قصة قصيرة للكاتبة المغربية منى بنحدو

قصة قصيرة للكاتبة المغربية منى بنحدو

لدغة العقرب

                 الكاتبة: منى بنحدو

بما أن الجو ممطر لم تشأ أن تذهب للبحر، أخذت فنجان قهوتها المر ،لعبت بقداحتها الذهبية الموروثة عن أبيها، رفيقة درب سيجاره الكولومبي الفاخر ، تساءلت هل تشعل بها الشموع ، لتضع هالة الطاقة الإيجابية ،استمعت هنيهة للراديو لا جديد نفس الأخبار المستهلكة. أغلقته متنهدة ، نظرت بحنين لآلة أسطواناتها، مازلت تحتفظ وتهتم بها كأبيها ، لأنها عشاقة للزمن الجميل ، لطالما أغاضتها صديقتها، عندما تشبهها لحكاوي ألف ليلة وليلة

استلقت على وسادة النعام، حاولت أن تتذكر تفاصيل اقتنائها ، عندما علمت بموعد المزاد في بريطانيا، لم تتنازل عنها لأنها تعود للعصر الفكتوري ، لقد أنهكها النسيان ، لم تعد تستحضر التفاصيل . الطيبب ينصحها بعدم التركيز على الأحدات ستعود الذاكرة تدريجيا ،مع مواظبتها على الحساب الذهني و أخذ مكملاتها الغدائية  لم تعد تستصيغها كرهتها من أعماق عمقها

لا عليك، هذه الضحكة تعرف صاحبتها، قامت وتطلعت في المرآة ، وجدت أمامها امرأة ناضجة في عنفوان شبابها سمراء ملامحها جذابة ممشوقة القامة، خاطبتها من أنت ؟ أعرفك التقيت بك في مكان ما، في زمن ما ، أعرفك حق المعرفة، الله يلعن النسيان

الطبيب طمئنها أنها حالة مؤقتة، ليست وراثية ، بحكم أن والدتها أصيبت بمرض الزهايمر، ولكنها خائفة

استطرد مبتسما مضيف كعادته ، عليك بالصبر ، آه الصبر ¡¡¡ وهل يمكنك أن تدلني على المتجر الذي يبيعه ، لقد أصبح نادرا ، كما الحال مع عملي بالآثار

كفي عن الخوف هذا ما يزيد حالتك تعقيدا

واصلت الحديث مع أناها المتجسدة في المرآة ، لما أنت سجينة هناك،؟!! تعالي، أخرجي، الحياة جميلة رغم قساوتها ، فهذا شيء طبيعي، فهي ليست أما لتمنحك الأفكار وتتقاسم معك الأسرار مجانا

كم من صفعة أخذناها ولكن رغم ذلك نمضي غير مكثرتين .هات يدك سأخرجك من هناك

فاضت الدموع من عينيها ، قاومت تيار إستراجاع التفاصيل، شلها الصداع صرخت آخر كلماتها لا أقدر، سقطت مغمى عليها ليرتطم رأسها ببلاط الأرض

وهي عائدة بعد المزاد الأخير حاولت أن تتفادى جدع شجرة، لا أحد يعرف كيف ظهر فجأة وسط الطريق ، أجادت عنه وسقطت في الحافة، أعجوبة ما تركتها على قيد الحياة، كل من كان في عين المكان راهن على أنها ألقت حتفها ، استحالة أن يبقى حي يرزق. لكن الأقدار السماوية أنجتها لا تعرف هل هو الحظ أم اللعنة

فتحت عينيها ببطء ، تحسست رأسها ، تلطخت يديها بدمها، مفاصلها مجمدة من البرد ، قامت مستعينة بيد الكنبة ، اتصلت بالطبيب الذي نصحها بعدم الحراك سيأتي إليها بعد دقائق لأنه قريب من منزلها

مرت الدقائق ببطء مميت ، رن الجرس فتذكر أن لديه المفتاح

دخل عليها وجدها مستلقية والدم يغطي وجهها..اتصل بالاسعاف بسرعة البرق ، استفاقت على رائحة زكية ولذيذة للقهوة العربية ، آه وذاك العطر أيضا تعشقه، دغدغ إحساسها ، الحمد لله أنني لم أعد مثل المومياء اللواتي ابحث عنهن في المقابر ، ما زلت امرأة

و أجملهن على الاطلاق، فجأها بصوته الرزين ،لم تعي أنها تحدثت بصوت مرتفع، احمرت خجلا

!!! كيف تشعرين ، ياله من سؤال غبي

لا أعلم . الدنيا تلف بي.  تحسست وجهها ، فوجدته مضمدا

سارع إليها لا تتحركي أنت الآن بخير . سأستدعي الطبيب 

صراحة لقد اهتم بك جدا. إنسان خلوق محب لمهنته، لم تسمع باقي الحديث ، تراقصت الأضواء أمامها ، أحست كموجة لطمتها على وجهها ، ثم نامت
بعد مرور يومين، استيقظت كأن شيئا لم يكن، انتابها جوع قوي ، منهكة القوى،  الظلمة حالكة بالغرفة ، يخيفها الظلام، يفكرها بالوحدة والألم ، دائما تحب أن تنام على ضوء خافت

فجأة أضيئت الغرفة،  فوجدت نفسها ممددة على سريرها ، جاءها نفس الصوت الرزين
أخيرا استيقظت! ألم أقل لك مرارا لا ترهقي نفسك في الحفريات؟
لقد لدغك عقرب، والحمد لله أننا وجدناك في الوقت المناسب –
لمعت عيناها وفهمت الشيفرة التي حلمت بها، ستفك اللغز الذي حير الكل منذ سنين ، ستكتشفه هي الأولى ، لكنها ستتركه مفاجأة للجميع
لامست يديه ممتنة لتواجده ، مضيفة بلؤم، أخيرا وجدت حل المستحيل، تركته حائرا واستسلمت للنوم
 

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com