لمن ينكرون ما لا ينكر
الترويع الوقح والسطو تحت التهديد
في مكان ما، قرب العاصمة تنشط عصابة لا يهاب زعماؤها القانون ..باحترافية عالية وتجهيزات لوجستية كفءة وجسارة غير معهودة ، يسطون على الفلاحين ويسلبونهم مواشيهم عجولا واغناما في عز موسم الاضاحي وازمة اللحوم ! كانت تسعون ثانية من البث الحي كافية لتجميد الدم في عروق المشاهدين (يمكن الرجوع اليه على تطبيق تيك-توك بالصوت والصورة والتعليق بنقرة واحدة )
. اما الضحايا انفسهم فلم يتعد مطلبهم الوحيد سوى حفظ النفوس ولتدهب الماشية الى الجحيم… ما يعكس جيشان المجتمع والتوجس من ظواهر بدأت تقلق عامة الناس واعيانهم ونخبهم وتحد من طموحهم ومطالبهم وتقصرها على الحدود الدنيا
قبل عقد من الزمن ،انفجر الشارع في 20 فبراير الشهير وخرج الآلاف في معظم مدن البلاد الى الساحات العامة يرفعون شعارات جليلة تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. مطالب تندرج في نطاق تقدير الذات وادراك الواقع بكفاءة عالية ..الخ (حسب هرم ماسلو العتيد) . وكانت نتيجة هذا الحراك الرجة المعروفة التي أفضت الى ما أفضت اليه مما هو معلوم للجميع . الآن وبعد مرور عقد ويزيد ما الاحتياجات التي يطالب بها الشارع اليوم ؟ يفترض ان تتحقق حاجيات الخصاص من تعليم جيد وصحة عمومية وانظمة حماية اجتماعية وسكن لائق…الخ. وهذا لم يتحقق بالتأكيد فلا زالت الحاجيات الفزيولوجية الدنيا تراوح مكانها في عناد..وافق ما يطالب به الكثيرون لا يتعدى الا قليلا الحصول على الطعام والشراب والأمن من غائلة الخوف من فقدانها. حين تتراجع هذه الحاجيات الى الادنى منها .. الامن على الارواحاو مجرد البقاء على قيد الحياة والحق في التنفس فذلك سقوط مريع ونكوص خطير ينبغي التصدي له بجدية , بدل انكاره حتى يبدو قابلا لتصديقه بوسائل الهندسة الاجتماعية المخادعة. يصعب تصديق النكوص الي قاعدة ( هرم ماسلو ) هذا بعد ان ارتقى المجتمع الى رفع وتحقيق مطالب طموحة ولن تجد تعليلا له في اي سبب موضوعي كالازمة الاقتصادية العالمبة( 2008) او وباء كورونا(2021) او الازمات المترتبة عن الحرب في قلب اوروبا او عواقب التغير المناخي..الخ . لكن هذا داء قديم لا تفيد معه المسكنات وبات واضحا ان الوضع يتطلب الى جانب المشاريع العامة التي تملك ترف الانتظار عند الضرورة , الالتفات بجد الى حياة افراد المجتمع الذين تهدر أعمارهم في الخوف والقلق والانتظار والنظر الى حياتهم على اساس أنها ثمينة لا يجوز ان تذهب هدرا او لمجرد الابقاء عليها كيفما اتفق