اللغة العربية في المغرب إلى أين؟

اللغة العربية في المغرب إلى أين؟
الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري

الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري: اللغة العربية تعرف تقدما وتتصدر الرتب الأولى للغات الكونية

في إطار تفعيل أنشطة جمعية اللسانيات بالمغرب وبرنامجها العلمي ألقى الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري رئيس الجمعية محاضرة هامة بعنوان اللغة العربية في المغرب الى أين؟ وذلك بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية قبل سنوات، لا زالت قيمة النص صالحة حتى اليوم، تقديرا منا للدكتور عبد القادر الفاسي الفهري نورد ما جاء فيها لأهميتها وللتأريخ في إطار الاحتفال العالمي بلغة الضاد
افتتح اللقاء بكلمة للأستاذ خالد الأشهب ووأخرى للأستاذة أمينة اليملاحي قدما فيها الأستاذ المحاضر ، المدير السابق لمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب ورئيس جمعية اللسانيات بالمغرب والخبير اللساني والمؤلف لعدة كتب في اللسانيات منها مايتعلق بموضوع اليوم:  أزمة اللغة العربية في المغرب ، واللغة والبيئة ، وحوار اللغة 
أوضح الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري في عرضه وجود ” متصلين ” لغويين ( لا ثالث لهما ) يحددان الهوية اللسنية التي نشأت ونمت على هذه الأرض: (أ) متصل عربي يضم اللغة الفصيحة والعامية الدارجة ذات الأصول الهلالية الشمالية ، واللغة الوسيطة التي يستعملها المثقفون أو المتمدرسون ، والحسانية في الجنوب الصحراوي ، ذات الأصول الجنوبية العربية و(ب) متصل أمازيغي بلهجاته المتداولة في سوس والريف والأطلس ( واللغة الناشئة في المعهد الأمازيغي ) وقد بين أن المغرب عرف تعايش هاذين المتصلين طوال 12 قرنا ، لم يعرف خلالها أي نزاع لغوي يذكر بين ألسنة الهوية ، ولم يبرز التفكير في إعادة تشكيل الوضع اللغوي في المغرب إلا مع فكر الحماية ليمتد إلى مابعد الاستقلال . وقد شكلت أحداث 11 شتنبر 2001 بداية عداء وبخس للغة العربية الفصيحة ، مما أدى إلى إحباط خطط الارتقاء بهذه اللغة وإفشال نظام التربية والتعليم ، وقد حال هذا العداء دون تشكل مشروع مجتمعي حداثي عادل ومتحرر ، ومشروع معرفي يبلور هوية متميزة ومتحررة ومندمجة في الهويات المعرفية والمرجعية الكونية . وأبرز المحاضر أن اللغة العربية تعرف تقدما وتتصدر الرتب الأولى للغات الكونية ، وأن موجباتها أكثر من نواقصها ، فقد ارتفع عدد مستعمليها بالانترنيت من 2،5 مليون سنة 2000 الى 61 مليون مستعمل الان ، أي بنمو يقارب 2500% وهي أعلى نسبة نمو عالمية على الإطلاق وإن كانت  اللغة العربية تحتل المرتبة السابعة عالميا على الانترنيت الآن، فإنه من المرتقب أن تنتقل الى المرتبة الثالثة أو الرابعة عالميا في العقد المقبل . كما أكد الباحث أن العربية لغة الفضائيات العربية الواسعة الانتشار والتأثير في الإعلام العربي والدولي ، وأن الصحف المعربة تصل إلى أربعة أضعاف مبيعات الصحف باللغات الأجنبية على الأقل . فاللغة العربية تمتاز بعدديتها وتداولها وبوجود سوق عربية داخلية واعدة ، رغم تواضع صناعة المحتوى في البلدان العربية ، الذي يعود