ثريا حضراوي: علاقتي بفن الملحون علاقة عشق أولا وأخيرا
النضال السياسي والحقوقي كان مفيدا لتجربتي الفنية
تعتبر الفنانة ثريا حضراوي واحدة من الأصوات الفنية التي استطاعت أن تحجز لها مكانة ضمن قائمة أشهر الأصوات الغنائية في المغرب والعالم العربي، كما أنها تمثل علامة بارزة في النضال السياسي والحقوقي وخاصة دفاعها المستميث عن حقوق المرأة خلال سنوات انخراطها في الحركة النسائية
وبمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف تاريخ ” 8 مارس” من كل سنة، أجرى موقعنا الإلكتروني “ألوان” حوارا حصريا وصريحا وشيقا مع هذه المناضلة والفنانة المغربية.. لنتابع
ألوان: ماذا يعني لك إحياء اليوم العالمي للمرأة؟
ثريا حضراوي: هذا اليوم العالمي يجعلني أستحضر بعضا من ذكرياتي مع النضال من أجل المرأة. معلوم أني بدأت هذه المعركة النضالية منذ أن كنت شابة وعمري لا يتجاوز العشرين سنة، حيث انخرطت ضمن العديد من الجمعيات التي بدأت تدافع عن حقوق المرأة المغرب
على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن أشير هنا بعجالة إلى تلك التظاهرة الناجحة التي نظمت في بداية ثمانينيات القرن الماضي بدار الشباب بوشنتوف من طرف لجان المرأة التي خلقناها ب”جمعية الشعلة” و”جمعية الأمل” و”نادي العمل السنيمائي” بالدار البيضاء حول موضوع “المرأة من الناحية الحقوقية والسياسية” ، والتي عرفت حضورا بارزا لأسماء تنتمي لمجالات حقوقية وسياسية وفكرية، من بينها عالمة الاجتماع الراحلة فاطمة المرنيسي، وحضورا جماهيريا مكثفا، إذ على مدى أسبوع كامل، ناقشنا العديد من القضايا و الملفات التي تخص واقع المرأة مغربيا وعربيا، كما نظمنا معرضا للكتاب الخاص بالمرأة
هذا الكلام، يعني يوم ” 8 مارس” ، يجعلني أستعيد بعضا من ذكريات النضال النسائي، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، كما أنه يوم مكنني من اكتشاف جوانب عديدة من القضية، وبالتالي انخراطي في الدفاع عنها
وبهذه المناسبة، أود الإشارة إلى أنني لاحظت خلال السنوات الأخيرة أن “8 مارس” أصبح عند البعض شبيها بإحياء عيد الحب الذي يصادف 14 فبراير من كل سنة. إن “8 مارس” مناسبة للنضال من أجل المطالبة بتمتيع المرأة بمزيد من الحقوق
مرة أخرى، سيظل هذا اليوم مهما في حياتي، وخاصة بالنسبة لعلاقتي بهذا النضال الذي كرسته للنساء قبل انخراطي في المجال الفني
للإشارة وللتذكير فقط ، فقد سبق لي أن أنجزت تحقيقا صحفيا في هذا الموضوع سنة 1986، وتم نشره على صفحات مجلة “كلمة“، التي اشتغلت ضمن طاقمها التحريري لبعض السنوات. ونشر المقال باللغة الفرنسية تحت عنوان: “8 مارس.. أين يوجد؟”
إن” 8 مارس” سيظل بمثابة ذلك التاريخ الذي يحمل بين طياته ذكريات وصداقات مع مجموعة من الوجوه النسائية المغربية العظيمة التي ما زلت أكن لها كل الاحترام وأعتز بصداقتي معها
ألوان: وطنيا، هل يمكن الحديث عن إحياء لليوم العالمي للمرأة؟
ثريا حضراوي: أظن أنه ثمة من يتعامل مع هذا اليوم تعاملا احتفاليا ليس إلا، في حين هناك طرف ثان يجعله لحظة نضالية للمطالبة بمزيد من الحقوق التي بإمكانها أن تساهم في إنصاف المرأة
إذن، من الصعب القول إن المغاربة لا يثمنون اليوم العالمي للمرأة. ففي الثمانينيات صدرت جريدة تحت عنوان “8 مارس” حيث كانت منبرا للدفاع عن حقوق المرأة المغربية ومناقشة قضاياها بكل جرأة
ألوان: ماهي رسالتك إلى العالم في يوم الاحتفال بالمرأة ؟
ثريا حضراوي: إن رسالتي التي أود أن أبعث بها إلى العالم ككل تتلخص في ضرورة التضامن مع المرأة الفلسطينية.. هذه المرأة التي تعيش اليوم وضعا قاسيا، حيث تعاني كل أشكال التعذيب والتقتيل والتهجير والتنكيل بها… إن المرأة الفلسطينية تجسد اليوم الوضع المأساوي الذي تعانيه باقي النساء في نقط مختلفة من العالم
