ظهرت في الاحياء الشعبية البيضاوية هذا الصيف عربات تسوق البطيخ الاحمر بالقطعة، عليها اقبل المستهلك الظمآن يلتهم القطع المغرية بحماس. هذه البدعة تشاهد لأول مرة، قد لا تكون ظاهرة متسعة، ولكن لكل امر مبتدأ
من المعتاد ان يتفاخر الرجل بحجم الدلاحة، ووزنها وشقها الطولي الغامق وطعمها المفترض.. اما الاكتفاء بكسرة يأكلها على عجل مقابل درهم زهيد، فذاك تحول جذري في العادات الاستهلاكية المرعية من اجيال واجيال.. فذلك يقول ان شيئا ما ليس على ما يرام لا يتعلق الامر بشح في المعروض، بل يتعارض مع حجوم الانتاج الواسعة من هذه الغلة الصيفية.. هل يتعلق الامر اذن بتآكل وبيل للقدرة الشرائية واستشراء الفقر والغلاء واعطاب العملة تآكل قدرتها الابرائية…? اغلب الظن ان لهذه العوامل وغيرها نصيب في استشراء ظاهرة التقسيط الاصغر التي طالت البطيخ بعد ان اجتاحت مروحة واسعة من المقتنيات بدءا بالسجائر والمسكنات الخفيفة وزيت الزيتون والقهوة السريعة… دون ان تقف عند التجهيزات المنزلية ووسائل الركوب الفقر او الفقير
في احصائية تبدو منطقية اليوم. يعتبر 45% من السكان في عداد الفقراء ذاتيا. يمس الفقر جميع الطبقات الاجتماعية بمستويات مختلفة. هل هم ممن يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف
اكيد ان الامر يتطلب تعريفا علميا يمكن الرجوع اليه لتعريف الفقير. وان يكون مقبولا ويمكن اعتماده لتأصيل مفهوم.. الاسرة المؤهلة لتلقي الدعم الاجتماعي.. اي الشريحة المتسعة باضطراد لتقارب نصف الساكنة. ولأن مفهوم”الفقير ” معق وغير دقيق ومراوغ احيانا.. فلا غرابة ان يتأخر انجاز السجل الاجتماعي الموحد الذي سيخول لاحقا تحديد اهلية الاسر للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.. وفق معايير صارمة تحدد هويته. بصمات وقزحية وصورة بيو مترية…ويجوز ان تعزز لائحة هذه المعطيات بنصوص تنظيمية إذا اقتضى الحال ذلك. كل هذا الجهد الجبار والمكلف والمتمدد، لا مفر من بدله قبل استكمال منظومة استهداف المستفيد المفترض (القانون18.72) وحتى دون ان ينعت بالصفة. فقط الاسر المؤهلة. وطبعا كل هذه الجهود تتعلق بالسجل الاجتماعي وليس بدعم الاعاشة وحفظ الرمق ذاته. المعلوم ان القانون 72-18 دخل حيز التطبيق اواخر السنة الماضية والعمال جار لإحصاء الراغبين في الاستفادة من الدعم.. قبل فتح مظروف التعويضات العائلية بحر هذه السنة، والتي بعدها ” حسب التوجيه الملكي في الخطاب الافتتاحي للسنة التشريعية 2020-2021 والذي كرسه القانون الإطار 21.09 المتعلق بالحماية الاجتماعية
الخلاصة.. ان الفقر يسابق ترتيبات هذا الورش الواعد والثوري. ورش التعويضات العائلية للمحتاجين وهم ليسوا قلة. ويخشى لن يسبق الاول الثاني إذا استحضرنا تأخر تفعيل منظومة الاستهداف الاجتماعي لأسباب عدة، مؤسسيا، تشريعيا، وتدبيريا.. وارتباط هذا الاخير بشروط التمويل الحاسمة غير المكتملة وخصوصا اصلاح نظام المقاصة. ناهيكم عن المناخ الدولي غير المؤاتي، الذي يفاقم الاوضاع ويضيق من هوامش مناورة الازمات التي لا تأتي فرادى.. ما يحتم اغلاق أكثر من ثغرة وحمل اكثر من بطيخة. والله المستعان ابو حسين
Related
Zahra
زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية
المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام
Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian
Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French)
هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة
كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر
رابط الموقع: Alwanne.com