2 الشاعرة جاكلين سلام ضيفة بيت الخيال

2 الشاعرة جاكلين سلام ضيفة بيت الخيال

 

        كمال الرياحي

! أنا مشاكسة ومشتتة المشاريع ، لكن الشعر يستهويني

أعزائي متتبعي جريدة ألوان الإلكترونية: نواصل نشر الجزء الثاني للحوار الذي أجراه الكاتب كمال الرياحي مع المبدعة جاكلين سلام أثناء استضافته لها في الشهر الماضي كضيفة في “بيت الخيال” الذي يستضيف شهريا شخصية من عالم الإبداع والثقافة

كمال يواصل : أنت دائما تنتصرين للشعر، إلى درجة أنك أحيانا تستفزين الروائيين ، وكل ذلك في الوقت الذي ذهب فيه الكثير من الشعراء إلى الترحال نحو كتابة الرواية مجربين حظهم ، فمنهم من نجح ومنهم من أخفق هذا في الوقت الذي مازلت ترابطين في المنطقة الشعرية

فما رأيك في ظاهرة هذا الترحال الأدبي؟ وهل من حق المبدع أن ينوع تجربته الإبداعية ، ويخوض في أجناس أخرى ؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خضوع لمنطق السوق والتلقي وواقع الجوائز ؟ فكيف تقرأين ذلك بصراحة في مشهدنا الثقافي العربي عامة ؟

ترد الشاعرة جاكلين سلام: في المشهد العربي أو مجالات الإبداع يبقى لكل شخص منا حسه بالقدرة على الكتابة في أي مجال ، فيكتب شعرا أو قصة أو رواية … وكل صنف من هذه الأصناف الأدبية إلا وله متلق يحب أن يتابعه ، وبالتالي فلا يوجد هناك أي إشكال. فأنا كتبت سردا كثيرا وكنت دائما أتلقى على صفحتي التساؤل التالي : لماذا لا تكتبين الرواية وأنت تمتلكين الانفعالات ودقة وصف الأشياء ؟
كمال: وأنت تنهلين من حوض تجربة كتابة الرواية ، فهل هي حالة من التشبث أوأنها المزاجية ؟
فمثلا منذ سنوات وانت تنتجين وتترجمين كتبا كثيرة ، ولم نقرأ لك كتابا واحدا مركزا في شيء ما ، كترجمة رواية بعينها أو نصا شعريا معينا ، وتميلين إلى ترجمة ما يعجبك وليس لديك أي مشروع لترجمة عمل يمكن أن تحاكم من خلاله ملكة الترجمة، ونحن نعلم أن هناك محاكمات عبر التاريخ للترجمات المتعددة والمختلفة التي عرفها (دونكيشوت) ، وبهذا المنطق فهل تخافين من الترجمة ؟

:ترد جاكلين، بكل هدوء وثقة وابتسامة مرسومة على محياها

في الحقيقة أنا مشاكسة ومشتتة المشاريع ، ولكن حاليا  عبر مسيرتي مع الكتابة، أدركت أن الشعر يستهويني ، لدي حاليا كتاب جاهز عن “أدب  الهنود الحمر”، سبق أن نشرت كل 5 قصائد منه في صحيفة ، وجمعت كل ما نشرت، وهو جاهز ككتاب ولا يحتاج إلا إلى مقدمة قبل أن يذهب إلى النشر. ونفس الشيء بالنسبة للشاعرات والشعراء الكنديين، هي مختارات مترجمة ومنشورة بالصحف ، غير أنى أتحجج بمسألة الإنشغال بالعمل ومشاكله ، الشيء الذي جعلني أتقاعس في الاشتغال على الشيء الذي أحبه . إضافة لما سبق عندي كتب في السرد وفي الترجمة وفي اليوميات وكلها جاهزة وقد نشر الكثير منها في الصحافة ، ولا تحتاج إلا لأن أكمل كل كتابة منها على حدة ، أتمنى صادقة أن أجد الوقت الكافي للانتهاء من إعدادها جميعا للنشر

انتمائي للهوية انتماء منفتح .. لا أقولب نفسي في أية مجموعة أو نسق معين

كمال الرياحي: عموما تبقى هذه مشكلة الكاتب الذي يكتب للصحافة الثقافية ، فهي تأخذ منك أكثر مما يمكن أن تعطيك ، ويكون كل ذلك على حساب المشاريع الأدبية للمبدع التي تؤجل بصفة عامة مما يجعل كتابة رواية واحدة تستغرق عدة سنوات . وانت تكتبين قصيدة النثر ولا تتحدثين عن نوعية هذه الكتابة ، ولا عن انخراطك في جماعة معينة ، وتقولين أنك تكتبين شعرا وانتهى الأمر، فماهو مفهومك للشعرية وكتابة الشعر بعد إنتاجك لمجموعاتك الشعرية ؟ وأين تصنفين نفسك ؟
جاكلين سلام: بالرجوع إلى الشعر أقول بأن انتمائي للهوية ، هو انتماء منفتح،  ولذلك لا أقولب نفسي في أية مجموعة أو نسق معين ، بدأت وكتاباتي فيها الكثير من التأملات ، وتحولت إلى نصوص منفتحة (نص الكتلة) تحافظ على النسق السردي بدون تقطيع ما بين السطور ، فأكتب ما انا كاتبته بالكثافة والتركيز والصورة الثورية بدون إفصاح ، وبهذه التدرجات أجد نفسي منتمية في الأخير إلى ماأريده أنا بالأساس. فهل هي حرية النص؟ ام أن الشعر وصل إلى درجة اللاعودة وكأنه نقطة الذروة وانتهى الأمر؟. لقد كنا أمام مسار كامل في تطور القصيدة وتنوعها من التفعيلة إلى العمودي فالحر ، وبعد ذلك تأتي مرحلة قصيدة النثر التي توجت في شكلها الغربي منذ قرن مسار الشعر ، وبالتالي فلن يكون هناك أي تجريب شعري مستقبلا ، حتى يظهر لنا طيف آخر من الكتابة الشعرية ؟

