(in time) : الشريط السينمائي
الفيلم امتداد للأفلام الجادة والجريئة التي أخرجها السينمائي النيوزلندي نيكول أندرو
فيلم سينما (in time) قد يكون هذا الفيلم امتدادا للأفلام الجادة والجريئة التي أخرجها الفنان النيوزلندي نيكول أندرو. وهو الخيال العلمي، حيث يجعل من الزمن أو الوقت الرأسمال الحقيقي) للبشرية، من خلال التعامل في الشراء والبيع بواسطة الزمن وليس بالنقود. لذلك فالمخرج يدخلنا في فانتازيا عسيرة على التفسير، فقد جعل العمر الزمني للإنسان يتحدد بخمس وعشرين سنة، وبعدها سيموت. وكل شخص يعيش وفق ما هو مُسجّل في الساعة الرقمية التي تبدو في ذراعه. ووفق هذه الشحنة في الزمن يبدأ الصراع من أجل ربح الوقت، لذلك يلجأ الأقوياء والأثرياء (اكتناز) الزمن عن طريق سرقته من الفقراء والفئات المهمشة وإضافته إلى ساعتهم الزمنية، فيعيشون قرونا، على حساب بقية الشعب الذي يضطر إلى بيع سويعات وأشهر، وربما سنوات من عمره من أجل أن يدفع متطلبات الحياة في النقل والعمل والدراسة والسكن، لذلك تنطفئ حياتهم بسرعة. كما أن العمر البايولوجي يكاد أن يختفي، فنجد أن فرق عمر الأم عن ابنها ثلاث سنوات فقط، كما حدث لبطل الفيلم الشاب (سيلز)، والذي يحاول أن يلتقي بأمه، فقد أرادت أن تستقل الحافلة، ولكن السائق قال لها بأن أجور الحافلة هو ساعتان من العمر، ولكنها كانت تملك ساعةً ونصف فقط، ولم يتدخل أي من الركاب لمنحها نصف ساعة من عمره، فتضطر أن تجري هذه المسافة الطويلة، وقبل أن تلتقي بولدها بخطوات تنتهي دقائق العمر، فنسقط ميتة بين ذراعه، وهو عاجزٌ أن يسقيها ببعض الوقت، كي تعيش زمنا إضافيا. ولعل هذا المشهد من أكثر مشاهد الفيلم قدرة على إيصال رسالة الفيلم، التي تدعو إلى نبذ استغلال الإنسان، والذي أصبح يعيش وفق ضوابط زمن العرض والطلب، وزمن البيع والشراء. بعد موت أمه يذهب إلى البار، وهناك يكتشف بأن هناك شابا يمتلك قرنا زمنيا من العمر، وعصابة تبحث عنه للاستيلاء على سنواته، فينقذه سيلز، ولذلك فإن هذا الشاب يحوّل سنوات عمره إلى منقذه سيلز، وينتحر بعد عزوفه عن مواصلة الحياة. ورغم جوانب الإثارة الهوليودية في الفيلم، والعنف الذي تخلله. ومشاهد الأكشن والتي تجلت في المطاردة في السيارات التي تحبس الأنفاس، ولكن هذا لم يمنع توّهج الفيلم وإبرازه جوانب رمزية هادفة، ولاسيما صراع سيلز مع إمبراطور البنوك الزمنية والذي يحتكر الزمن لنفسه ولبطانته، لذلك فيستطيع سيلز على الطريقة الهوليودية أن يربح في كازينوهات القمار زمنا يصل إلى القرن، من زعيم المافيا، ثم يختطف ابنة سيلفيا ويز، للضغط عليه، تلك الفتاة الفائقة الجمال والتي شعرت بأنه مختلف عن أبيها، فأحبته وتعاونت معه على الوصول إلى ( بنك الوقت) ففتحوا الكبسولة السرية ليستولوا على سبائك الزمن ، وتم توزيعا على الناس الفقراء من أبناء الأحياء المهمشة. لقد كان المخرج نيكول آندرو، وهو في نفس الوقت كاتب القصة والسيناريو أن يتصدى إلى النظام الرأسمالي العالمي الذي جعل الناس يقدمون ما يمتلكون من حياتهم وعمرهم من أجل بقاء موقت، لأن جشع الطبقات المتنفذة استولت على كل شيء. من ناحية أخرى حينما تشاهد هذا الفيلم، نشعر بالكثير من الألم لأننا لم نستثمر (ثروة الزمن) المُتاحة لنا، وضيعناها في التفاهة، ولم نعلم بأن الزمن هو الثروة الحقيقية التي نمتلكها، فاذا استطعنا تقنينها والاستفادة منها، فإننا سننتصر في تحقيق إنسانيتنا
رحمن خضير عباس