نعيمة سميح وسميرة سعيد

نعيمة سميح وسميرة سعيد

 نجمة هنا ونجمة هناك

بين.. بين

وجهان لعملة واحدة

بقلم: ذ عبد المجيد شكير

في زمن الأبيض والأسود بالتلفزيون المغربي تظهر سميرة سعيد وهي تقود دراجتها النارية، ووراءها نعيمة سميح يعبران الشوارع وهما في قمة الانسجام والاستمتاع، هذا الفيديو يؤرخ لبداية مشوارهما الفني، وللإشارة فقد اجتمعت المطربتان معا في بداياتهما من خلال أغنية وطنية لحنها لهما الفنان عبد العاطي آمنا صحبة الثلاثي آمنا (مفتاح الخير)، فهل ظلت سميرة ونعيمة قريبتين من بعضهما البعض؟ انطلقتا معا من برنامج خاص بالمواهب الجديدة، ففي نهاية الستينيات تقدمت الطفلة الموهوبة سميرة بن سعيد إلى برنامج (مواهب) للأستاذ عبد النبي الجراري، وغنت آنذاك تحفة (الأطلال) لأم كلثوم، وقد صاحبها على الإيقاع عبد الله بلعسري، أبدعت في الغناء، ولفتت الأنظار والأسماع بصوتها وحركاتها، مما حفز الفنان الجراري على أن يلحن لها موشح (قل للمليحة في الخمار الأسود) وكان هذا ضمن البرنامج الأدبي الغنائي (مجالس الأنس والطرب) سنة 1970 فالتقطها الملحن عبد الله عصامي ليهديها رائعته التي شاعت على كل الألسنة آنذاك (كيفاش تلاقينا) للزجال محمد الكواش، كانت في تفاعلها وتعايشها مع المعاني ـ كما يظهر ذلك على اليوتوب ـ كأنها مطربة محترفة، فلمع اسمها بسرعة وأقبل عليها الملحنون: عبد الحميد بن إبراهيم (رمضان أقبل)، عبد السلام عامر (سبحان الإله)، عبد العاطي آمنا (أنا من أتباع محمد…)، العربي الكواكبي (بلدي يا أغلى من ولدي) عبد القادر الراشدي (لحن جميل ـ فايت لي شفتك ـ أنا والمحال …) وغيرهم من الملحنين، وأما نعيمة سميح فتقدمت في السبعينيات إلى برنامج (أضواء المدينة) لحميد العلوي حيث شاركت بأغنية (الليل مول العشاق) لشريفة فاضل، ونجحت أيما نجاح فرعاها الملحن الأصيل محمد بن عبد السلام بألحانه المغربية (نوارة ـ فتح الورد ـ الله عليها قصارة ـ البحارة) وغنت من ألحان عبد الرحيم السقاط (الخاتم) ثم دخلت بعد ذلك في ثنائي مع عبد القادر الراشدي (هذا حالي ـ غاب عليا الهلال ـ جاري يا جاري ـ على غفلة) وكان لها أيضا تعاون مع عبد الله عصامي (أحلى صورة) ومع أحمد العلوي (أمري لله ـ كون جيد) ومع المعطي البيضاوي في قصيدتين (أطلال الحب ـ محراب الحب) ومع سعيد الشرايبي (راح) ومع عزيز حسني (دموع الكية) ومع إبراهيم العلمي (هنا وهناك، كانت لها تجربة سينمائية وحيدة سنة 1978 تحت عنوان (الدنيا نغم) من إخراج سمير الغصيني وشارك معها كل من عمر خورشيد، ناهد شريف، وليد توفيق والمطرب المغربي عبد الهادي بلخياط