تتابع جاكلين سلام: في الحقيقة لا أعرف ما سيفرضه المستقبل، ولكن تبقى مسألة كتابة الشعر مرهونة بالتأمل الفردي وبحيثيات هذا الكون ، فنعبر عندئذ عن كل ذلك بما نراه مناسبا ومنسجما مع تأملاتنا الذاتية ، وقد تتواجد أساليب كتابية أخرى، ولكن لا يهم الأسلوب الجديد الذي سأكتب به ، أو حتى المدرسة التي سأنتمي اليها، ويبقى المهم هي الأفكار التي قد تتجدد خلال هذا الطرح ، وكما نقول فمن خلال مفاهيمنا ولغتنا وتجاربنا نتناول قضايا هذا العالم،  ونضعها رهن إشارة المتلقي

تعقيب كمال الرياحي: وعن المتلقي الذي تتحدثين عنه ، يقول ” أدونيس” في إحدى حواراته أن الشعر أينما وجد ، فهناك جمهوره حتى ولو كان هناك ضعف في كتابته الشعرية . وتعتبر أكثر القصائد جماهيرية لمحمود درويش ونزار قباني إذ يقول:  حتى أنا بعد ذلك كانت قصائدي الأكثر جماهيرية

              مايكل أونديتشي

جاكلين سلام: الشعر عموما له قراء وليس له جمهور ، وعن جماهيرية الشعر أقول: حتى الشعر الزنجي له جماهير خاصة به ، فقد قرأت مؤخرا أن هناك شاعرة كندية  “روبي كور” أصلها هندي، شابة ثلاثينية ، بلغت ثروتها خمس مليون تقريبا حصَّلتها من كتاباتها الشعرية عن الجنس والجسد والاغتصاب والعنف الجسدي وتجربة النساء ، ويباع من كتابها هذا خمسة مليون نسخة بكندا ، وبعد كتابها الورقي والإكتروني، فإنها تبيع نتاجها الفكري من خلال وسائط الاتصال السمعي البصري ، فهذه المرأة عرفت كيف تلعب لعبتها وتصل إلى الذروة الخاصة من خلال مبيعاتها بواسطة مختلف المواقع الإلكترونية، فالجمهور يريد هذا الصوت ، بينما نجد كتبا أكثر جودة لكتاب آخرين قلما يحكى عنها ونجد أن محمود درويش عندما يأتي إلى مهرجان قرطاج ، يطلب منه أن يقدم قصيدة (أحن إلى خبز أمي ) ، بحيث كان ينزعج كثيرا، ويقول بأني لا أريد أن أعود إليها لأنها أسوء قصائدي، وقد أسقط ديوانه الأول لأنه كان مباشرا . فبعد التقائه ب “ سليم بركات ” في مجلة الكرمل تحول في نوعية كتابته وخرج من تلك المباشرية، الأمر ليس دائما هكذا ، فأعمال “أونداتشي” باستثناء رواية ( المريض الإنجليزي ) كلها معقدة جدا ، ولايمكن تلقيها وفهمها بسهولة، فالناس عامة تحب وتحتاج ما يعبر عنها

جاكلين سلام: نعم مايكل اونداتجي شاعر، وأنا قمت سابقا بترجمة بعض قصائده من مجموعة(قشارة القرفة) ونشرتها

:بعد انتهاء الحوار تم فتح باب النقاش والتعليق للحضور.. إذ طرحت العديد من الأسئلة ومداخلات من كتاب ومهتمين بالشأن الثقافي، تلتها شهادة الكاتب العراقي كريم شعلان، نوردها كالتالي

شهادة من كاتب

الكاتب كريم شعلان يختم اللقاء قائلا: حينما انتقلت إلى مدينة “تورونتو”  لظروف معينة ، وعن طريق بعض الأصدقاء التقيت بجاكلين سلام وكانت  الأجمل، ومنذ اللقاء الأول صار بينتا تواصل ومحبة، وزاد من ترابط هذا التواصل الشعور بالوعي والبحث عن الكتاب والقراءة باعتباري ناشطا ومسؤولا ثقافيا أتواجد في الكثير من النشاطات وأتابعها وأهتم بها ، لدرجة أن أي كتاب يظهر تجدني محتفيا بصاحبه ، وينضاف إلى ذلك رغبتي الكبيرة في أن أولي المرأة عناية خاصة بتقديمها للقراء ، لأن الادب النسوي قليل ونادر والكاتبات العربيات في أمريكا الشمالية  قلة ، واهتمامي هذا لم يمنعني من تتبع خريطة الإصدارات الأدبية عبر العالم العربي ،  ومن الأشياء التي تخص جاكلين وأتذكرها ، أقول انها جادة جدا وذكية ، وأن اجاباتها احترافية بشكل كبير ، ففي إحدى اللقاءات وقف شخص قائلا سيدتي نصوصك لا تصلني ولا تؤثر في ، وبعيدا عن أي انفعال قالت جاكلين ، وحتى إن أثرت فيك فماذا سيحدث؟ فكان جوابها هذا صادما ، ولا يفوتني أن أقول بأن بيتها هو عالم كتب ولوحات متنوعة تقوم مقام كل شيء آخر ، وهذا هو جو الشخص الذي يحمل الهم الثقافي والفني بصفة عامة

الحوار من إنجاز الكاتب  كمال الرياحي

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com