الجوع الكافر والمسؤولية الإجتماعية

الجوع الكافر والمسؤولية الإجتماعية
بقلم: أحمد البكري

إذا جاع مسلم فلا مال لأحد

أنت مسؤول، رجل سلطة، منتخب أو معين، يقف أمامك رجل بالغ عاقل يريد خبزا.. فقط. يلح عليك حتى تتأكد أن الرجل جاد تماما.. يزداد إلحاحه وتحتد نبرته حتى تزداد اقتناعا. عندها تنتابك الحيرة وتتساءل ما العمل؟ وما خياراتك المتاحة؟
في الواقع لا أحد في مثل هذا الموقف يملك خيارا معقولا.. أو رأيا أو إجراء… أكان استعجاليا أو مبيتا أو محنطا.. فتلك حالة نادرة جدا في مدينة عامرة تعيش في العصر الحديث … من هنا يقف المسؤول أو رجل السلطة أمامها غارقا في حيرته. ولولا ان الفيديو الذي أمسك باللحظة ووثقها، أصلي لم يتلاعب به مغرض، لما صدق أحد أن مسلما لا يجد في بيته رغيفا او ثمن رغيف … حالة نادرة ومخيفة تجمد الدم في العروق
مهلا…ففي تراثنا الإسلامي ودين الدولة ما يبدد بعض هذه الحيرة. نص مرجعي — إن شئتم — يمكن أن نسقط عليه الحالة الخنيفرية ونبني عليها شيئا ما.. جاء في الحديث: إذا جاع مسلم فلا مال لأحد. وفي رواية: إذا بات مؤمن جائعا فلا مال لأحد…! هذا الحديث الخطير في مضمونه يمكن أن يؤول على أكثر من وجه. ذلك أن جوع المسلم الذي يطالب بما يسد الرمق — الخبز في حالتنا — ينزع الشرعية عن الملكية لأي فرد من أفراد المجتمع أيا كان مركزه ومقامه وطبقته…لا مال لأحد. ومن ثمة فإن هذا الحق المقدس، لا يجب احترامه ولا تجوز حمايته. أي أن هذا المواطن الذي يقف أمام الأشهاد يشهر جوعه، كل يسقط كل شرعية عن حقوق الملكية حتى ينال كفايته من الطعام ويأمن ألا تتكرر الحالة…عندها يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها إن عادت!! وقد عزز النبي محمد(ص) بالحديث: أي أهل عرصة
 (لتكن بلدة مغربية مثلا) أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله. في تشريع ضمني لتأطير وضع حدي ومتطرف للمسؤولية الاجتماعية السليمة كما تنشدها المجتمعات الديمقراطية، فلا تجد سندا من عرف أو عقيدة لإقرارها وتقعيدها والإلزام بها لأن هذه الأحاديث (وهذين بالذات) التي يتعذر إنكارها لبلاغتها وبداهتها وقوة حجتها
تترك أثرا وتثير جدلا بقدر ما تحرج الكثيرين جدا … فإن علماء الشريعة لا يمكن أن تمر من تحت لحاهم هكذا دون مقاومة، لذلك طعنوا في هذه الطائفة من الأحاديث التي لا تخدم المصلحة. فأنكره ابوحاتم وضعفه الألباني. أما الحديث الأول (إذا جاع مسلم فلا مال لأحد) فقيل إنه ليس بحديث ولا وجود له في كتب السنة والآثار! (كيف وصل إلينا إذن)؟؟
فيما يخصني، وليس من باب التعلل بالعقيدة؛ فإنه –أي الحديث — حديث حسن ولو أنكره وضعفه كل فقهاء الزمان. لأنه في نظري من جوامع الكلم ولأنه يعكس الفطرة السليمة ويحض على التوزيع العادل للثروة ويلزم بذلك المجتمع والقائمين على تدبير الثروات، بالذات، أخلاقيا وسياسيا وعقائديا … حفاظا على حقوق أفراده الأساسية، واحدا واحدا، وتفاديا لأن لا يبيت أي امرئ في البلاد طاويا أو حزينا أو منقوصة حريته وكرامته

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية المديرة المشرفة على موقع صحيفة ألوان، باعتباره منبرا إعلاميا شاملا يهتم بهموم مغاربة العالم في الميادين الابداعية والثقافية، الاجتماعية والاقتصادية و التواصل والإعلام Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: يرجى إرسال المقالات في حدود ألف ومائتين كلمة كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر رابط الموقع: Alwanne.com