش اليوم مرحلة جديدة تختلف تماما عما حدثتك عنه سابقا؛ إنها مرحلة ذات منحى شبابي بامتياز.. الشيء الذي يعني أنني فنانة تواكب عصرها و ترافق التحولات الفنية دون أن تتخلى عن بصمتها الغنائية
فنانة عاشقة لكل ما هو جميل
هل هذا التطور المرحلي كان إجباريا أم اختياريا؟
طبعا.. أنا واعية بهذا التطور المرحلي الذي يميز مسيرتي الغنائية منذ أن احترفت الغناء في بداية الثمانينيات. وشاءت الصدف أن ألتقي عددا من رموز الأغنية المغربية مثل: عبد الوهاب الدكالي ،عبد الهادي بلخياط والرائعة نعيمة سميحة التي لي معها ذكريات سيطول استحضارها في هذا المقام
لقد كان لي شرف أن أحظى بالتشجيع من طرف أسماء فنية عديدة، آمنت بموهبتي الغنائية منذ بداياتي الفنية، وساعدتني على شق الطريق والوصول إلى ما وصلت إليه اليوم، “والذي أعلن فيه عن ميلاد أغنيتي الجديدة بعنوا: بعادو طول
هذه المطربة التي تتحدث إلى “ألوان” ومتابعيها تؤمن بأن الفنان يجب أن يتطور، وأن يواكب التحولات الفنية، وألا يقف عند عتبة واحدة و يظل يعيش على الماضي
اليوم، اخترت أن أتعامل مع فنانين شباب، سواء في التوزيع أو اللحن أوكتابة الكلمات
ألا يشير جوابك هذا إلى أن تعدد هذه المراحل الغنائية كان يدخل ضمن خانة الشك ؟
قطعا لا…هذا ليس تعبيرا عن الشك، وإنما هي مبادرة جريئة حيث اعتمدت على اللهجة العامية التي لم أكن متعودة عليها من قبل. والحمد الله أني فخورة بهذا الإنجاز الذي قمت به
لو اقترح علي غناء “بعادو طول” مع بداية مساري الغنائي، لرفضتها لاعتبارات فنية صرفة
فاطمة الزهراء لحلو تؤمن، كما قلت من قبل، بالتطور والتجديد والارتباط بالعصر الذي تعيش فيه، لكني في نفس الآن أعمل جاهدة على المحافظة على بصمتي الفنية وأسلوبي في الغناء وعدم السقوط في التفاهة لحنا وشعرا وأداء
طيب.. ما الذي يميز أغنيتك الجديدة “بعادو طول”؟
تتميز هذه الأغنية بمواصفات فنية عديدة، منها: جمالية الكلمات، إنسانية المغزى، روعة الألحان، احترافية التوزيع الموسيقي، توظيف الإيقاع المغربي، اختلاف في الأداء والغناء…إلخ
ما هي انطباعات جمهورك حول الأغنية رغم أنها ما زالت في بدايتها الأولى؟
” للجواب على سؤالك هذا، أحيلك إلى قراءة ردود الفعل الواردة على صفحتي الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي سواء في “الفيسبوك” أو “يوتيوب
خلاصة القول، أنا مطمئنة وجد سعيدة بهذه الانطباعات الأولية و الإيجابية، وأحمد الله وأشكره على ذلك
ماهي الأسباب التي جعلتك تتحملين مسؤولية إنتاج هذه الأغنية؟
هذه الوضعية ليست جديدة، وسبق لي أن تحدثت عنها منذ أكثر من عشرين سنة، كما أنها لا تخص المغرب وحده، وإنما هناك بلدان عربية تئن منها، وفي مقدمتها عاصمة الفن العربي مصر
هل هناك شركة إنتاج مغربية، اليوم، يمكن أن نتحدث عنها ونعتمد عليها؟… الجواب هو أن آلة الإنتاج الفني معطلة وكارثية
كيف يمكن ترويج هذه الأغنية حتى تحظى بمكانتها وتصل إلى الجمهور؟
كل أغنية تحتاج إلى وسائل عديدة لترويجها وخاصة وسائل الإعلام العمومي وفي مقدمتها الإذاعة والتلفزيون إضافة إلى الصحافة الورقية والإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي
هل أنت مسؤولة على القيام بذلك؟
لست مسؤولة على دق أبواب وسائل الإعلام من أجل ذلك، ولكن أجد نفسي مجبرة على القيام بهذه المبادرة لكي تصل الأغنية إلى الإذاعة و التلفزيون وإلى جمهوري الواسع
الشيء الذي يتطلب مني مجهودات كبيرة
ولحسن الحظ أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تساهم في الترويج للأغنية
إن مواقع التواصل الاجتماعي عبدت الطريق أمام الفنان حتى يستطيع أن يبث أعماله الغنائية بكثير من الارتياح والطمأنينة، كما يستطيع التواصل مع جمهوره والتفاعل معه مباشرة من خلال نافذة التعاليق
هل أنت مرتاحة للاهتمام الذي تكنه الإذاعة والتلفزيون لأعمالك الغنائية؟
يمكن أن أقول بكل صراحة أن علاقتي بالإذاعة جيدة، حيث تتم إذاعة الكثير من أعمالي الغنائية، أما بالنسبة للتلفزيون فالأمر مختلف
أنت حاضرة في الساحة الغنائية منذ أزيد من ثلاثين سنة، لكننا نلحظ أن اسمك يظهر ويختفي فنيا وإعلاميا؟
