التغيرات في العالم العربي: تساؤلات وتوقعات
الدفع باتجاه إعادة تشكيل أنظمة الحكم
إن ما نشاهده اليوم في الساحة الدولية من صراعات سياسية واقتصادية ودينية وعرقية وفكرية، تدعونا إلى التفكير بجدية في مستقبل غامض بسبب تسارع الأحداث في الدول العربية والإسلامية ودورهم فيها، فإذا ربطنا هذه الأحداث بأحداث 11 سبتمبر 2001 المفبركة بحسب استطلاع أجرته أنجوس ريد للرأي العام في عام 2010، أظهر أن 15 بالمئة من الأمريكيين يعتقدون أن البرجين التوأمين دمرا وتهاويا سريعا بفعل عبوات ناسفة شديدة كانت مزروعة في المبنى مسبقا، وهناك إتجاه آخر بين أصحاب نظرية المؤامرة يعتقد أن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية جرى التخطيط لها من قبل إدارة الرئيس بوش الابن من أجل تبرير العمليات العسكرية في أفغانستان وغزو العراق، وظهور ما يسمى القاعدة وعلى رأسها اسامة بن لادن الذي كان يعيش بأمريكا حتى أصبح هو المطلوب الأول في العالم بما يسمى محاربة الإرهاب الذي راح ضحيته العديد من الابرياء في كل بقاع العالم وتأثر به المجتمع المسلم الذي أصبح في نظرهم معادي لأمريكا ويشكل خطر عليها، فمصطلح إرهابي أصبح يطبق على كل معارض لأي نظام، مما دفع النظام الأمريكي بالتوسع والسيطرة على عقول المواطنين وبأن الاسلام دين تطرف يدعو إلى العنف.
وبعد سنوات من محاربة ما يسمى القاعدة والبحث عن اسامة بن لادن ومحاربة كل ما يدعو إلى نشر الاسلام، جاء مصطلح الفوضى الخلاقة مع بداية الحرب الأهلية العراقية بين 2006 و 2008 وهو ما يعني الهدم ومن ثم البناء يعني اشاعة الفوضى وتدمير كل ما هو قائم ومن ثم إعادة البناء حسب المخطط الذي يخدم مصالحهم، فأكثر المفكرين الذين تحدثوا عن هذا الأمر هو الأمريكي اليميني صامويل هنتنجتون صاحب نظرية صراع الحضارات.
فمصطلح الفوضى الخلاقة ليس بجديد فقد ظهر سنة 1902 على يد المؤرخ الأمريكي تاير ماهان ليتوسع فيما بعد مع مايكل ليدين وسماها الفوضى البناءة أو التدمير البناء.
إن هذا التغيير الذي سيقع في العالم العربي ليس بصدفة فهو مخطط منذ سنوات وقبل غزو العراق التى كانت ستصبح قوة عظمى بالمنطقة العربية مدافعة عن الدولة الفلسطينية، لكن من عادى الدولة الأمريكية والكيان الاسرائيلي ستكون نهايته حتمية، فلقد دبرت أمريكا أحداث سبتمبر 2001 وسيطرت على العالم لإظهار أمريكا أنها مستهدفة من القوة الخارجية وبالأساس الدول الإسلامية التي تكره الدول المساندة للكيان الاسرائيلي هذا ما جعلها أن تنتج مصطلح الإرهاب لمحاربة الإسلاميين أين ما تواجدوا، فبعد الصراعات الدموية والتدميرية فكل تواجد المسلمين، ظهر ما يسمى بثورة الربيع العربي نهاية 2010 بتونس التي كانت هى بداية الشرارة ليمتد إلى كل الدول العربية، فكان هذا الربيع بإحراق شاب لنفسه بسبب سوي المعيشة وانحطاط الكرامة، لم يكون مخطط له من قبل الدول العظمي لكي تتذخل في نتائجه المستقبلية فقد رحبت أمريكا وباقي الدول بهذا الربيع ودعمته لأنها ثورة منبثقة من إرادة الشعوب المقهورة التواقة إلى الحرية والعيش الكريم وتقاسم الثروات على جميع المواطنين بالتساوي، والمطالبة بإسقاط الأنظمة الفاسدة التى كانت مدعومة من القوى العظمى وعلى راسها أمريكا التي كانت تظن أن الشعوب العربية تعيش السعادة وتستغل ثرواتها الكثيرة، فبعد قيام ثورة الربيع العربي أسقطت أمريكا مصطلح الإرهاب والإعلان عن مقتل اسامة بن لادن 2011 وتنصيب أيمن الظواهري خلفا له والإختفاء بعد ذلك مما تطرح تساؤلات كيف مات بن لادن وأين دفن؟ ولماذا تم الاعلان سنة 2011 بداية الربيع العربي؟.
