النقد التّشكيلي حلقة ضعيفة في المشهد الفنّي بالمغرب

النقد التّشكيلي حلقة  ضعيفة في المشهد الفنّي بالمغرب
لوحة للتشكيلي أحمد جاريد
أحمد جاريد

التكنولوجيا الرقمية أصبحت في صميم العمل الفنّي          

  الفنان والفيلسوف الشاعر أحمد جاريد أحد الشخصيات البارزة في المجال التشكيلي المغربي، ينتمي إلى الجيل الثالث من الفنانين المغاربة، يحمل في جعبته عقودا من التجارب المتنوعة في المجال الفني والثقافي بامتياز. يعرض بدار الفنون تحت إشراف مؤسسة المدى البيضاء أعماله الفنية حتى نهاية الشهر القادم
المعرض يحمل عنوان “الفن والبعد الروحي” نماذج من حصيلة تجربة الفنان جاريد الطويلة منذ 1974 إلى اليوم، بدءًا من مرحلة السواد التي تلتها مرحلة البياض، ووصولًا إلى الأعمال التشخيصية، اشتغل أستاذا لمادتي علم النفس التربوي والفلسفة، وعمل بمدرسة الفنون الجميلة، وهو محاضر أكاديميً حول فلسفة الفن، وهو عضو بالعديد من الجمعيات الثقافية. استضافته ألوان لدردشة مميزة حول مساره الثري بإبداع متنوع المناحي، قراءة ممتعة للجميع
 الحرب في شرق أوروبا مستعرة هناك ومنها تقذف بفواجعها في كل الاتجاهات. الآن وبالتزامن تعرض في هذا الفضاء الهادئ، هل تستحضر الشتاء النووي؟ هل تمحوه أو تثبته أم تحتار في أمره؟
ما يقع بين أوكرانيا وروسيا أو لنقل بين حلف الناتو وروسيا لا ينبغي أن يحجب عنا ما يقع في اليمن وفي سوريا وباقي الجغرافيات الملتهبة التي ترتبت عن تدخل أمريكا سواء مباشرة أو بالوكالة وتدخلات إيران كذلك. فالحروب هي السّوق الأساسية لتجّار الأسلحة، فبدون حروب ستعيش كساداً. هذا فضلاً على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية وتأمين المواد الأولية للصّناعات الغربية. وليس المجال هنا للتوسّع في مثل هذه المواضيع.  لكن الذي يتّصل بسؤالك هو: ما علاقة الفن بكل هذه التوتّرات؟
الفن لا يولد في مجرّة خارج ما يحدث أمامنا، بل إن التّجارب الفنية تتأثّر بمشاهد العنف وهدر حقوق الناس وبالمجاعات والأزمات المترتّبة عن الحروب وتدخّل القوى العظمى.  فالفنّان هو بالضّرورة مفروض أن يكون حارساً لتلك القيّم الإنسانية ولو أن وظيفته الأولى هي جمالية. هكذا نلاحظ أن تجارب فنيّة كثيرة لا تخلو من تعبيرات تستنكر الاعتداءات التي يتعرض لها الإنسان سواء ذات طبيعة دينية وروحية أو اقتصادية واجتماعية أو عنصرية 
الفن الرّاقي لا ينفصل تقديره المعنوي عن تقديره المادي. أيهما ساهم في سير عرض أعمالك في هذا الفضاء المرموق؟
التقديران، المعنوي والمادّي، كلاهما يسيران معاً، ربما ليس بنفس السّرعة، لكن الواحد منهما في حاجة للآخر. فالنقد الفني والكتابات الصحفية وانطباعات الجمهور يدخل في التقدير المعنوي الذي يؤثر على الفنان سواء إيجابياً أو سلبياً كما يؤثر على التقدير المادي نفسه الذي يتصل بسوق الفن وطلبات أروقة العرض وقاعات المزاد العلني. لكن على الفنّان أن ينتبه لمثل هذه الطلبات، وخطورتها تكمن في أنه كلما زاد في الاستجابة لما يطلبه الجمهور كلما عرّض بحثه الفنّي للرّكود، في حين أن المشروع الفنّي يتطلب التجديد
فقدت ساحتكم روّادا كثيرون، في هذا الجو المحزن، كيف ترى حالة الفن المعاصر حالياً؟ وهل يمكن توقع اختراق رقمي لهذا اللون من التعبير يهزه في العمق؟