أنا لست مسؤولة عن ظهور واختفاء اسمي من الساحة الغنائية، ودليل ذلك أني أشتغل بشكل متواصل وأبحث عن الأغنية التي تعبر عن بصمتي الفنية
هناك أطراف أخرى تتحمل هذه المسؤولية التي تجعل اسمي يتأرجح بين حالتي الظهور والاختفاء، وأعني هنا بعض وسائل الإعلام التي لاتريد أن تقوم بدورها
من هو جمهور فاطمة الزهراء لحلو؟
كل الفئات العمرية هي جمهوري.. ومنذ بدايتي الفنية وأنا أغني لكل الناس؛ الفنان لا يختار جمهوره وإنما الجمهور هو الذي يختار التفضيل بين هذا الفنان أو ذاك
وأشكر الله عزوجل أنه منحني حبا كبيرا من طرف فئة واسعة من الجمهور المغربي والعربي، مما جعلني أحظى بالإعجاب والتقدير من طرف الجميع
ما هي درجة استثمارك لمواقع التواصل الاجتماعي في التعريف بإنتاجاتك الغنائية؟
أعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أصبحت تمثل شيئا أساسيا في حياة أي فنان. فهي النافذة التي يطل من خلالها المغني على جمهوره داخل وخارج بلده
وعلى غرار الكثير من رواد الأغنية المغربية والعربية، اخترت الانخراط في هذا العالم الذي يسمح لي ببث كل جديد.وقد أطلقت، منذ سنوات خلت، قناة رسمية على موقع اليوتيوب،غير أن بعض المشاكل الصحية( نتيجة حادثة سير خطيرة) و التقنية ( نتيجة القرصنة) جعلتها تتوقف أن أداء مهمتها بالشكل المطلوب. وأنا اليوم أشتغل مع فريق عمل متخصص من أجل تطوير هذه القناة الرسمية حتى تكون في مستوى ما نطمح إليه جميعا. إذن، جميع مواقع التواصل الاجتماعي ضرورية لكل فنان مجتهد، وصالحة للتواصل مع الجمهور العريض ونافذة لقياس مدى نجاح هذه الأغنية أو فشلها
بعض الفنانات بحثن عن الشهرة إما من خلال الهجرة إلى المشرق أو إعادة إنتاج أغاني مغربية أو عربية ناجحة.. ما رأيك في ذلك؟
خلال مسيرتي الفنية الطويلة، قدمت كثيرا من الأنماط الغنائية المغربية والمشرقية، وتخصصت في أداء أغاني الراحلة، ولكني مؤمنة بأن “المَكْسي بِديال الناس عَرْيان
ولا أخفي عليكم جميعا أني أعدت إنتاج عدد قليل من الأعمال الغنائية والتي لا تتجاوز أربع أغاني لا أقل ولا أكثر(طفلة أندلسية، لاموني اللي غارو مني، تحت ياسمينة في الليل، قم ترى). وخلال السنوات الأخيرة، حاولت الاشتغال على أغنية مغربية لفنان راحل مشهور وإعادة توزيعها بشكل آخر داخل الاستوديو، لكن بعض الورثة، سامحهم الله، ما زالوا متشبثين برفضهم لذلك
لماذا هذا الإصرارعلى الاشتغال على التراث الغنائي المغربي؟
التراث هو كل شيء، ولا وجود لحضارة بدون تراث. أنا أتحدث هنا عن التراث المغاربي الغني والرائع، وهذا لا ينفي أن المشرق خال من أعمال تراثية تستحق منا الاهتمام
وأعتقد أن أغنية”تحت الياسمين في الليل” للفنان التونسي الراحل عبد الهادي جويني تمثل نموذجا لهذا التراث المغاربي التي أتحدث عنه.. أغنية استطاعت أن تنال إعجاب أكثر من فنان عربي، الشيء الذي جعل الكثيرين يعيدون إنتاجها بطريقتهم الخاصة، وأنا واحدة ممن أعجبت برائعة الهادي جويني
إنني فنانة تريد أن تساهم في التعريف بالتراث الغنائي المغاربي وتقديمه بشكل جديد إلى الشعوب الأخرى. ومن هنا أدعو الشباب إلى الانتباه لهذه الجواهر الفنية والإبداعات الغنائية التي تحتاج إلى بعثها من رمادها
إذن، يبقى تعاملي مع التراث الغنائي المغربي والمغاربي قائما على الحب والعشق وليس الربح المادي، كما أسعى إلى المساهمة في إحيائه على غرار ما يقوم به الكثير من الفنانين من المحيط إلى الخليج
بعد هذا الحديث عن الماضي والحاضر، كيف ترى فاطمة الزهراء لحلو المستقبل؟ وهل ستواصلين مسيرتك الغنائية بنفس الطموح والأمل؟
الماضي انتهى، والحاضر أعيشه بما له وما عليه. ومن يرغب في الاستماع إلى إنتاجاتي الغنائية الماضية سيجدها متوفرة في أكثر من مكان، ولاسيما على قناتي الرسمية على موقع اليوتيوب
وفي ختام هذا اللقاء مع منبركم الإعلامي المتميز “ألوان“، لابد لي من الإشارة إلى أني فنانة تؤمن بالتطور ومطالبة بمواصلة المسيرة الفنية والإيمان بالمستقبل، أما مناجاة الأطلال فشيء غير وارد في نظرتي إلى الحياة بشكل عام. وإذا حدث أن اختفيت عن الأنظار فذلك بسبب بحثي عن الجديد، لأنني فنانة عاشقة لكل ما هو جميل