سكورسيزي سقط سقوطاً مدويّاً في فخ العنصريّة المقنّعة
قراءة سينمائية لفلم “قتلة زهرة القمر” “
killers of the flower moon كان لي في خضم ما يحدث من انقلابات وقتلٍ وتصفيَّة، مشاهدةَ فيلم “قتلة زهرة القمر” للمخرج “مارتن سكورسيزي“، وللحق فإنّ الفيلم لم يبتعد بي كثيراً عن أجواء حروب الإبادة والمؤامرات ومنهُ كانت وجهة نظري البسيطة هذه: وداعاً “مولي”، وداعٌ غير آسفٍ فلم يبقَ لي مِن جمال عينيك بهدوئهما الذي يثير هلع القراصنّة البيض على سطوح سفنهم المستعمرة، سوى ما أرادته لهما مافيات الأفلام الأمريكية، وداعاً لأنهم أمروا بقتلك مرّةً أخيرة ودفنك في سوادِ حَمّامٍ نفطي وسذاجة اكتست بها ملامحك طوال الفيلم كالسذاجة التي ظهرَ بها أبناء عمكِ يرقصون ويستحمون بالذهب الأسود. أتدرين حبيبتي ؟ لا تحيّة ولا سلام على البروبوغاندا والمؤامرة البيضاء التي أعدمتكِ ، وحولت لون أزهار القمر إلى لون واحد ، هو الأبيض الشاحب الكئيب. ربما أقول تباً لهم ، وربما تعترضين “مولي” ولكن لله والتاريخ أقول أن السيد “مارتن سكورسيزي” قد وقعَ هو الآخر في فخ التنميط، ولم يفلح في تمثيل شعبك من السكان الأصليين سوى أنهم سُذّج متخلفين كسولين يسهل التلاعب بهم وخداعهم، شعوبٌ اتكاليّة تعتمد في حياتها على دولارات النفط مكتفين باتفاقيات مجحفة مع حكومة تقرضهم أموالهم توسلاً وتسوّلاً، مالي أرى دمعتك مولي؟ هل أنت حزينة من وجهة نظري هذه؟ حسناً لقد أظهر المخرج زوجكِ الوسيم “ليوناردو دي كابريو” على أنّه شخص ساذج قميء وتافه لا يهتم بشيء سوى بالمال وبالانصيّاع الأعمّى لعمّهِ الجشع، ولكن لا تبتئسي إذا أخبرتك أنَّه ظهر على الرغم من مقدراته العقليّة المحدودة أكثر ذكاءً منك، فلتوجهي غضبك حبيبتي إلى السيد سكورسيزي، وشركة الإنتاج التي عززّت ذلك التصوير الخاطئ ، والمعتقد البغيض بأن المجتمعات الأصليّة عاجزة ، وأكثر غباءً حتى من أبسط محدودي القدرات من البيض، وتعتمد على القوى الخارجية من أجل بقائها، لا تمتقعي مولي فقد أظهروكِ ضعيفةً ممحوقةً حتى قبلَّ أن يحقنك زوجك بالمخدرات، ظَهرتِ لي كَشخصيّةٍ ذات بعدٍ واحد، فأين هو تعقيدك أي نفسيَّتك المركبة، أين إصرارك وطموحك، وكيف سمحت بتصويركِ هكذا بلا أبعاد سوى بُعد الزوجة المسلوبة الإرادة، وبلا ألوان سوى لون الدم القاني الذي يتمثل بصراخك كلما أبيدَ فردٌ من عائلتك ولم يكن عندك من حلول سوى تسوّل ثلاثمائة دولار، وصورة مع رئيس الولايات المتحدة، هل أنت سعيدة الآن مولي؟ فقد ظهرَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي بطلاً مرّةً أخرى وظهرَ الرئيس الأمريكي متفهماً يستجيب لدعوة المستغيث والملهوف كما أستجاب خلفاءه للعراق وسوريا وفلسطين وليبيا. أين حرارة قبلاتك؟ أين جمر نظرتك الثاقبة، نظرة الشعوب التي عاشت متحديّة ظروف الطبيعة وأنشأت ثقافات وحضارات ما زالت مدرسةً بحكمتها وسلميتها وموضوعيتها وتعايشها مع الطبيعة، هل نسوا أن شعوبك وقبيلة “الأوساغا” رفضت يوماً حتى صيد السمك في فترات تكاثرها؟، وتناسوا تنوعكم وتقاليدكم الفريدة ومساهمتكم في المجتمع، كم أنت ناقصة عقلٍ وضيقة رؤية ومشوّهة. لا أتحدث في هذا النقد عن النواحي الفنية والتقنيّة، ولكن أود أن أشير بأن ليوناردوا دي كابريو ومرّةً أخرى ظهرَ مبهراً بقدراته وموهبته العالية في التمثيل. أما مارتن سكورسيزي فبرأيي قد سقط سقوطاً مدويّاً في فخ العنصريّة المقنّعة
المُهَنَّدْ النَاصِرْ