قصيدة للشاعر المغربي: إدريس زايدي
تُحَدٍّثُ أَخْبَارَهَا اُلْأَرْضُ
يَا إِلَهِي
أجُوبُ المَواسِمَ
أَمْشِي كأيّ شَريدٍ
تدثَّرَ وجه المساءِ ولونَ الرياحْ
فأنا نبتُك المستباحْ
يدي سقطتْ في يدي
فرُدَّ الرجاءَ يَداً في يَدِي
وهُشَّ على بَلدِي
…قدْ أتاكَ الّذي أتَى
فجَاوزَ حظّي رُبَاعْ
…
يَا إِلَهِي
كلما عُدتُك اشتد بوحي
ونفضتُ من الطين روحي
يَضيق بصدريَ صدري
يموت على كفِّيَ الموتُ
يقتلني الصمتُ
كنا جميعا نموتُ
كما شجْرةُ التّينِ تحملُ أورَاقَهَا
وَتُقدم صفرتَها لِلرّياح
تبكّي الظلالَ على العابرين
وقد فُقدوا في سُعار الظهيرةِ كلّ ذراعْ
تراها تعُودُ
لملْحِ البحارِ
ونشرَةِ أخبارْ
تُلوِّنُ حِبرَ اليَراعْ
….
يَا إِلَهِي
أحِين رأيتُك بين العواصِم تمشي
تجلّى بهَاكَ
ودَثَّرْتُ وجْهي بوجْهِي
وقلتُ هنا سكن السِّندِبَادُ
يُروّي كِتابَ السِّفَارِ
خَفِيفاً يَقُودُ سفائنَ حُزنٍ
وأنهارَ مُزنٍ
كَبيراً تَمَلَّى
وقلتُ أراوِدُهُ فِي سَنَاكْ
فما كُنْتَ فيهِ سِواكْ
وًكُنْتَ كريماً كماءِ القَرارْ
..وَقَالَ الَّذِي قَالَ للشَّمْسِ كُونِي
فَمَا كَانَ كانْ
يُعِيدُ سَماكَ بدَارةِ لونٍ
ولَمْ يَكْفُرِ العائدُونَ مِنَ المَوْتِ
حِينَ رأوْا حَارِساً للغَمَامِ
يمَنِّي بأنَّ مَدَى الأرْضِ مِنِّي
تحدّثُ أخبارَها الأرْضُ
يَرْفُو دُجَاهَا الشّعاعْ
ومَا كَفَرَ الْكَافِرُونَ بِلَيْلِ
وقَدْ كَفَرُوا بالجِيَاعْ
…
يَا إِلَهِي
أرَى الأرضَ كُلَّ مَسَاءٍ
تُجَيّشُ بائعةَ الكُحْلِ والعَرَبَاتِ
وتَعصِرُ من عَرقِي عرقاً
ضائعَ الهَمَسَات
بِأوسِمَةِ العَاشقِينَ عُبُورَ البِحَارِ
هَوى العائدينَ مِنَ الْحَانِ
يَحتفِلونَ برِحْلتِهمْ فِي الغِيَابِ
وقَبْلَ سُطوعِ مَلاَمِحِها فِي الجَريدَةِ والنّار
يَقُولُ الذِي سَكَرَ السُّكْرُ فِيهِ
سَأسْرِقُ كالعادةِ النشرات
ومنْ كُتُب الشُّعَرَاءِ الَّتِي هَتَفَتْ
أَنّ قَيْساً بكَى دَمعَهُ كَيْ يُشَاعْ
هُتافاً… هُتافاً فَمَا بَاعْ
وَضَمَّ الحَبِيبَةَ عِشْق متاعْ
ثُمّ أَوْحَى لَهَا مِنْ كِتَابِ اُلضَّيَاعْ
…
يَا إِلَهِي
ويَا أيّها البحرُ لا تكترثْ
فأنا قد خُلقتُ لموتِي
وأنتَ خلقتَ لموجِك أكثرَ أكثرْ
فتعالْ
وحاصرْ مدى النورسات
التي قدّمتْ ريشهَا كَيْ تَمُوتَ
ولمَّا يَمُتْ فيكَ بوحُ الشراعْ
…
يَا إِلَهِي
لك الوِجْدُ مِنْ رَشْفةِ المُتْعَبِينَ
بكأسِ السّكِينةِ
…يشربهُمْ عَطَشِي
فيُهديكَ أوّلُهمْ ما استطاعْ
جرحَهُ والمتاعْ
ودمعَ السبايا وخدّ اليَرَاعْ
وبعضَ الهدَايَا
وما قد تبقَّى … دُعَاءَ البَرَايا
فَأَنْتَ الكريمُ وأَنْتَ المُطاعْ
..
إدريس زايدي