إذن، أدعو الجميع في هذا اليوم العالمي للمرأة بالتضامن مع المرأة الفلسطينية والتعريف بقضيتها والدفاع عنها وحمايتها من حرب الإبادة التي تمارسها عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي
ألوان: كيف تعيش ثريا حضراوي تجربتها الفنية وهي تستحضر تاريخها النضالي من أجل الدفاع عن حقوق المرأة؟
ثريا حضراوي: من المؤكد أنه لم يكن لي أن أسير في هذا المسار الفني المرتبط باكتشاف التراث الغنائي المتمثل في فن الملحون ودفاعي عنه، لولا تجربتي النضالية التي عشتها خلال العقود الماضية، وزودتني بما يسمح بمواصلة نهجي الغنائي والدفاع عن موقعي كامرأة تغني تراثا ظل رجاليا بامتياز
إذن، النضال السياسي والحقوقي كان مفيدا لتجربتي الفنية ، حيث اخترت العمل على الاشتغال على جانب من التراث الغنائي المغربي بشكل جديد وإعادة قراءته قراءة حديثة
ألوان: في نفس سياق الحديث عن تجربتك الغنائية، أصدرت منذ مدة غير طويلة ألبوما جديدا في شكل قرص مدمج تحت عنوان “موشحات” بصحبة الملحن والموسيقي “جان مارك مونتيرا“. هل حقق هذا العمل الغنائي بعضا من انتظاراتك؟
ثريا حضراوي: بالنسبة لي، كان هذا الألبوم تجربة شخصية ومحاولة لإنجاز عمل فني بطريقة خاصة ورؤية فنية جديدة وأنا راضية عنه
في هذا الألبوم، اشتغلت على ريبرتوار غنائي صعب جدا، وهو الموشحات العربية، وقدمتها في قالب فني تغيب فيه الموسيقى أو ما يسمى في “الموسيقى باللاموسيقى“. لكن الألبوم لم ينل حقه إعلاميا، وأنا لست مسؤولة عن ذلك
كان أملي أن تهتم الساحة العربية بهذا الألبوم بعد الساحة المغربية، ويصل صداه إلى أبعد نقطة من العالم العربي، حتى يتعرف هذا الجمهور على شكل آخر من التعامل مع الموشحات. فكل تراث غنائي يمكن أن نتعامل معه إما بطريقة تقليدية أو طريقة جديدة. وكل اجتهاد في هذا الميدان يساهم في إغناء التراث العربي، وبالتالي إغناء خيالنا الفني
إن إرادتي هي التي مكنتني من إنجاز ألبوم ” موشحات“، إضافة إلى دعم بعض الجهات الخاصة، من بينها مؤسسة “لوزين“. أما موضوع ترويجه فليست مسؤولة عن ذلك
ألوان: في نظرك، من المسؤول عن صعوبة الترويج الفني والتجاري لهذا الألبوم؟
:ثريا حضراوي: الكثيرون يتحملون مسؤولية هذه الوضعية التي يعاني منها الكثير من الفنانين المغاربة الحقيقيين. ويمكن لي تحديد هذه المسؤولية في العناصر التالية
ـ غياب سوق للإنتاج الفني
ـ غياب وكالات للإنتاج والدعم الفني؛
ـ ضعف سياسة الترويج الفني
إضافة إلى أشياء أخرى
ألوان: هل هذه الوضعية تشجعك على مواصلة الغناء أو أنها تحبطك وتدخلك دائرة الشك والتأني في إصدار ألبومات أخرى مستقبلا؟
ثريا حضراوي: أنا لست محبطة لأني أعرف حقيقة هذه الوضعية منذ بداياتي الأولى في عالم الغناء.. وسبق لي أن عشت وضعيات شبيهة بهذا، لكنني حاولت وما زلت أعمل على تجاوز الصعاب بعزيمة قوية، لأنني فنانة تعرف حدود مجال اشتغالها.. وواجبي هو القيام بعملي على أحسن وجه ممكن.. كل مشاريعي تتطلب مني بدل مجهود كبير حتى أحقق المطلوب.. ولا أريد سوى أن أحافظ على الصدق في ممارستي للفن والرغبة في أن أشرك جمهورا مختلفا ومتعددا في تذوق كنوز فنية مغربية وعربية
ألوان: مؤخرا أحييت حفلا غنائيا بمدينة أكادير، كيف كان تفاعل الجمهور مع ثريا حضراوي وماهي انطباعاتك حول هذا الجمهور ؟
ثريا حضراوي: صراحة، ليس لي أي مشكل مع الجمهور، وهذه نقطة قوة أعتز بها سواء داخل المغرب أو خارجه
ألوان: وصفتك بعض التقارير الإعلامية بأنك “سيدة الملحون الأولى بالمغرب“.. ما حقيقة ذلك وأي تأثير لهذه الصفة على شخصيتك؟
ثريا حضراوي: أعتبر نفسي حلقة في سلسلة تغني هذا الفن، وعلاقتي بهذا الفن المبهر هو علاقة عشق أولا وأخيرا