قصيدة نثرية للشاعر كريم شعلان

..نشيد أخير

الشاعر العراقي كريم شعلان

على ساحل الأطلسيّ

..ليتني المُستثنى، ليتني

أضع صورتي في أوّل القائمة لأكونَ آخر الواصلين

،يابوصلة العائمين على تراب الأرض

أينني..؟

٠٠

..هذه الأرض بكلِّ خرابها أُنثى

! ..هل تأنّثَ البحر أيضا..؟ أسألُكَ ياتراب، ياغصنا أتلفتهُ المساحيق وعلب المكياج

..ياحروفا لم تعد تفي لكتابة كلمة على باب الشاهدة ياكلمات تموت عند بلوغ معانيها رأيتُ كلَّ شيء ولم أره

سمعتُ رياح الأطلسي تهوّن جراح السواحل ممّا يفعلهُ السائحون، هُنا، في هذه المجرّة وقريباتها، في طعنة الأحمر ونزوح الشمس لمخدعها الذي سيدوم يوما، في شهقتي حيال ما أرى من دهشة ماسخةٍ وجريٍ فائض، في اللمسة التي لاتجد في حركتها سوى أصابع ترتجف وفراغ أملس، في عتمة تجاورها شمس تنحني لغروب سيدوم… ها نحن هنا…؟.. نشربكَ يا ماء الأطلسي، نستحمّ برذاذكَ المُبتسم كحشرة صغيرة، نعوي مع أزيزك الذي يُغلق كنافذة ضيّقة لزنزانة أقفلَها الله على عباده الخارجين عن طوع الكلام ومعجزات ما يكوّن مزيجنا .. أين ستتّجه بنا يارهبان الرمل..؟ يا قائد الحافلة أينكَ..؟ أين الحافلة..؟ أيننا..؟ يسبق خطاه ويتعثّر بحروف لاتجرؤ على بناء كلمة يخرج من الغابة كقردٍ تتوّجه لعنة البحث عن أصله يشمّر عن ساعديه مواجها احتمالات ستقوده لأسئلة كثيرة، وصغيرة، تلبط كذرّات الأطلسي الوامضة في رقصتها مع الرمل وعُلب السائحين بكلّ ماتحتوي

:يقول 

سأخرج الآن

سأدخل الآن

سأرمي بسهمي

سأقفل كُلّ المداخل

سأمحو العلامات

..وأنسى كلّ ما تحمله علب السائحين

يقول ما لا يشاء

هل يأبّه الصخر..؟

هل يتعب المطر..؟

:يُخبرهُ بعضُ ما يحيطه

بلوثة تجرح المشهد

بلوعة غامضة تسكن في مكان ما منه

بدمعة غريبة تتوّج رمشهُ المبيّض

برقصة، برعشة هي آخر ما يسبق السكتة

:يقول

ليتني الأوّل والأخير

ليتني سواهما

البحر

الهواء

الرمل

أين الذكورة في هذا..؟

يا عاصفة الظُلم والظلام

دعيني أبتسم قبل السكتة الأخيرة

لم يسمعه أحد وهو يصرخ

ولم يره أحد وهو يرفع يده بالدعاء

يا بحر

يا رمل العاصفة

يا جراد القُرى

يا شهقة الغريق

يا فطرة شوّهتها المساحيق

ها هو القرد

يخرج من غابته

يحمل أوراقه

يُكذّب الــ DNA

يسعلُ بلغما أصفر

ويمزّق جريدة شاحبة

تُرغمهُ السوادات

أن يكتب اسمه بلوحة تُعلّقها نشرة الأخبار على جدار الحرب القادمة نراها بوضوح تلك العاصفة التي ولدتْ بعيدا نلمسُ بقاياها في قلوبنا وعلى جفاف جلودنا في أحداقنا الساكنة على صورة السكتة الأخيرة تلك العاصفة التي مازال الأطلسي يكوّرها ويمسّد شعرها الرمليّ تبتسم تارة وتعوي تارة أخرى أمّا نحن الغارقين بالرذاذ والغروب لا جدوى من تلويحاتنا لا جدوى من غرائبيتنا الماسخة نمسح مخاطنا بمناديل حبٍّ قديم وننتظر مرحا ساذجا لايُشبه عاصفتنا المُنتظرة يا أطلسي يا شقيقي يا وهما أعور تعالَ قُربي هاهي يدي تجفُّ مثل عويل القرى في سومر الميّتة يا قشّة في الأطلسيّ أينَ مسيركِ..؟ أين قردكِ الممسوخ..؟ أيننا معا..؟ غارقون بالبحث عن معرفة المَخرج عن صلاة لم يأت بها نبيٌّ عن فولاذ يذوب في مياه الأطلسي عن جُرف لم يطلهُ الجرَب وعن الأنثى في الكلام عن الغواية الباردة ونوافذها الموصدة

٠٠

يا محيطا يُخفي المرجان

ويلوّح بالغرق

،لقد داهمنا السهدُ

ياموجا لا يهدأ

ويا زُرقةً تضيع بين ماء وسماء

ما ذنبُ عيوننا

وهي لا تراكَ ..؟

ما ذنبُ أطرافنا التي تلوّح

دون صدى

أو نشيد سراب..؟

نعلِكُ حروفنا واقفين على سواحل تضحك بصخر قديم صخرٌ يمثّل أسنان العاصفة ونواح الرمل المُذكّر نعلكُ حروفنا، ونعجز، إذ لافائدة مِن أطراف لاتستجيب يا أطلسيّ يا حكيما أضاعه ُالسائِحون يا غابةَ مُستباحة للعابرين وقهقهةً للمبحرين صوب اللهو يا عالِما بروح العاصفة وكاظما غيظ الرمل لا جدوى منّي على ساحلكَ ولا عزاء لغيري سوى هذا الكلام وطبع أقدام القرد الهارب من متحف الغابة ٠٠٠٠ يجرفونَ بعض رملكَ ليظهر سواه ليظهر شبيههُ عالقا بأقدام السائحين وأنا هنا

مَن أنا بحقّ هذا الكون والرذاذ واللغو..؟ مَن أنتَ..؟ ومَن جاءَ بكَ قربي..؟ لنفترق لنعد كلانا على أخطائه القديمة بلا عاصفة ولا رمل يلتمع مُغازلا شمسا تتّجه لغروب عتيق لاينتهي

٢٠٢٤

نيوجرسي/الأطلسي

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com