“من لا يرى أخطاءه لا يتغير”
رأي للنقاش
ملاحظة مدخلية :
تدوينتي هذه هي وجهة نظر للتقاسم والنقاش البناء بين مختلف المهتمين ، وقد عنونتها ب “ من لا يرى أخطاءه لا يتغير ”
لكي تكون مدركاً لقدراتك والوصول إلى هدفك ، يلزمك التفكير بعمق في هذه المقولة:
“الشخص الذي لا يرى أخطاءه لا يتغير أبدا”
هو قول مأثور ومثالي يدعونا إلى تجاهل الغموض الذي يعوق سعينا أحيانًا لتحقيق السعادة.. من خلال استحضار ماضينا.. أو الاستمتاع بحاضرنا أو التفكير في غدنا.. ومن خلال وضعنا حداً للأنماط المتكررة التي تجعلنا نرتكب نفس الأخطاء في حق أنفسنا وفي حق الآخرين..
ولأسباب وجيهة، لا يحدث أي تغيير في مواقف الانتظار والترقب والسلبية العمياء.. فالأمر يتطلب تجاوز الصعوبات أولاً.. ثم تقديم حصيلة مادية وعاطفية وروحية.. وللانتقال من حالة العمل إلى الوعي بالذات ، فإن الدخول إلى الأعماق عن طريق البحث في الأفكار يعد الخطوة الضرورية والأساسية لمشاهدة تحول حقيقي..
فالمثل الذي يقول ” ” لاشيء يضيع، لاشيء يوجد، كل شيء يتحول” هي مقولة للعالم الشهير لافوازييه لا لبس فيها: فإحجامنا او امتناعنا او رفضنا او توقفنا لا يمنع التغيير لأن كل شيء يتحرك.. نظراً لأن لدينا آليات للتخريب الذاتي.. فطبيعتنا الداخلية تحولنا انعكاسا لأفكارنا.. ماذا لو استفدنا من إمكانات التغيير بداخلنا لتحويل أنفسنا إلى أفضل مما نحن عليه..؟ فمن لا يرى أخطائه لن يتغير أبداً ويتحول إلى متفرج عن حياته..
يمكن أن تقودنا الأمثال من الأساطير إلى إدراك المفاهيم الفكرية العالمية.. وقصة سيزيف هي جزء من هذه الأساطير لأنها قصة رجل يُعاقَب من قبل الآلهة.. محكوم عليه بإيصال صخرة ضخمة إلى قمة الجبل.. وبمجرد ما يصل إلى تحقيق الهدف.. تتدحرج الصخرة إلى الأسفل ليعيد سيزيف حملها من جديد إلى أعلى وتتكرر المحاولة في دوامة العبث..
يشير هذا الرمز بكل وضوح إلى حالة الأشخاص الذين يعميهم عنادهم فلا يتصرفون بشكل صحيح.. وأحيانا يستمرون في دوامة عنادهم إلى ما لا نهاية مما يؤثر على تحديد مصيرهم..
الأشخاص العميان بعنادهم. عند محاولة إقناعهم بالتصرف بشكل صحيح.. يزدادون عنادا وعدوانية وتهورا.. هم عميان أمام دروس الحياة مما قد يشكل عائقا أمامهم نحو التغيير..
هل التغيير ضروري في حياتنا؟؟
لماذا علينا أن نتغير باستمرار؟
ماذا يريد أن يعلمنا هذا التغيير؟
الكثير من الأسئلة التي تدفعنا لتعزيز مقاومتنا من أجل الأفضل.. وللإجابة عليها من المهم أن ندرك أن للإنسان ازدواجية يغذيها بأفكاره..
التغيير ليس فقط أمر ضروري بل هو ايضا أمل ضروري:
لا شيء يُبني على تربة قاحلة بدون أسس. لتكون مهندسا معماريا لوجودك، من الضروري أن تكون لديك رؤية وتطلعات.. والعلاقات التي تريدها، والحياة التي تود أن تعيشها، والكثير من المشاريع التي لا يمكن إنشاؤها دون تحديد رغباتك أولاً.. ولفهم ما يعوق إنجازاتك، فإن أخطائك هي العقبة أمام تحقيقها.. من الضروري في بعض الأحيان استشارة أحبائك قبل اتخاذ قرار جذري.. أن تكون شاهدا على أفكارك هو أيضًا طريقة لعدم الاستسلام للاندفاع والشغف المحزن الذي يريحك عند موقف الانتظار والترقب..
لنجعل من أخطائنا.. دروسا لنا..
فالأخطاء هي في كثير من الأحيان ناقلات للفرص. “الشخص الذي لم يفشل أبدًا هو الذي لم يحاول الإبتكار أبدًا” هذا الاقتباس من العالم الرائد ألبرت أينشتاين يعبر تمامًا عن الطبيعة التي لا غنى عنها لمحركات التغيير.. ونحن محكوم علينا بالسير نحو طرح الأسئلة ، لأنها ضرورية لإجراء التعديلات التي تتناسب مع توقعاتنا.. وعندما يتم إدراكها، فإن أخطاءنا لا تعود عقبات بل فرص لتعلم السيطرة على حياتنا. هذه التجربة تقودنا إلى أن نفتح أعيننا وأن نكبر..في بعض الأحيان تكون هذه “المواقف السيئة” هي ما نريده بالضبط في وقت ما.. قبل أن ندرك أن هذه الحالات الذهنية لم تعد تناسبنا.. وهذا هو ما يدفعنا للدخول إلى حقيقة أنفسنا وإلى طفراتها الدائمة.. والدفع بها إلى حدودها.. ونزواتها التي تثيرها فينا بما يسمح لنا بالوصول إلى حالة الوجود لمواجهة العقبات والتي هي من مسؤوليتنا في سعينا الطبيعي لتحقيق السعادة.. لأن هذه الحالة هي النهاية الحتمية التي نطمح إليها جميعًا.. من الضروري رفع الستار عما يشكل عقبة أمام الانسجام بين أفكارنا وأفعالنا…
وصدق الله إذ قال في محكم كتابه المبين:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ ”
محمد اسماعيلي . بركان
في 12نوفمبر 2024