بقايا فاجعة
بقلم الدكتورة هند صيدان، كندا 9 سبتمبر 2023، بقايا فاجعة، تم وصف زلزال المغرب ليومه الجمعة 8 سبتمبر 2023
تزلزلت الأرض، فاهتزت قلوب الناس،ماذا يحدث هنا وهناك؟ ماسبب هذا الارتجاج؟ الثلاجة تتحرك، ومائدة الطعام تتراقص لوحدها، أين باب الخروج؟
العقل يفكر، والقلب ينبض بسرعة والناس معظمهم نيام
يالهول المنظر، أين ابني، أخي، والداي؟ كنا مع بعض قبل قليل، لم نفترق. أين الهاتف؟ لماذا لايرن؟ أعتقد أنني نائمة وأحلم، هذا ليس الواقع، أرى يداي ترتجفان وقدماي ترتعشان وجسمي لا يحملني، أتساءل مع نفسي ولا أحد يتقاسم معي الحديث
في خاطري الكثير من الأحاسيس، فأنا حزينة، محطمة ولا أقوى على الحركة، أصف ما أرى وما لا أرى، أتخيل أشياء قد تحدث أو لا تحدث، أعيش تناقضا قويا يجعلني أبحث عن حقيبتي للسفر، أعتقد أنني أريد أن أخرج فقط من هذا المكان
خرجت لكنني لا أعرف كيف؟ هل مشيت أم زحفت أو قفزت، وجدت نفسي في شارع مكتظ بالناس، منهم جيراني وأصدقائي لكنني لم أتذكرهم جيدا، منهم من يبكي، ومنهم الصامتون والشاردون والمنهارون
سمعت صوتا يناديني، لم أستجب، وكأنني نسيت اسمي من أثر الصدمة، اقتربت مني سيدة، فخصتني بالحديث قائلة: صديقتك تريد التحدث معك،تتصل بك من كندا، استغرق مني الوقت كثيرا لأتذكرها وأستحضر اسمها في ذاكرتي، فهزات الزلزال أقلقت تفكيري وشوشت ذهني، أجبت السيدة قائلة، نعم، نعم، من فضلك أعطيني الهاتف للتحدث مع المتصلة، فذاكرتي لا تحتفظ بالمعلومة التي تلقيتها للتو، من آثار الصدمة
أجبت، فإذا بصديقتي المتصلة تشاطرني اضطرابي، فبدأت أواسيها،باعتبارها الغائبة جسديا والحاضرة ذهنيا ونفسيا،طلبت مني الإطمئنان عن عائلتها،فإذا بي أركض متجهة نحو بيتهم، لماذا أصبحت المسافة بعيدة، تقول، أسرعي من فضلك،أجبتها، لا تقلقي، والدتك بخير نوعا ما، هي ترتجف من أثر الاهتزازات الأرضية، تشعر بهبوط في السكر، لكنها ستصبح بخير، لا تقلقي، ووالدك، أنظر إليه الآن، يبدو وكأنه تائه، شارذ الذهن ويحاول استيعاب ما يحدث، يبحث عن مفتاح سيارته ليصحب والدتك ويذهبان إلى ساحة بعيدة عن البنايات، ارتاحي
طلبت مني أن أبقى معها قليلا، وأصف لها ما أرى، رفضت أن تقفل الهاتف، فواسيتها بدوري وقلت لها
لا تذرفي دموعك ولا
تنزفي جروحا فكفى
ما حل بك من أسى
لم تعرفى معه الهنا
اتركي الزمن يرمم
آثار الزلزال ويكلل
صبر الناس وأنينهم
فما الفواجع إلا قدر من الله لهم
٠