معاناة المهاجرين هم يومي وتوثر مستمر!
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …
أحمد بومفتاح
تساؤلات:
مسألة الأخلاق في المجتمعات التي تعرف استوطان المهاجرين عبر العالم، أمر يستحق منا وقفة للتحدث عنه، في ظل المتغيرات والتطورات االتكنولوجية الجديدة، و التي أثرت بشكل كبير في سلوكات جيل أبناء الجاليات وخصوصا منها العربية والمغاربية. إنه حقا موضوعٌ شائكٌ للغاية، لا يعْرفُ عنه ولا يحس بهمه ولسعاته إلّا من ذاق وشرب من كأسه …وتذوق مرارته… و بخوضِ التجربةِ المُجبرَة.
لست قاسيّاً في الوصف لأنني أعتمد على الأمر الواقع لكتابة هذه السطور…
من الملاحظ أن الحرّيّات السائبة والمفرطة إن صحّ التعبير من أمثال كلّ الحقوق المتداولة، تتسبَّبُ (بالإفراط في تطبيقها) ، وتؤدي إلى خلق الخلافات التي ينتج عنها التفكك الأسري/ تفكك المجتمع -على سبيل المثال- ، فنسبة الطلاق متفشِّيَّةً بين الأسر المهاجرة، الشيء الذي يحيلنا على مقولة الشاعر الكبير أحمد شوقي حين قال : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت * فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا*
إنّ أسس الأخلاق تبنى على التربية الصحيحة الحسنة، بدايةً بالمنزل، فالمدرسة عبر البرامج المدرسية التربوية والاجتماعية والتعليمية والثقافية، المبنية بدورها على الحِشمَةُ، إذ للأسف وُضِعتْ في خانةِ النّقصِ والانحطاط والتخلّف. بيدَ أنَّ الانحطاط هو ما يتمّ تقديمُه وتعليمُه للأطفال والتلامذة من برامج مباحة تخدِش الأسرة في غياب العِفَّةِ وانعدام الاحترام، داخل البيت وخارجه ….في المجتمع ككل.. ويعتبرونها ويسمونها حضارة.
كيف تشعرُ وأنت مكتوفَ الأيدي للإدلاء برأيك عن كيفيّة تربيّة أطفالك؟ .
بماذا تشعرُ وأطفالك يتحدّونك بموجب حقوق الطفل ورعاية الطفل ومؤسسات ترعى شؤون الطفل ؟
أظنُّ أنّ كلَّ هذا كابوسٌ في حياة العديد من الأسر المهاجرة ، بل تترتب عليه ومنه مآسي تفكّك الأسرة. وهنا مربط الفرس حيث أنّ المحافظين الساهرين على حسن تربية أبنائهم “يرتطمون مع الحائط فيرمون بأنفسهم إلى التهلكة”!.
وأنا أتمعن في ما يمارس من مساطر ، وما يُطبّق على بعض الحالات، لاحظت أنّ الصرامة محسومة مسبقاً على فئةٍ بعينِها.
من الملاحظ أن هنالك ثلاث حالات كالتالي:
أسرةٌ 100%، مكونة من المهاجرين
أسرة مختلطة 50%، بها الزوج مهاجر
أسرة مختلطة 50%، بها الزوجة مهاجرة
الصّرامة القانونية بدء من أوّلِ حروفٍ لدى الأمن، تُطبّقُ بكل ثِقلِها تحت غطاء القانون على الحالة الأولى.
وفي الحالتين الأخريين، (مع بالغ الأسف، تميل الكفة لبلد (الإقامة) ، حيث التعامل معه بلباقة ولطفٍ ، وجعله المُحِقُّ والصادقُ الأمين.
ومن هنا يدرك المهاجر أنه يغوص في همومٍ تربطه بالقانون الذي يسير بالمجتمع في اتجاه لم يكن يدرك خطورته من قبل… ، وغالبا ما تجعله يندم على كلِّ ما فاته لسنوات طوال.
الحالات المضطربة والمطاردة بأشباحِ هذه المساطر. نتجت عنها ومنها حالاتٌ فقد/انتزاع أفلاذ أكبادها (أطفالها)، ولا تستطيع رؤيتها إلا تحت الحراسة مع الإرغام على احترام الوقت المحدّد لذلك. مؤسفٌ جدّاً، ومؤثر في النفس. فالضحية هم الأطفال. فما هو مآلهم خُلقاً وتربيّةً؟.
هوسنا وقلقنا كمهاجرين يكمن في مخاوفنا من التربية … أيُّ مجتمع له نكوّنُ ؟.
ندرك جيدا وبوعي أنّه لكل بلدٍ مبادئه وبرامجه حسب مصالحه وقوانينه. ومن ضمن شروط الإقامة : الاندماج واللغة . لكن مع الأسف، نجد أن التربيّة توجد بين طيّاتٍ لم نطّلع عليها من قبل، وأغلب الأزواج يصدمون بها بعد حين….
كتبت هذه السطور من باب التحسيس والتوعية أملاً في تحسين قواعد اللعبة باستقامة الصف بالأخلاق بالتربية، وعلينا بالحذر أكثر فأكثر حتى نؤسس جيلا من المواطنين الصالحين الذين تنبت في أصولهم الروح الوطنية والأخلاقية والأسرية الطيبة للمجتمع حيث يعيشون أولا، وجعلها مثالا يحتذى به في المجتمع الذي منه نزحنا جميعا كمهاجرين…
(أحمد بومفتاح: 21 نوفمبر 2024)
Écrivain et Poète Ahmed Boumeftah Tous Droits réservés ISBN : 978-2-9818321-4-6