هدية من السماء..

حوار بيني وشبيهي
اسيقظت مذعورا من نومي، بعد ان أوقف سجل أحلامي ، شخص يشبهني ويختلف عني في نفس الوقت .فدار بيننا الحوار التالي :
– من تكون ، يا هذا ؟
– أناك الآخر هو أنا ، فلا تفزع أو تنزعج . لقد جئت أحمل لك جوابا عن السؤال الذي قض مضجعك.
– وما شأنك أنت ؟ (قلتها مبتسما ) .
أنا أحاورها دواخلي، كلما هزني الحنين لذلك ، ولا أبتغي غير معرفة أين تكمن سعادتي؟ .
– عندما سألت نفسك عن “ماهي السعادة ؟ ” أو “هل أنت سعيد ؟ “، أصبتني بالدهشة ، يا أنا وجعلتني أعيش لحظات ارتباك سريع ومسترسل ،
واستخلصتُ أنك ولا شك عاجز عن تصيد الإجابة المقنعة والعقلانية . فتحركت في محبة ذاتي التي أنت صورتها الأصلية ولأني لم أكن أعتقد أنك وفي وضعيتك هذه لازلت سجين سؤال دونته في دفاتر عمرك الذي ينفلت منك بتؤدة !
ثم أَوَ لا تعلم أيها ” اللطيف ” بعد كل تقلبات حياتك، إن كنت سعيدا أم لا، ولا حتى أين تكمن سعادتك؟
فأعلم يا أنا… أن سعادتك تكمن في لطفك المشبع بنعومة رفيقة عمرك ، وتناغم أيامك … سعادتك كامنة في تائك المتحركة التي تُجَدِدُ فعلك، وتبقى متصلة لا منفصلة أو مستترة ، غير ساكنة و لها محلها القوي من الإعراب …
سعادتك ، يا أنا هي كتابة خواطرك وتزداد كبرا عندما ترددها في حضرتك قارئة فنجانك بطريقتها الأخاذة المتميزة وصوتها المثير وانتباهها العميق، فتضيف للمعنى عمقا وللجملة لونا وللصيغة لحنا فتثلج الأفئدة وتدفئ القلوب معها وبها …
سعادتك تكمن في كل وجبة تعدها وتشرف عليها ربة بيتك وسيدته، بكل إحساس وذِوَاقِية فتعطي للمذاق نكهة خاصة، تجعل الشهية منفتحة شهية، فيشدو القلب عشقا وهياما ….
سعادتك في تحقيق إشباعك العاطفي والفكري واللغوي …فيزداد عشقك للقراءة، لدرجة جنون قيس بليلاه فتهيم في رحاب ونبض اللغة الحية والفكر الهادف، ويأتيك فعل الكتابة محركا لسواكنك، ويغير ما بدواخلك و يُغْنِي فلسفتك ويسمو بها في مدارج الحياة …
وما أن انتهى ” شبيهي ” من الحديث، حتى وجدتني أتصبب عرقا، هامسا في سكون الليل البهي، كم أنا سعيد بك ومعك ومن أجلك يا أناي الآخر، وسأظل سعيدا بكل قراءة تؤهلني لمعرفة وفهم الآخر في أبعاده وتلاوينه المتعددة ، وكم سأكون سعيدا عندما أرسم الإبتسامة الصادقة بكل تلقائية على وجه ذاك الآخر وتكون نابعة من القلب فأعتبرها لي وله ولها ، هدية من السماء…
وتستمر هذه السعادة عندما أغمض جفني ، مستسلما لنوم مريح ، وأستيقظ فرحا منتعشا ببياض الصباح ونسائمه العطرة …
وأعتقد أن منبع السعادة سيظل فياضا ، ما دمنا ننعم بما هو حاضر فينا وبيننا ،
سرحان عبد اللطيف