أقصوصة: السعيد الحمولي

أقصوصة: السعيد الحمولي

امرؤ القيس

مسحت آثار النوم من جفنيها المتعبتين وسوت خرقة رأسها ، وأف، فتحت الباب فسقط فوق قدميها، نظرت إليه باشمئزاز، ثم مدت يديها إلى كتفيه وتحملت سحبه إليها وهي تتجرع الأمرين، رائحة الخمر المنبعثة من جوفه ومشقة دفعه في السلم حتى الطابق العلوي. حاول أن يشرح لها، ولكنها لم تجبه، أغلقت باب غرفة النوم في وجهه بقوة. وفي الغد لم يجد لها أثرا
توجه مباشرة إلى بيت أهلها بزنقة الحارث بن حلزة، وقف أمام الباب الموصد ونظر الى النوافذ المغلقة، طرق الباب بعنف وصاح بأعلى صوته: «وااا بتينة!!!» في تلك الأثناء تحرك الإِزَارَ الأبيض من خلفه وظهرت من ورائه الشوافة رحمة، وضعت المجمر أمام باب بيتها وقرفصت، أخذت تنثر البخور وتهمهم وتقول: الله يِتَبَقِي الستَر مَا بقَا مَا يِعْجَبَوتنفخ مرة بالرابوز ومرة بفمها، نظر إليها شزرا وكتم غيضه وانسحب خائبا
 حوالي الساعة السابعة كنت أرشف قهوة نص نص، أدخن وأتأمل المارة وأرى في كل مار من أمامي هما ينمو أو مصيبة تتأهب للبروز من السر إلى العلن، أو أتخيل مشروع قصة تتوزعها الحقيقة التي أمامي والخيال الذي لم يتشكل بعد في ذهني، إلى أن مر من أمامي مرتديا قميصا وسروالا ابيضين جذبا انتباهي، كان وجهه أصفر اللون لا أدري هل هو لون وجهه الحقيقي أم هو انعكاس لون نظارته الراي بانالصفراء المزورة، وكان كما لو أنه يحدث شخصا لا يراه إلا هو. وعندما عاج إلى زنقة الحارث بن حلزة وهو يترنح، سمعت صوته يتفجر كالبارود، فأسرعت ككل الفضوليين، فليس الذي رأى كمن سمع، رأيته يرغي ويزبد، ويهيج ويميج قرب جدار بيت أهلها الذين لابد انهم ارتحلوا، فتعجبت عندما بدأ يبكي، تذكرت وقوف الشعراء على أطلال الحبيبة، ولكن ليس هكذا يقفون، وفجأة صاح بأعلى صوته: « وااابتينتاه!» فخطر في بالي نداء المرأة: « وااا معتصماه 
بدأ خليط من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ يتدفقون من الأبواب كالسيل حتى امتلأ الزقاق، واجتمعوا كأنهم يتأهبون لفتح عمورية، فاحتار البوطي في أمر هؤلاء القوم الذين أخرجتهم الصيحة، ركز بصره على القوم وشرع يسب، بدأ بالنساء أولا، تم الرجال تانيا والشوافة ثالثا والبشر، كل البشر إلا بثينة. وفجأة وكما لو أن عيونا تحالفت على دفعه في الوحل، سقط وأصبحت كسوته في لحظة خاطفة ك الجَفَافالتصقت بجلده فظهرت عظام صدره الناتئة، وصاح بأعلى صوته المدوي: «وااا بثينتاه!» في تلك الأثناء، كان القوم منهمكون ببعث الفيديوهات مباشرة إلى اليوتيوب والتيك توك والفيسبوك، أما أنا فقد أخذت أصوره وأصفه وأغوص في أغواره المظلمة وأسجل كلامه المشين في ذهني دون أن أشهر به، أو أشوه سمعته. فكرت فقط أن أكتب ما رأيت على شكل قصة قصيرة قد لا يقرؤها أحد غيري وأصف ما يقوم به هذا المسخوط، الله يَعْطِيهْ لبْلا
تقدم البلا جهة باب الشوافة وهو يبكي ويتوعد ويبول، لو كانت الكرة الأرضية الآن بين قدمي هذا المسخوط لغرقت بالبول، ولكن شاءت الأقدار ألا تكون لا خلفه ولا تحته ولا بين جنبيه ولا فوقه. فأخدت أنظر إليه وأتعجب وأتساءل كيف وضع الله سره في هذا المخلوق الضعيف الذي كسر الصمت، وخلق الفوضى التي لم يخلق مثلها في الزقاق. تمنيت لو أن الله هداه إلى بيته أو أن الشيطان أغواه بالعودة الى البار، على الأقل لن يكون في الطوندونس ولكنه أصر أن يبقى في الزقاق ولم يعلم أنه اعتلى الطوندونس
وصل وهو يترنح، وجدها تغني «هوا اجا يدير؟» وترش أمام باب بيتها بالماء والملح والشبة وأشياء أخرى لا تعلمها إلا هي، وكما لو انها استدعته بأساليبها الشيطانية، استقام أمامها كإبليس وسألها عن بثينة ولم تجبه، أقترب منها أكثر ثم سألها مرة أخرى: «أين هي؟» ولكنها لم تشأ ان تجبه، وعندما نعتها بالسَّحَارَة، انقضت عليه كالحية الرقطاء وقضت سرواله من دبر، حتى بانت عورته، فاجتمع مدمني السوشيال ميديا عليه مرة أخرى كالذباب، واختفت النساء ولم يبق منهن إلا قليلات الحياء، أما الشوافة فقد استمرت ترش الماء وتغني هوا جا يدير؟دون أن تكترث بإبليس 
أخترق الأستاذ عبد السلام ورفيقة ذ. العايدي الجموع رغبة في إيقاف هذه المهزلة. ربت عبد السلام على كتف البوطي وقال له: «هَذَاك الله السي البوطي هذه الأفعال النكرة لا يقبلها الله ولا العباد أنظر إلى ما آلت إليه حالتك»،  فزمجر كالأسد في وجهه وهدده بأنه لن يتوقف ولن يهدأ له بال حتى ينتقم ويثأر من الشوافة، و قال له العايدي متذمرا: « أَسِي البُوطِي بثينة ستعود غدا، وأن غذا لناظره قريب»، فانتفض وقال وهو يترنح عاريا: “أريد بثينة وإلا لا نوم الليلة ولا صحو غدا
التفت عبد السلام جهة العايدي وقال له: امرؤ القيس” هذا

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com