المشهد الإعلامي،الورقي و الإلكتروني بالمغرب
سجال بين حلفاء الأمس و شركاء اليوم؟
يعيش المشهد الإعلامي ،الورقي و الإلكتروني، على إيقاع تطورات متسرعة ،مع اقتراب نهاية ولاية المجلس الوطني للصحافة.تطورات مقرونة بتباينات في مواقف تنظيمات حلفاء الأمس و شركاء اليوم. لقد برزت هذه التباينات والتناقضات بشكل جلي في ضوء صدور بلاغ مشترك أعلن عما سمي ب ” الاتفاق الاجتماعي”. و جاء في هذا البلاغ : “ تجسيدا للإرادة المشتركة بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ، الهيئتان الأكثر تمثيلية، وبحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل السيد محمد المهدي بنسعيد،تم التوقيع بعد زوال يوم الخميس 16 فبراير 2023، بمقر وزارة الثقافة والشباب والتواصل – قطاع التواصل- على اتفاق اجتماعي ثنائي يرفع الأجور الشهرية للصحافيات والصحافيين بـ 2000 درهم والعاملات والعاملين بـ 1000 درهم في أفق توقيع اتفاقية جماعية ستنكب لجن تقنية للطرفين على العمل عليها
مباشرة بعد هذا البلاغ ،أصدرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بلاغا استنكرت فيه: “إقصاءها من لقاء دعا فيه الوزير المكلف بقطاع التواصل جمعيةً للناشرين والنقابة الوطنية للصحافة المـغربية، للاجتماع بمقر الوزارة، تحت إشرافه هو ومساعديه، للتوقيع على اتفاق اجتماعي رغم أن الفيدرالية هي التنظيم التاريخي والأكثر تمثيلية لناشري الصحف المغاربة فضلا عن أنها الموقعة على الاتفاقية الجاري بها العمل الآن …”و تعني الاتفاقية الجماعية للصحافة المكتوبة
واعتبر بلاغ النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين،السالف الذكر، أن ” الاتفاق جاء في سياق تجسيد الإرادة المشتركة بين الهيئتين الرامية إلى إرساء حوار قطاعي مُمَأْسَس، يهدف إلى رد الاعتبار للصحافيين والصحافيات والعاملات والعاملين بالمقاولة الصحافية المكتوبة، الورقية والرقمية، والمساهمة في تحصين وتعزيز المقاولة الصحافية، وضمان ظروف اشتغال ملائمة لفائدة العاملين بها، وحماية مهنة الصحافة وتكريس حرية الإعلام، من ناحية، وسعيا إلى تعزيز جاذبية المقاولة الصحافية وتأهيلها، من ناحية أخرى
من جانبها،اعتبرت فيدرالية الناشرين المغاربة، في بلاغها المشار إليه : ” أن إقصاءها يعتبر تطاولا حكوميا غير قانوني على صلاحيات ليست موكلة لها أصلا… و بأن الفيدرالية غير معنية بأي اتفاق لم توقع عليه…و أعربت عن استعدادها للتوقيع على أي اتفاق يحسن أوضاع العاملين والعاملات بالمنشآت الصحافية، رغم أنها تأسف لإقصائها بعد هذين البلاغين تتابعت البلاغات الصادرة عن التنظيمات المذكورة.هكذا أصدر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يوم 15 مارس الجاري ، في ضوء اجتماعه المنعقد يوم الاثنين 13 مارس 2023، بيانا ثمن فيه نتائج الاجتماع الذي جمع كل من قيادة النقابة الوطنية للصحافة المغربية وقيادة الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين ومسؤولي تنسيقية الإذاعات الخاصة ، يوم الخميس 8 مارس 2023 .و سجلت النقابة ” تلكؤ ورفض مؤسسات إعلامية أخرى عاملة بالصحافة المكتوبة (الورقية والإليكترونية) تطبيق الاتفاق، وإمعانها حرمان الصحافيات والصحافيين والعاملات والعاملين من الزيادة المقررة… و أعلنت بأنها تقوم بعملية رصد دقيقة لهذه المؤسسات وجمع المعطيات التفصيلية كاملة في شأنها، كما ستكشف عن لائحة هذه المؤسسات أمام الرأي العام ضمانا لفرض احترام القانون بالنسبة للجميع
من جهته ، أصدر المجلس الفيدرالي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، المنعقد مؤخرا بالعيون، بلاغا تفصيليا عكس فيه وجهة نظر الفيدرالية من عدة محاور.لقد وقف في البداية على العديد مما وصفه بالاختلالات التدبيرية في الحوار حول قضايا المهنة، و قال :” أنه لا يرى طريقا جديا لحل هذا الملف إلا بفتح حوار مع جميع المنظمات المهنية الممثلة للعاملين وللناشرين حول دعم عمومي عادل ومنصف والارتقاء بالأوضاع الاجتماعية للعاملين بشكل وازن ومتناسب مع حجم الاستفادة من المال العام
