القصة لدى الكاتب تفتح أبوابا ظلت موصدة
الكاتب يعزف على مقامات اللغتين التونسية والمغربية
يعطيك دودة: عنوان مرح لقلق مبرح يعطيك دودة، عنوان آخر إصدار للأستاذ المغربي عبد الله المتقي عراب القص القصير جدا الصادر عن دار الكتاب التونسية 2022. تصميم الغلاف يبشر بالفرح والفرجة عبر صورة كاريكاتورية بخلفية سماوية اللون؛ تحيل على الانفتاح و ال “بي هابي” من خلال ابتسامة مدفونة تحت شارب كث… العنوان مرفوق بتوضيح لدلالة الدودة في اللغة التونسية… هو إذا عنوان مرح لقلق مبرح، والعتبات تحيي وتميت… العتبات سلطة الكلمات ، وتجلي المفارقات اللغوية من ثقافة إلى أخرى… العارف لا يعرف كما قالت لي جدتي ذات استفهام، وعبد الله المتقي كماء جاء عنه وبلسانه في مقدمة الإصدار، رجل يعرف الكثير فيكتب القليل… وهو أيضا رجل وحيد، أو وحداني… لا يغريه الجري وراء الرفقة والصحبة، يشبه إلى حد بعيد جيمس بوند 007، وهو يصوب مسدسه كاتم الصوت نحو القاريء… يفتح في عقله ورشات، متاريس وأبواب للتجسس عليه يقظا ونائما. يعمل داخل حيز زمني ضيق وحده القادر على تفكيك شفراته من خلال قصه الوامض، قص مكثف مختزل لكل ما تعج به رأس الرجل الذي …. من شك وحيرة وتوجس. لا يلبث أن يخلط كل تلك المقومات المعطوبة فاذا هي قص مبهر … الرجل الذي … انزوى وحيدا … في حديقة ال. ق ق ج يقشر الصور، يمشمش لحم الحكايا ، ويقدم لنا وجبة خالية الدسم، لا تكاد تتغلغل في الدماغ حتى تتمطط وتنتفخ وتصير في حجم رواية… طفل كبير يشاكس الفكرة، يتنقل بين كوابيس وأحلام رأسه الطافحة بالقص وبالشعر في بحث مستمر عن مداخل لعتمات يجلو بياضها… له قصائد كاتمة الصوت ، ومساء بارد كالخيانة ، وثقيل هذا الريش، ثم تمرينات تسخينية لترويض القلق، وله أيضا الكرسي الأزرق، والأرامل لا تتشابه، وقليل من الملائكة، ثم لسان أخرس، أما عن دار الكتاب التونسية فقد أصدرت له آيس كريم رجاء، ويعطيك دودة… في يعطيك دودة يخاتلنا بمرح ماكر، يعزف على مقامات اللغتين التونسية والمغربية من خلال انزياحات مقاربة بينهما وحتى لا تذهب بنا الظنون لجأ إلى توضيح المقصود من جملة يعطيك دودة في الثقافة الشعبية التونسية، أما الصورة الكاركاتورية المرافقة للعنوان ، فقد جاءت في تمايز وتمازج بين فكرة القارئ عن ما تحمله من دلالات ساخرة وقاتمة لم يشفع لها الأزرق المائي إلا بالقدرالذي يزفنا إلى عوالم الكاتب في القص القصير جدا…. القص القصير قصي الأبعاد شاسع الأفق وقد تفاجئك القفلة برجة إدراكية تخلخل موازينك الوجودية … كأن يشعر الميت بالذنب لأنه حي!! ففي قصة حرج، إحراج فعلي لبداهة سؤال وجودي ضارب في اللبس، وقد ساق لنا صورة القلق الوجودي بحبكة القاص عبد الله المتقي الذي عودنا عليها، فالقصة عنده تفتح أبوابا لطالما ظلت موصدة
ليلى الناسيمي- تونس