“كن رحيما” :شريط سينمائي قصير

“كن رحيما” :شريط سينمائي قصير

 شريط تحسيسي قصير يلامس ظاهرة التنمر

عبد الحق السلموتي

التنمر، هذه الظاهرة أو الآفة الاجتماعية، التي ما انفكت تنتشر وتتفشى، بين أطفالنا وشبابنا، داخل فضاءات المؤسسات التعليمية، حيث يتابعون دراستهم، أو في محيطها الخارجي. كثيرة هي الأسباب الكامنة، وراء شيوع هذا السلوك المنحرف، الصادر من لدن فرد، ضد زميل أو زميلة له. ويكاد الكل يجمع على أن تراجع كل من الأسرة والمدرسة، عن القيام بواجبهما، التربوي والتوجيهي، اتجاه الأطفال والشباب، الذين غدا الشارع مدرستهم الثانية، منه يستقون مجموعة من السلوكات غير السوية، ويتباهون ويتفاخرون، بنهجها وممارستها على بعضهم البعض، أو بالأحرى، على الأضعف منهم، أولئك الذين لا قدرة لهم على الدفاع عن أنفسهم.

من أجل تسليط الضوء على هذه الظاهرة، وتأثيرها السلبي والمدمر، على نوعية خاصة من الأطفال، الذين يعيشون ظروفا نفسية صعبة، جراء اليتم أو طلاق الوالدين، اختارت الأستاذة رشيدة العصري، أن يكون مشروع قسمها، لنهاية الموسم الدراسي الحالي، مع تلاميذها بالقسم الخامس ابتدائي، بمدرسة “نوتردام” التابعة لمديرية وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بعين السبع الحي المحمدي بالدار البيضاء. اختارت هذه الأستاذة المبدعة والمجدة، الصورة والحوار السينمائي، كوسيلة تعبر بها، هي وبراعمها الصغار، عن وجهة نظرهم اتجاه ظاهرة التنمر. بعد مراحل الكتابة الأولى، ثم الثانية والأخيرة، فالتمارين ومراحل التصوير وإعادة التصوير، جاءت النتيجة عبارة عن شريط تربوي قصير جميل، من نوع الدراما التربوية.

على امتداد سبع دقائق، أفلح أطفال الخامس ابتدائي، أبطال شريط “كن رحيما” في شد اهتمام وانتباه المشاهد، عبر قصة أسامة، الطفل اليتيم، الذي يتلقى التنمر، في محيطه المدرسي، من قبل زملاء له، بسبب اختلاف شكله، وبسبب كذلك، الصعوبات التي تعتريه، أثناء نطق بعض الكلمات، الشيء الذي يعيق مواصلته الحديث، بشكل طبيعي. وتتعمق وحدة هذا الطفل، جراء غياب والديه، لولا أن زميلين له من نفس فصله الدراسي، اختارا أن يخالفا طريق زملائهم، وأن يكونا صديقين لأسامة. دافعا عنه، واحتضناه بدفىء إنساني كبير، بحيث أعادا له توازنه، وثقته في نفسه.

نهاية الشريط جاءت سعيدة، ومفعمة بالأمل، عبر مشهد دافئ، صفت فيه القلوب، واختفى التنمر، ليحل محله التعاطف، وبدل الرفض والإقصاء، حل التفاهم، وتقدير واحترام الآخر، ثم أزهرت بداية جديدة، كأنها حياة جديدة، انتصرت لقيمنا وأخلاقنا النبيلة، التي هي جزء لا يتجزأ من ثقافة مجتمعنا المغربي الأصيل.

من نقط قوة، هذا الشريط التربوي والتحسيس القصير، الأول في ربيرطوار معدته ومخرجته، هو اندماج الأطفال المشخصين، تلاميذها بالقسم الخامس ابتدائي، مع الأدوار التي تقمصوها بعفوية وتلقائية، كأن لهم سابق تجربة، مع التشخيص أمام الكاميرا. هذا الصدق في الأداء، جعل قلوب المتلقين، تنفتح لتلقي الرسائل التربوية، المتوخى إيصالها، والتعريف والتحسيس بها.

كاتبة سيناريو، ومخرجة الشريط القصير “كن رحيما“، بعد حصولها على شهادة البكالوريا، التحقت بمؤسسة الطاهر السبتي، حيث توجت تكوينها بها، بالحصول على دبلوم مربية، لتسجل في فترة لاحقة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن امسيك، حيث حصلت متم الموسم الدراسي 2022-2023، على الإجازة في فلسفة التواصل. وكان بحث تخرجها، حول “الجماليات لدى كانط والرومانسيين“. وبالموازاة مع الإجازة، ومن الكلية ذاتها، حصلت كذلك على شهادة في علوم التربية. توازي الآن رشيدة العصري، بين عملها كمدرسة لمادة اللغة العربية، بسلك الابتدائي، بالتعليم المدرسي الخصوصي، و بين شغفها الجمعوي، الموجه للطفولة، في البدىء والمنتهى .

Zahra

زهرة منون ناصر: صحفية مغربية كندية :مديرة موقع صحيفة ألوان: منبر إعلامي شامل يهتم بالأدب والثقافة ومغاربة العالم. Zahra Mennoune: Journalist Morocco-Canadian Responsible of publishing the Website : (Alwane "Colors" ) in Arabic language. (French) هام جدا: كل المقالات و المواد التي تصل ألوان تراجع من قبل لجنة االقراءة قبل النشر، ولا تعاد إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر. رابط الموقع: Alwanne.com للتواصل :jaridatealwane@alwanne.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *