الأصل في هذه الاحتفالية مجرد فكرة
الاحتفالية والاحتفاليون :أيهما الأسبق والأصدق؟
فاتحة الكلام
انا الكاتب الحالم والمفكر والمسافر والمتخيل، داخل نفسي اولا، وخارجها ثانيا، اتساءل دائما امام مرايا نفسي وروحي واقول: ما هي طبيعة علاقتي بالقلم وبالورق وباللوح وبالدواة وبرفاقي الكتاب والقراء؟ هي بالتاكيد علاقة عشق قديمة جدا، وفي فعل العشق لا شيء انبل واجمل واصدق من الصدق، وانني اكتب حتى اراني اكتب، واقول هذا الكاتب اعرفه، وانه قد يكون انا، أو أن به اشياء قليلة او كثيرة مني انا، ولكن، ولأن فعل الكتابة وحده لا يكفي، فقد يحدث في مرات كثيرة ان استعير جبة الحكواتي، واجد نفسي، من حيث ادري او لا أدري، احكي حكايتي وحكاية كل اصحابي ورفاقي الاحتفاليين مع هذه الاحتفالية، والتي اسعدتنا قليلا، و اتعبتنا كثيرا، وادخلتنا في متاهات لم نخترها، ولولا هذه المتاهة الجميلة، فهل كنا نصل اليوم لأن نعرف الطريق الينا، وأن نقترب أكثر من جنة الحقيقة، وذلك في جحيم هذا العالم الكاذب والمزيف وبوحي هذه الاحتفالية، كتبت، او انكتبت، لست ادري، وامتثالا لأمرها ووحيها قلت كلاما كثيرا، ونطقت وتكلمت، وابدعت، وفكرت، وتخيلت، واقترحت، وسافرت في كل الاتجاهات، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وكانت اصدق واغرب واعجب واخطر كل رحلاتي هي التي قمت بها داخل خيالي، والتي كنت فيها شاهدا ومشاهدا، ولقد رايت في يقظتي ومنامي حلما، وكان ذلك الحلم اكبر من ليلة واحدة او من ليلتين، ومن حسن حظي انني لم اكن هذا الحلم وحدي، وقد معي ثلة من الحالمين ومن العاشقين ومن المسافرين ومن الصوفيين، ولعل اهم ما ميز هذا الحلم هو انه كان حلما جماعيا، وانه قد تم باعين مفتوحة وبوعي عقي يقظ، ولم حلم الليل الذي يمحوه ضوء النهار، ولقد كان في رحابته والساعه وامتداداته بعمق الوجود وبسعة الحياة وبعمق التاريخ، ولقد خاطبت – خاطبنا في هذا الحلم العقول الحالمة، وخاطبنا الأرواح الحية، وخاطبنا النفوس اولا، ولقد كان حلمي – حلمنا هذا غامضا ومبهما في بداية الأمر، وهذا شيء طبيعي، ولكنه اخذ يتضح شيئا فشيئا مع توالي الايام والأعوام، ولقد اقترحت – اقترحنا على الناس من اهلنا وصحبنا فنا جديدا مركبا، يليق بهذا العالم المركب والمعقد، وقبله اقترحت – اقترحنا فكرة، مجرد فكرة صغيرة، واختزلنا هذه الفكرة في كلمة احدة، وكانت هذه الكلمة هي الاحتفالية، وظلت تلك الفكرة تتناسل وتتسع، ساعة بعد أخرى ويوما بعد يوم، واصبحت لها ظلال ملونة، وحتى خرجت من رحمها افكار أخرى كثيرة جدا، وحتى أصبحت تلك الفكرة الصغيرة والمحدودة بحجم فكر كبير، أو بحجم مشروع فكري، مشروع مجتمعي وانساني بحجم المجتمع الإنساني
الاحتفالية والاحتفاليون: المؤسسة والمؤسسون
وانا الاحتفالي، العاشق للعيدية الصادقة، سبق وقلت وكتبت أيضا، وفي أكثر من مناسبة واحدة، وفي أكثر من صحيفة وفي أكثر من مجلة وفي أكثر من كتاب، بأنه لا وجود للاحتفالية إلا بوجود الاحتفاليين، وهم الأسبق كل تأكيد، وهم صناع هذه الاحتفالية، وهم مبدعوها، وهم الحالمون فيها وبها، وعليه، فمن الغباء أن نطرح ذلك السؤال العبثي القديم، وذلك بخصوص أيهما أسبق، الدجاجة أم البيضة، وان نقول مع بعض القائلين، أيهما أوجد الآخر، الاحتفالية اوجدت الاحتفاليين، ام ان الاحتفاليين المؤسسين هم الذين اوجدوا هذه الاحتفالية، وهم الذين اوقدوا شعلتها، وهم الذين صانوها من الانطفاء ومن الاطفايين العبثيين، ولكن، ومن المؤكد، أنه في البدء كانت الرؤية الاحتفالية الخام، وكان الإحساس الاحتفالي بالوجود، وكان الذوق الاحتفالي، وكان الزمن الاحتفالي، وكان الفضاء الاحتفالي، وكان المناخ الاحتفالي، وهل هناك فكرة من الأفكار يمكن أن تنبت، وأن تينع تزهر خارج تربتها، وخارج ارضها وسمائها وخارج خارج غلافها الجوي
في البدء الاحتفالية إذن، كانت هذه الاحتفالية مجرد روح بلا أجساد، وكانت فكرة بلا مفكرين، وكانت طريقا بلا سائرين وبلا مسافرين، حتى جاءت كوكبة كبيرة من الاحتفاليين المؤسسين والمناضلين والمفكرين والمبدعين والمشاغبين والمشاكسين والخلاقين والمؤمنين بالحياة وبالجمال وبالفرح وبالحق في الفرح، ومن خلال هذه الأسماء الأسماء المؤسسة أصبح لهذه الاحتفالية طول وعرض وعمق وشكل ولون، وأصبح لها صوت وصدى، وأصبحت لها أضواء وظلال، وأصبح لها فعل وردود فعل كثيرة جدا
ولأن هذه الاحتفالية ليست شبحا في عالم الاشباح، فقد تجسدنت في أجساد إنسانية حية، وتشخصنت في أشخاص وشخصيات لها حضور، ولها فعل وفاعلية، ولها طاقتها الايجابية المحركة ولقد تقدمت هذه الاحتفالية، للواقع والتاريخ ولكل الناس، وهي في أسماء كتاب ومؤلفين وفي أسماء مخرجين وفي أسماء ممثلين وممثلات وفي أسماء نقاد وباحثين وفي أسماء منظرين ومؤرخين، وكانت با إبداع مبدعين، وكانت افكار مفكرين، وكانت اقتراحات مقترحين
الأصل في هذه الاحتفالية إذن، هو أنها مجرد فكرة، وما أكثر الأفكار التي تولد وتموت في لحظتها، من غير أن تكون لها حياة، ومن غير أن يكون يكون لها إشعاع أو يكون لها امتداد في العقول وفي النفوس وفي الجغرافيا وفي التاريخ، ونعرف إن كل فكرة، كيفما كان حجمها وعمقها، وكيفما كانت خطورتها، فإنه لا يمكن أن تعيش وتحيا، بدون وجود مؤمنين وكافرين بها، وبدون وجود مصدقين ومكذبين لها، وبدون محاورين ومجادلين لها، ولهذا فإن هذه الفكرة الاحتفالية قد عاشت في النفوس وفي العقول وفي الأرواح قبل أن يكون بإمكانها أن تعيش في التاريخ، وأن تسافر في كل الاتجاهات انا الكاتب الحالم، علاقتي بالقلم والورق والدواة علاقة عشق قديمة جدا، ولكن، ولأن فعل الكتابة وحده لا يكفي، فقد يحدث في مرات كثيرة ان استعير جبة الحكواتي، واجد نفسي، من حيث ادري او لا أدري، احكي حكايتي وحكاية كل اصحابي ورفاقي الاحتفاليين مع هذه الاحتفالية، والتي اسعدتنا قليلا، و اتعبتنا كثيرا، وادخلتنا في متاهات لم نخترها
وبوحي هذه الاحتفالية كتبت، او انكتبت، لست ادري، وامتثالا لأمرها قلت كلاما كثيرا، ونطقت وتكلمت، وابدعت، وفكرت، وتخيلت، واقترحت، وسافرت في كل الاتجاهات، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وكانت اصدق واغرب واعجب واخطر كل رحلاتي هي التي قمت بها داخل خيالي، ولق رايت في يقظتي حلما، وكان هذا الحلم اكبر من ليلة واحدة او من ليلتين، لقد كان بعمق الوجود وبسعة الحياة وبعمق التاريخ، ولقد خاطبت في هذا الحلم العقول، وخاطبت الأرواح، وخاطبت النفوس اولا، ولقد كان حلمي هذا غامضا ومبهما في بداية الأمر، ولكنه اخذ يتضح شيئا فشيئا مع توالي الايام والأعوام، ولقد اقترحت على الناس فنا مركبا، يليق بهذا العالم المركب والمعقد، وقبله اقترحت فكرة، مجرد فكرة صغيرة، واختزلت هذه الفكرة في كلمة احدة، وكانت هذه الكلمة هي الاحتفالية، وظلت تلك الفكرة تتناسل وتتسع واصبحت لها ظلال ملونة، ولقد خرج من رحمها افكار أخرى كثيرة جدا، حتى أصبحت هذه الفكرة الصغيرة بحجم فكر كبير، أو بحجم مشروع فكري، وقد يكون من حقنا أن نقول اليوم، بأن هذه الاحتفالية، في عمرها الجديد والمتجدد هذا، اصبحنا لا تحتاجنا اليوم، كما كانت تحتاجنا بالأمس وقبل الأمس، وذلك عندما كانت تبحث لها ـ فقط ـ عن موطئ قدم على الأرض، وعن امتداد مكاني وزمني تمتد فيه وتحيا بداخله، ومن المؤكد، فإننا نحن الاحتفاليين الذين أصبحنا في حاجة إليها، وذلك باعتبارها عنوانا علينا، وباعتبارها فلسفة للتنوير العقلي، وباعتبارها دعوة للحضور في زمن الغياب والتغييب، وباعتبارها دعوة للتلاقي في زمن الافتراق، وباعتبارها نورا وضياء في زمن الاحتراق، وباعتبارها ايضا دعوة للكلام والكتابة في زمن المصورين وزمن الصورة، وباعتبارها دعوة صادقة للإبداع في زمن الإتباع، ولسنا وحدنا من أصبح في حاجة إلى هذه الاحتفالية، من أجل البحث عن لحظة فرح، وذلك في فضلء أيام خالية من البهجة ومن الفرح ومن العيد والتعييد