أساسا إلى النقص في الأطر المتخصصة في إنتاج المحتوى ، وشح في الموارد ونقص في التعاون الخ … ومع ذلك تبين المؤشرات الاجتماعية على أن اللغة العربية لغة الاقتصاد المعرفي وهي سلعة مربحة ، ومنتوج مستقبلي صعودي ، وأن تدبيرها يجب أن يستفيد من هذا المعطى ، فتأهيلها يتطلب تأهيل أهلها أولا . وتقدم اللغة العربية يتطلب معالجة النقص الموجود في مرجعيتها العلمية . فالمجلات العربية مثلا غير مرتبة دوليا ، ونادرا ما نجد مجلة عربية علمية محكمة تحكيما فعليا . وما ينتج مثلا في اللسانيات العربية يسوده التهور والتسيب ، وقليل من هذه المؤلفات يصمد . كما أن هناك غياب للنقد الموضوعي والمراكم ، وهناك عدم احترام للأمانة والأخلاقيات العلمية، وترتيب الجامعات العربية ومراكز البحث العربية (سواء كانت تعتمد اللغة العربية أو اللغات الأجنبية ) يأتي في أسفل الترتيب العالمي ، وهذه النواقص كلها تعود إلى المعربين وليس إلى اللغة العربية . فالمعربون يعانون من سوء التنظيم والتشتت والعجز عن تدبير شؤونهم
وقد نفى الدكتور الفاسي الفهري أن يكون تاريخ المغرب قد عرف ارهابا لغويا كما حصل في أوربا ، فاللغة العربية انتشرت في المغرب نتيجة الاختلاط والتمازج بين القبائل العربية التي هاجرت اليه والقبائل الأمازيغية
وقد بين الأستاذ المحاضر من خلال محاضرته أن لا بديل ” للعربية لغة للمغاربة ، لا في الدارجة ولا في الأجنبية ولا في أحفورة متحفية محصورة في الشعائر و الطقوس الدينية أو الشكليات الرسمية والآداب المسكوكة ” . إن الدعوة إلى الدارجة عبث ، لأنها سلعة غير مربحة ، قد تردنا حضاريا وتنمويا قرونا إلى الوراء . إن الذين يدعون إلى الدارجة قياسا على ماحصل في اليونان مثلا ، أو يقيسون العربية على اللغات الرومانية واللاثينية في أوربا ، يقيمون قياسا خاطئا ، قياسا يسقط التنمية والحضارة والتاريخ من الاعتبار 
لقد أصبح من الضروري الانطلاق من خطة لغوية أساسها تدبير لغوي من نوع جديد ، يراكم  إيجابيات اللغة العربية الفصيحة ، ويخلق لغة عربية شاملة جديدة ، مستوعبة للدارجة والتنوعات اللهجية والتعبيرية الشعبية ، وهي لغة جديدة مستوعبة للمعارف والآداب والفنون العالمية ، وهذا التدبير يتطلب تفصيح العاميات وتفصيح المعارف ، وهو ما  من شأنه تصحيح أوضاع تعليم اللغة العربية بالمدرسة المغربية ، ولابد من خطة تعددية في التعليمين التأهيلي والعالي، ثلاثية اللغات ، تلعب فيها العربية والفرنسية والإنجليزية دور التكامل المرجعي والعلمي يختار فيها الطالب اللغة الأولى التي يريد أن يدرس بها مع وجوب لغتين إجباريتين مكملتين ، كل حسب اختياره ومؤهلاته
ودعا الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري إلى تفعيل المؤسسات اللغوية القائمة بما فيها اكاديمية محمد السادس للغة العربية ، وتأسيس شعب ومراكز خاصة باللسانيات من أجل التعمق في معرفة اللغات وإلى إقامة مجلس أعلى للغات في المغرب ، توكل إليه مهمة التنسيق بين اللغات ، والتعاون والضبط والعمل من أجل خلق بيئة ملائمة لتعليم اللغات وانتشارها ، ودرء النازعات التي تعوق البحث العلمي وتحول دون الارتقاء في التنمية

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com