فقد دعمت أمريكا الإرادة الشعبية لاختيار من يمثل الشعب وكان الدكتور مرسي من جماعة الاخوان المسلمين هو رئيس مصر بانتخابات ديمقراطية، وبعد ذلك ظهر عداء الرئيس المصري في كل الخطابات السياسية للكيان الصهيوني الاسرائيلي، لي تلتف امريكا على ثورة الربيع العربي وتقوم بإسقاطه، وتوالت الأحداث بالدول العربية بالفوضى الخلاقة سنة بعد سنة وظهور جماعات تكفيرية وجماعات داعش والدولة الاسلامية الخ….. فأصبح المواطن العربي خصوصا الشعب السوري لاجئ في كل دول العالم.
فبعدما جاء طوفان 7 اكتوبر 2023 ليظهر مدى ضعف وهشاشة الكيان الاسرائيلي أمام العالم مما دفع أمريكا وحلفائها بالدعم السخي والغير محدود للدفاع عن اسرائيل، فقد استشهد الالاف من الفلسطينيين الابرياء ودمرت المساجد والمستشفيات والجامعات وكل البنية التحية انتقاما من مقاومة حركة حماس فهذا التدمير أمام اعين العالم ولا من حرك ساكنا، فقد استشهد قادة حماس وعلى رأسهم إسماعيل هنية بدولة ايران، وبعدها تحطم طائرة الرئيس الايراني واستشهاد أمين عام حزب الله نصر الله، وبعض قادة الحزب واستشهاد السنوار في ساحة القتال هذا كله بتخطيط محكم.
فأمريكا تتدخل في كل شؤون الدول وتريد أن ترسم خارطة جديدة في العالم العربي، منها القضاء على حزب الله وتوسع اسرائيل في جنوب لبنان، وهذا ما أظهرته الحرب الطاحنة وتدمير الكثير من البنية التحتية في لبنان والانسحاب وانهاء الحرب بعد اعلان نجاح دونالد ترامب.
أذن فالخريطة الجديدة في السياسة الدولية هو تأمين الكيان الاسرائيلي من جهة لبنان والقضاء على حزب الله والمقاومة وتأمين الحدود مع سوريا والسيطرة الكاملة على المنطقة العازلة وهضبة الجولان والمناطق المحاذية لها واستغلال الفوضى بعد اسقاط الاسد والتحكم في سوريا وتوجيه من سيحكمها، بعد صراعات سياسية وظهور تيارات اخرى تريد عدم استقرار سوريا.
فبعد احداث سوريا واسقاط النظام بفترة وجيزة أظهرت أن كل الدول التي كانت تساند الاسد تخلت عنه مثل روسيا وتركيا وايران، فالأيام القادمة بعد تنصيب دونالد ترامب يمكن أن تكون هناك صفقة فلسطينية لإنهاء الحرب واعمار غزة وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
– من هنا لابد من طرح من مجموعة من التساؤلات:
– ماذا حققت ثورات الربيع العربي للشعوب؟
– ماهو السناريو الجديد في العالم العربي؟
– هل سنشاهد موجة جديدة من الربيع العربي الثاني 2025؟
– ما هي الدول المستهدفة بعد سوريا؟
– لماذا تخلت ايران وروسيا وتركيا عن سوريا؟
– هل هناك تقارب روسي امريكي بعد نجاح دونالد ترامب؟
– ما هو مستقبل المقاومة وحركة حماس بغزة بعد تنصيب دونالد ترامب؟
* الدكتور محمد مولود امنكور باحث في التراث والتنمية السياحية