إضاءات
سيدتي: كوني عطرا ينعش القلب والذاكرة
أعدي لنفسك فنجان قهوة، أو كوب شاي منعنع ينعشك، واستمتعي حتى الرشفة الأخيرة بدون أن يكسرك أي غياب ، فالمكسور لا بد أن يتناثر قطعا ، تخدش الارض ، لكنك تبقين دائما قطعة واحدة موحدة ، إياك أن تصدقي قولهم بأنك كبرت وتحبسين روحك في إطار جسدك ، فما العمر إلا سنين متعاقبة تتوالى معها الهزات والضربات ، بينما القلب والروح لا يشيخان ولا تشيب معالمهما ، انفضي عنك رداء الخمول، وانتفضي محلقة ، سابحة في ملكوت المحبة والتفاؤل ، يحدوك الأمل والرغبة في الانبعاث والحياة من جديد ، وكأنك طائر الفنيق الذي يولد من جديد اختاري بكل دقة وعناية من ستزرعينهم في قلبك ، تاركة لهن/لهم فرص استدامة النمو والتفتح فيعم اريجهم كل المساحات التي تواجدين فيها ومن خلالها
كوني – سيدتي – كل الحقيقة والصفاء والمصداقية بعيدا عن أي رياء اجتماعي، وعبري عما يسكنك من مشاعر وأحاسيس، واحتكمي الى عقلك الباطني ، دون ان تخشي لومة لاءم ، ولا تكترثي بما سيقال عنك، فالآخر / الاخرين هم جهنم على حد تعبير الفيلسوف الوجودي ” سارتر ” . كوني سيدتي كما أنت وكفى ، لا تعتذري ولا تبحثي عن إرضاء اي كان ، فيكفيك رضى نفسك على قناعاتك ، وعندئذ فان من يريدك لن يرى إلا أجمل ما فيك. لا تجري – ابدا – وراء إقناع الآخر، واجهي، وتحلي بالعزيمة والمصداقية وامضي في دروب الحياة صامدة، فمن يحبك سيتمسك بك لامحالة، وقولي مع عميد الاغنية المغربية الموسيقار “عبد الوهاب الدكالي”: ( هاذي يدي ممدودة ، مدي يدك ….. ) ، ومن ترك يدك الممدودة إليه ، أو تغافل عنها ، فما ذاك الا من قباحة عقله وغباوته، فالسفينة التي أنت ربانها ستحمل ركابها الاصفياء وتنطلق في اتجاه الأمل التجميعي والغد المشرق الوضاء ، تمخر عباب الأحداث ، دون ان تبالي بضربات الزمن ، وتمضي لوجهتها يحدوها الامل في غد أكثر اشراقا وضياء
وإياك أن تسمحي لأي كان / كانت أن يسرق منك ثقتك بنفسك، واعتزازك بهويتك وخصوصيتك ، فأنت الشموخ عينه ، والصمود كله ، وكيف لا سيدتي وانت الكائن الذي نهل من علو الأطلس وصفاء المتوسط ، وثراء المحيط ، واناقة الزي المغربي الاصيل، وطيبة وطعم الأكل الشهي . وتأسيسا عليه فأنت الخير كله. والأمل شعاعه والغد المشرق نوره . ارفعي لواء الالق وأعلني عن كينونتك بابتسامة دائمة حقيقية حتى وإن اختنقت دواخلك بالأسى او الالم والبكاء ، وارفعي لواءات التحدي والصمود في وجه كل الاعاصير والخيبات ، وكوني قادرة على لملمة حطامك المتناثر جيئة وذهابا بين زوايا العتاب وتجاعيد الغياب وسطوره