وأورد البلاغ أن “المجلس الفيدرالي”، بعد اطلاعه على فحوى هذا الاتفاق غير الملزم لمن لم يوقع عليه، استغرب كيف تم تقسيم هيئات التحرير في الزيادة المزعومة إلى من له أقدمية أربع سنوات ومن ليست له، واعتبر أنه لو دعي لمناقشة هذا الاتفاق، فإنه لن يقبل بهذا الحيف الذي سيحرم الجزء الأكبر من العاملين في المقاولات الصحفية من مكاسب يجب أن يستفيد منها الجميع
واستغرب البلاغ كيف أن هذه الزيادة دمجت بشكل متساو بين جميع المقاولات، علما بأن هذه الزيادة مرتبطة بالدعم العمومي، وأن هذا الدعم الذي بذلت فيه الدولة، خلال جائحة كورونا، مجهودا جبارا، لم تكن معايير توزيعه لا عادلة ولا منصفة، بحيث إن 20 في المائة من المقاولات الصحافية استحوذت على 80 في المائة من مبالغ هذا الدعم الذي فاق 50 مليار سنتيم خلال ثلاث سنوات، وبالتالي، فإن هناك صحفا ورقية كان سقف دعمها السنوي لا يتجاوز 240 مليون سنتيم، تضاعف في هذا الدعم الاستثنائي إلى 2 مليار سنتيم سنويا، وأن هناك صحفا إلكترونية كان سقف دعمها لا يتجاوز 60 مليون سنتيم وصلت في الدعم الاستثنائي إلى مليار سنتيم سنويا، في الوقت الذي انخفض دعم 80 في المائة من النسيج المقاولاتي الإعلامي بحيث لا يتجاوز في بعض المؤسسات 3 مليون سنتيم
وتساءل المجلس الفيدرالي لفيدرالية الناشرين حول “السكوت لحد الآن عن انتخابات المجلس الوطني للصحافة الذي تم التمديد له 6 أشهر من أجل إجراء هذا الاستحقاق الدستوري والقانوني”، و أشار إلى ما وصفها “المناورات التي أرادت الالتفاف على حق الصحافيين والناشرين الطبيعي في اختيار ممثليهم، ومثال ذلك مقترح القانون الذي أظهر نوايا الجنوح إلى التعيين والتصرف في معايير التمثيلية من أجل الإقصاء” يقول البلاغ، الذي نوه بسحب مقترح القانون لكن اعتبر أن : ” آثار نواياه بقيت، وهي التي تتحكم في جزء من هذا العبث الذي يقع حتى في الملف الاجتماعي للصحافيين والعاملين بالمقاولات الصحافية” و استطرادا لحرب البلاغات، أصدرت اللجنة المشتركة بين الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين والنقابة الوطنية للصحافة المغربة، على إثر اجتماع لهما يوم الإثنين 20 مارس 2023، بلاغا مشتركا حول تطورات تنفيذ الاتفاق الاجتماعي ، والشروع في مناقشة الاتفاقية الجماعية، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتعلق بالقوانين المؤطرة لقطاع الصحافة، والإشكالات التي تطرحها
وأولى البلاغ المشترك أهمية لهذه النقطة الأخيرة،و أكد على أهمية: “… مواصلة العمل المشترك بين الجمعية والنقابة، للدفاع عن ضرورة تعديل مدونة الصحافة والنشر، التي تتطلب إصلاحات في العديد من موادها، سواء قانون الصحافة والنشر، أو القانون الأساسي للصحافيين المهنيين، أو القانون المحدث للمجلس الوطني…”. و أكدا في هذا الصدد ” أنه لا يمكن التعامل مع إصلاح هذه المدونة بشكل انتقائي وتجزيئي، لأنها مترابطة في أغلب مقتضياتها، وتشكل بنيانا واحدا يحتاج إلى المراجعة الشاملة، لتصبح متكاملة ومنسجمة” وبعد أن سجل البلاغ المشترك ما وصفه ب”الثغرات الكبرى في القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة” أكد “أن الجمعية والنقابة، لن تنخرطا في أي مسلسل جديد، إلا بالتقدم في معالجة إشكاليات التنظيم الذاتي للمهنة، والاتفاق على قانون إطار، وإصلاح مدونة الصحافة والنشر، بما يضمن انسجام القوانين الثلاثة، التي تشملها، لإرساء قواعد جديدة للمجلس الوطني للصحافة،على أسس سليمة، تتجاوز النواقص التي سجلت في القانون المحدث له، والمعمول به حاليا، واستلهام التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال
و يذكر أن تنظيمات أخرى، عينها إما على المجلس الوطني للصحافة أو على الدعم أو هما معا، من غير المستبعد أن تنخرط هي الأخرى في هذا السجال، الذي يستحسن أن لا يخرج عن السكة و أن يؤدي في نهاية المحطة إلى ما يتطلع إليه المهنيون ،و ما ينتظر المهنة من إصلاحات تكرس الحرية و المهنية و تنتصر لقيم العدالة و الديمقراطية
نوراليقين بن سليمان