لم تفكر نعيمة سميح في الهجرة إلى الشرق رغم أنها شاركت في فيلم مع المشارقة (الدنيا نغم) بل ظلت متشبثة بهويتها المغربية، ومتمسكة بالأرض التي نبتت منها جذورها، فكان أن حققت نجوميتها محليا، إنها نجمة المغرب الأولى في الغناء النسوي، ولم يكن هذا اللقب اعتباطيا، بل كان مستحقا بفضل بحتها الساحرة والنادرة، بحة لا تقاوم ولا تجارى، بحة أسالت منتهى العذوبة في أغانيها فعشقها الكبير والصغير، وكما يستقبلها الجمهور المغربي عند صعودها إلى خشبة المسرح بالطريقة التقليدية (صلا وسلام على رسول الله) فإنه يردد معها دائما رائعة عبد القادر وهبي (جريت وجاريت) حتى إذا صدحت بألحان خليجية (واقف على بابك ـ جيتك حبيبي..) تدفق من صوتها كل السحر وكل الجمال وإذا أضفنا إحساسها، وتواضعها، وشعبيتها أدركنا سبب تتويجها عند المغاربة أجمعين

وأما سميرة سعيد فطارت إلى الشرق سنة 1977، وكانت وراء ذلك حكاية طريفة يرويها لنا الملحن حسن القدميري: (كنت قد هيأت لحن قطعة / مغلوبة / للمطربة نعيمة سميح في الأصل، ولكن انشغالها حال دون ذلك، فأسندتها إلى سميرة، فحققت الأغنية نجاحا كبيرا، وعائدا ماديا محترما شجعها على الهجرة إلى القاهرة)، لم يكن في الساحة آنذاك غير علي الحجار وعمرو دياب ومحمد منير وهناك أبانت عن ذكاء فني ملحوظ أهلها للتخطيط لرحلتها الفنية، فرفعت شعار التجديد، وآمنت بالطاقات الشابة، وساعدها صوتها الطفولي الذي يأبى أن يشيخ، ساعية إلى استقطاب كل الأذواق، فأبدعت في الغناء الكلاسيكي مع كل من بليغ حمدي ومحمد الموجي ومحمد سلطان وجمال سلامة وعمار الشريعي، وتفوقت في الغناء العصري الشبابي فغنت مع الشاب مامي ومع مجموعة الفناير، وكانت دقيقة في اختيار الكلمات والمواضيع الجريئة والصادمة مثل (سوبرمان ـ قط فأر ـ ما زال ـ محصلش حاجة…)، وحرصت كل الحرص على أن تظهر “بلوك” جديد مؤمنة بأن تجدد الفنان في شكله أصبح أمرا ضروريا، كل هذا جعلها واحدة من نجمات الصف الأول في مصر، بل وفي العالم العربي، إنها مطربة مغربية حققت النجومية خارج أرض المغرب، هي الأخرى لم تشارك إلا في عمل سينمائي واحد سنة 1979 يدور حول الصحراء المغربية تحت عنوان (سأكتب اسمك على الرمال) وهو من بطولة عزت العلايلي، سمير صبري، ناهد شريف وأمينة رزق وكان الإخراج لعبد الله المصباحي

هما اليوم متباعدتان فسميرة اختارت الاستقرار بمصر وأما نعيمة فظلت مصرة على الالتصاق ببلدها المغرب، ومن حين لآخر نسمع منهما عبارات عابرة للحدود تعبر عن منتهى التقدير والاحترام المتبادل بينهما ، والخلاصة أن سميرة سعيد الحاملة للقب (الديفا) ونعمية سميح المتدثرة بحلة (سيدة الغناء المغربي) تعدان فخرا للأغنية المغربية، كل واحدة منهما خدمتها بطريقتها الخاصة، واعتمادا على مؤهلاتها الذاتية واجتهادها، لقد ساهمت النجمتان معا في رفع الراية المغربية، ويكفينا أن نستحضر لسميرة اختيارها لتمثل الدين الإسلامي ضمن أغنية عالمية تتغنى بالتسامح بين الأديان (شجرة السلام) ولنعيمة أنها كانت من أوائل المطربات العربيات اللواتي غنين على مسرح الأولمبيا بفرنسا، إنهما وجهان لعملة واحدة، فبينما تمثل نعيمة وجه المغرب الداخلي، تجسد سميرة وجهه الخارجي لذلك وشحهما جلالة الملك محمد السادس بوسام الكفاءة الوطنية من درجة قائد، نعيمة سنة 2007 وسميرة سنة 2009

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com