كوني سيدتي امرأة ترمم ذاكرتها باستمرار لتنتعش، وتحفحف اشجارها لتثمر ويكثر عطاؤها ، وارتدي آلامها وكأنك ترتدين الكعب العالي ، فرغم أنه مؤلم فهو يزيدك اناقة وجمالا، لتنبعثي من رمادك كالعنقاء، وتتجدد دورة حياتك ووجودك رغم انوف الاخرين . ابتسمي وكوني امرأة كالربيع ، يعطي للحياة مذاقا مختلفا عن طعم أيام الشتاء البارد ، كوني كالشمس تشرق بنزق يشبه الجنون ، وهي تستعرض أشعتها وتضفي على الأجساد ألقا وعربدة هي في حاجة ماسة إليها، اصمدي وحاربي، ففي الحياة تقاطعات حبلى بالمسرات الكثيرة والمتنوعة، واعطي لنفسك حق التمتع بها ، بدءا من قهوة الصباح وانتهاء بلمة الأهل حول المائدة أو المسامرة الليلية ، فبين المتعة الاولى والأخيرة ، يحضر كفاحك المستمر من أجل العيش والصفاء والمحبة الصادقة، والدود عن القيم التي تشبعت بها في مسيرتك الحياتية ، حتى تعطي لحياتك كل المعاني والأبعاد التي تستحقها ، الأمر الذي سيجعلك أكثر فاعلية ومصداقي
عيشي بطريقتك الخاصة ، واحرصي على ان لا تؤذي قلبك وألا تغيري طبعك بهدف إرضاء الآخرين، وإياك ان تستسلمي أبدا، وارفعي الشعار القائل : (قاوم ولا تستسلم ابدا ) ولا تتصنعي لتنالي الرضى، ولا تسمحي لهم/ لهن أن يسحبوك لعواصفهم ابدا ، وكوني دوما أنت أقوى من أن تنكسري، بل اعملي على جذبهم لهدوئك، وكوني كالبصمة لا تشبه أحدا، فمن يقدرك سيمنحك حق الاختلاف وشرعيته ،لأن هذا الحق وكما يقول الدكتور ” علي اومليل ” في كتابه “في شرعية الاختلاف ” ( أن الحق في الاختلاف الذي يعنينا هو ذلك الذي يعتبر شرطا اساسيا لمطالب التعددية و الديمقراطية وحقوق الإنسان ) ويبقى هذا الحق بعيدا كل البعد عن اي إقصاء ممنهج، أو إلغاء مجاني
ضعي ألمك جانبا وتحدي الآخر وخوضي غمار الحياة وكأنك غصن يانع مهما انحنى لعصف الرياح وهبوب العواصف لابد ان يعود لاستقامته وطراوته ، ويينع دون أن ينكسر. تعلمي سيدتي من خدوشك وانكساراتك ومن كل ما بقي منك لتكوني أرضا معطاءة ، تثمر بعد كل انحناء أو سقوط ، كوني شامخة كالصنوبر، مورقة كأغصان الليمون، متفردة كأشجار الأركان، عالية كالنخيل ، وحتى في غياب الشمس تعلمي أن تنضجي في جليد الأطلس. وإذا تعالى عليك أي كان ، فقابليه بالتناسي والإهمال والتغافل قبل أن تدفعي به إلى دائرة التخلي . وإذا ما حدث واستعصى عليك قلب ما ، فكفي عن وصاله ، ، وإذا جار عليك الولد ادعي له بالهداية، ولاتحزني أو تقنطي فربك يقول:(باسم الله الرحمان الرحيم: فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا ) ، أما إذا تغير عليك أحد فامنحيه نسيانا كأنه لم يكن وانتهى الأمر
ابتسمي ولا تكثرتي، املئي دنياك وردا، واسلكي طريق التفاؤل والرضا، وكوني نقطة ضوء في كل بركة سوداء، كوني سيدتي امرأة بقوام قصيدة لا يقرأها إلا الفصيح، واجعلي من حياتك قصيدة جميلة، وابتسمي ملء فمك وحرري مبسمك نكاية فيمن غابوا وانتقدوا و….و….و….. وتتعدد هذه الواوات
واصنعي حياتك بنفسك، وحافظي على سلامتها ، ووثقي كل الذكريات ولا تنسي أن تأخذي معك في رحلتك هذه قلب الطفلة التي تسكن دواخلك وأنت تكبرين، تعلمي التفكير بالألوان، وسترين العالم بشكل مختلف، لن يوقفك اي شيء وتابعي سيرك وتحليقك بالدوس على كل الجراح والآلام ، واظهري للجميع أن شموخك فوق كل اعتبار ، وانت الطيبة الأصيلة، والانسانة الابية بحق
ثريا الطاهري الورطاسي