التكنولوجيا الرقمية أصبحت في صميم العمل الفنّي. حتّى أن هناك تعبيرات فنّية تستعمل هذه التكنولوجيا حصرياً مثل “الويب آرت” وفن الفيديو وغيرها وباتت معارض ومهرجانات مختصّة في هذا اللّون الرّقمي وأصبحت مادةً قائمة في مدارس الفنون الجميلة. وهو أمر طبيعي لأن الفنّ ابن بيئته ومن الطبيعي أن ينبهر الشّباب بهذه التقنيات المُغرية. لكن في اعتقادي أن مبدأ التمكن من قواعد الرّسم والتّعبير أمر أساسي وضروري وبعد ذلك يمكن اختيار طريقة رقمية أو غير رقمية
ومن الآثار التي بصمت اليوم العمل الفنّي هو إشكالية تعريف جديد لمفهوم العمل الفنّي. خاصة أمام الفن العابر éphémère  وإشكالية المحافظة المتحفية عليه وكيفية استفادة هواة الفن منه في بيوتهم وغير ذلك من الإكراهات التي تعترض الفنون الرّقمية
التشكيلي والفيلسوف لا يشقّ عليه أن ينعطف في اتجاه الإبداع الروائي أو غيره، ماذا عن الرواية؟ وهل هناك مشروع لروايات قادمة؟
هناك رواية جديدة قيد الطّبع في بيروت، ستكون جاهزة للمعرض الدولي للكتاب في مستهلِّ الصّيف القادم بالرباط. وأشتغل على مشروعين آخرين سأنتهي منهما مع متم 2023 إذا سارت الأمور كما أريد
لدينا الكثير من دور النشر المغربية: لماذا اخترت لبنان لنشر الرواية المقبلة؟
الناشر مغربي ومقره بالمغرب لكنه يختار الطبع في لبنان لأسباب تخصه
كيف تُقيِّم النّقد التّشكيلي تجاه ما تشهده السّاحة من أعمال اليوم؟
النقد التّشكيلي هو الحلقة الضعيفة في المشهد الفنّي في المغرب، بل وحتّى في العالم العربي. فهو أقل تناولاً من النّقد الأدبي مثلاً. فهناك أطروحات وكتابات تعالج التجارب الأدبية لكن المشهد التّشكيلي يعاني من متابعة احترافية للإبداع الفني. ولا يمكن تَخطّي هذا الفراغ إلاّ بالاهتمام بالتعليم الفنّي والعمل الأكاديمي في صورة معاهد وكليّات الفنون ومنح دراسية وهو أمر استراتيجي موكول للدّولة في شخص وزارة التّعليم العاليا
المعرض الحالي هو بمثابة بيوغرافيا تشكيلية مرئية لأحمد جاريد: حدثنا عن هذه التجربة
هذا المعرض هو معرض استعادي بدعوة من “مؤسسة المدى” يستغرق شهرين، أقدم فيه تجربتي منذ البدايات، أي منذ مرحلة السّواد ثم المرحلة البيضاء. ونهدف من وراء عرض هذه التجربة فتح نقاش حولها من أجل تقييمها. والأمر عندي لا يعني أنها مرحلة أخيرة وإنما محطة للتّأمل، لذلك ستنظم ندوات ولقاءات على هامش المعرض يضم مفكرين ونقاد وشعراء وفنانين
علمت أنك تكتب الشعر أيضا: هل لك أن تتحف قراء ألوان بإحدى قصائدك؟
كل ما كتبته من أشعار لم يصدر في ديوان، بل في مواقع فقط. قد يأتي وقت أنشر فيه هذه التجربة

ما سِرُّكَ أيُّها الحُبُّ؟
وديعة من ودائع الله لِمَنْ يَسْتَحِقُّها مِنْ خَلْقِهِ
ما سِرُّكَ أيها الخَلْق؟
أحْلامُ مَنامٍ في اليَقَظَة عَساكَ تَفْقَهُ طَرائِفَ وُجودِك
ما سِرُّكِ أيَّتُها اليَقَظَة؟
مُخٌّ بِمِنْقارٍ يَنْبُشُ في الشَّكّ
ما سِرُّكَ أيُّها الشّكّ؟
هَريسَةٌ بَيْنَ حَجَرَيْ رَحَى وَالصَّدُّ كُرَةُ شَوْكٍ في الأحشاءِ
مَعنى الدُّخولُ في الصَّدِّ
شَظايَا مِنْ زُجاجِ العِباراتِ المَكْسورَة والخُروجُ مِنَ الاعتذار مفقوداً
ما سِرُّكَ أيّها الفُقْدان؟
خَيْبَةُ التَّعَلُّقِ الخُذلان، ونُكوصُ المُرْغَمِ غُصّتان

أحمد جاريد

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com